اصداراتبيانات صحفية

المفوضية المصرية للحقوق و الحريات تحذر الحكومة من التمادي في العودة للتطور الرث على طريق التبعية في إعداد ميزانية 2016/2017

قبل عرض الحكومة برنامجها على مجلس النواب
المفوضية المصرية للحقوق و الحريات تحذر الحكومة من التمادي في  العودة للتطور الرث على طريق التبعية في إعداد ميزانية 2016/2017
9 مارس 2016
نشرت اليوم المفوضية المصرية للحقوق و الحريات دراستين عن التوجهات الإقتصادية و المالية في مصر بناء على قراءة لميزانية  2015/2016 و ذلك قبيل إعلان الحكومة عن برنامجها أمام مجلس النواب في 27 مارس 2016 و بعد قيام وزراة المالية بتوزيع منشور إعداد الموازنة العامة للدولة 2016/2017.
تهدف الدراستان بعنوان “الموازنة العامة للأزمة 2015/2016 – بين استرضاء الخارج و الضغط على الداخل و العودة للتطور الرث” و “الموازنة العامة للدولة 2015/2016 و تأثيرها على فجوة النوع الاجتماعي في مصر” إلى التحذير من السير في إعداد الموازنة العامة القادمة 2016/2017 على خطى  الموازنة العامة السابقة. حيث عبّرت ميزانية 2015/2016 عن إدارة غير رشيدة للإقتصاد المصري و كانت بمثابة ميزانية الأزمة الإقتصادية.
تؤكد المفوضية المصرية للحقوق والحريات على أن الموازنة العامة للدولة 2015/2016خالفت المادة 27 من الدستور المصري وكان الهدف منها أن يعبر النظام الحاكم  حدود الأزمة الإقتصادية و السياسية التي تعيشها مصر. فقد  عكست تلك الموازنة  توجهاته نحو إعادة إنتاج نظام ما قبل 25 يناير 2011 عن طريق إسترضاء الخارج ومؤسساته المالية والتمويلية مع الضغط على الداخل خاصة على طبقات الفقراء والأشد فقراً، و إعادة تدشين معادلة التطور الرث للإقتصاد المصري من خلال إغفال  عدالة توزيع الدخل.  يؤدي ذلك إلى استمرار  إنتاج الاستقطاب الاجتماعي و يفاقم الثروة من جهة و الفقر من جهة أخرى عبر التبعية الإقتصادية. فقد استخدم النظام الأدوات النقدية و المالية و الإقتصادية و طوعها بهدف  إخراج توجهاته للتطبيق فكانت موازنة الدولة 2015/2016 موازنة عامة للأزمة تلفيقية من حيث الأسس و التي تم بنائها لموافاة متطلبات الخارج وهو ما أفرز قرضي البنك الدولي وبنك التنمية الافريقي.
وعكست الموازنة بدء إتخاذ إجراءات تقشفية تتطلب التضحية بحقوق طبقات إجتماعية لصالح فئات أخرى يعتقد النظام أنها تساعده في تحقيق معادلة “الخارج والداخل”. و يعتقد أن الطبقات المضحى بها يمكنه التعامل معها في إطار غير إقتصادي، مثل التعامل الأمني، و “بالمسكنات”، لكن لن ينقذ ذلك مصر من أزمتها الإقتصادية الحالية.
و للتدليل على ذلك حللت الدراسة الأولى ميزانية 2015/2016 و توصلت للآتي:

  • خرجت الموازنة العامة 2015/2016 في غياب توافق بين أعضاء السلطة التنفيذية بالدولة، سواء الحكومة أو البنك المركزي أو الرئاسة، في شأن توجهات الدولة في المرحلة المقبلة و تسبب ذلك في تغييرات على مستوى تشكيل الوزارة و محافظ البنك المركزي المصري.
  • أشارت مؤشرات الشفافيةوالمسائلة و”المشاركة في الإعداد و الرقابة للبرلمان وهيئة مراجعة عليا” وفق منظمة “شراكة الموازنات الدولية” إلى تدني تصنيف مصر في هذه المؤشرات حيث حازت المركز الـ 90 ضمن 102 دولة و بالتالي حازت مصر تصنيف “دولة تقدم بيانات غير كافية أو لا تقدم بيانات”.
  • إستهداف وصول العجز الكلي إلى ما بين 8% و 6% خلال العام المالي 2018/2019 دون الأخذ في الحسبان أي منح أو مساعدات إستثنائية خلال الأعوام القادمة و هذا طموح يرضي الأطراف الخارجية بشكل خاص كما يرضي طبقات الدخل المرتفع “الأغنياء” في الداخل لإرتباطهم بمحددات الإقتصاد العالمي. ولكنه يضر بشكل أساسي بطبقات الدخل المنخفض “الفقراء” ومعدومي الدخل “الأكثر فقراً”، حيث سيكونان الأكثر تعرضا ً لدفع مقابل محاولة تنفيذ تلك التوجهات التقشفية.
  • إجمالى الديون العامة الداخلية والخارجية بلغت فى نهاية عام 2014 نحو 2217 مليار جنيه. ويبلغ متوسط نصيب الفرد من المصريين المقيمين فى مصر منها نحو 6 ألف جنيه. و يتوقع مشروع الموازنة العامة للدولة 2015/2016 أن تصل الديون العامة إلى 2613 مليار جنيه فى نهاية العام المالى فى 30 يونيو 2016 مما يعكس تزاسد الأزمة المالية.
  • تقدر الأجور وتعويضات العاملين في الموازنة العامة للدولة 2015/2016 بنحو 1 مليار جنيه أي 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي و ذلك لنحو 6 مليون موظف بأجهزة الدولة بزيادة قدرها 10,9 مليار جنيه أي بنسبة زيادة 5.2%. و مع الأخذ في الإعتبار أن معدل التضخم 10.3% وفق تقارير البنك المركزي المصري في سبتمبر 2015 فإن قيمة الأجور الحقيقية تتناقص.
  • تشكل فوائد القروض نسبة 2% من إجمالي الإعتمادات المخصصة للمصروفات في موزانة الدولة بمبلغ 244 مليار جنيه و التي تمثل خدمة الدين العام الذي وصل الى نحو 2.2 ترليون جنيه بنهاسة ديسمبر 2014.
  • دعم السلع التموينية في موازنة العام المالي 2015/2016 نحو 751 مليار جنيه و بإنخفاض قدره 2.977 مليار جنيه عن النتائج المتوقعة للعام المالي السابق.
  • دعم المواد البترولية في موازنة العام المالي 2015/2016 نحو 703 مليار جنيه بإنخفاض قدره 8.514 مليار جنيه عن النتائج المتوقعة للعام المالي 2014/2015.
  • دعم تنمية الصعيد في  موازنة العام المالي 2015/2016 نحو 200 مليون جنيه، والمثير للإستغراب أن بند دعم تنمية الصعيد دائما ما يوضع له مخصص في مشاريع الموازنات، ولكن في الحسابات الختامية تجد أن ما تم إنفاقه في النهاية هو صفر.
  • الدعم المقدم لبرنامج الإسكان الإجتماعي في موازنة 2015/2016 نحو 2 مليار جنيه مقابل صفر وهي قيمة النتائج المتوقعة للعام المالي 2014/2015 في حين أن المستهدف في موازنة نفس العام بلغ 150 مليون جنيه، مما يعني عدم صرف أي شئ من ذلك المخصص. والجدير بالذكر أنه وفقا للبيان المالي لموازنة 2015/2016 فقد تم إدراج ذلك المخصص (2 مليار جنيه) لدعم صندوق الإسكان الإجتماعي مقابل أيلولة فائض هيئة المجتمعات العمرانية للخزانة العامة (وفقا للقرار بقانون رقم 65 لسنة 2015 والخاص بربط موازنة الهيئة للعام المالي 2015/2016 فإن ذلك الفائض يبلغ 8 مليارات جنيه).
  • تبلغ تقديرات المصروفات الأخرى في موازنة العام المالي الحالي نحو 8 مليار جنيه و بنسبة زيادة قدرها 11.6% عن متوقع العام المالي 2014/2015 والبالغ 49.1 مليار جنيه. والجدير بالذكر أن أهم مصروفات ذلك الباب هي تقديرات الدفاع والأمن القومي، واعتمادات الجھات ذات السطر الواحد مثل القضاء والمحكمة الدستورية بالإضافة إلى مصروفات الضرائب والرسوم والتعويضات والغرامات وكذا الاشتراكات الدولية. و تحصل القوات المسلحة  على معظم مخصصات ذلك الباب، ويأتي مخصص ذلك الباب دائما كرقم واحد في الموازنة بدون ذكر أي تفصيلات أخرى
  • المخصصات للإنفاق على قطاع التعليم في موازنة العام المالي 2015/2016 نحو 262 مليار جنيه بزيادة تبلغ 5.722 مليار جنيه عن متوقع 2014/2015 وبنسبة زيادة قدرها 6%. بينما نسبة تلك الزيادة تبلغ 5% فقط في حال مقارنتها بموازنة نفس العام المالي 2014/2015 حيث بلغ المخصص لقطاع التعليم 94.355 مليار جنيه. وكنسبة للناتج المحلي الإجمالي، تبلغ نسبة الإنفاق على التعليم في  موازنة 2015/2016 للناتج المحلي الإجمالي 3.5% فقط ومن المفترض إنه مع العام المالي القادم 2016/2017 تصبح تلك النسبة 6% وفقا للدستور.
  • وبالنسبة للقطاع الصحي فقد بلغ المخصص للإنفاق على ذلك القطاع في موازنة 2015/2016 نحو 950 مليار جنيه بزيادة تبلغ 4.551 مليار جنيه عن متوقع 2014/2015 وبنسبة زيادة قدرها 11.3%. بينما لا تزيد تلك الزيادة عن 6% في حالة المقارنة بموازنة نفس العام المالي 2014/2015 حيث بلغ المخصص لقطاع الصحة مبلغ قدره 42.401 مليار جنيه. وكنسبة للناتج المحلي الإجمالي تبلغ نسبة الإنفاق على القطاع الصحي في  موازنة العام المالي 2015/2016 نحو 1.6% ومن المفترض أن تبلغ تلك النسبة العام المالي المقبل 2016/2017 نحو  3% كنسبة للناتج المحلي الإجمالي وهو الأمر الذي يبدو بعيد المنال.

 
وتشير المفوضية إلى أن مثل هذه التوجهات التي تعكسها الموازنة العامة للدولة2015/2016 تعد تراجعا عن النزام مصر بتحقيق الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية للمصريين بشكل تدريجي كما جاء في العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية و الاجتماعية و الثقافية لسنة 1966. وينال الحصة الأكبر من هذه الإنتهاكات طبقات الفقراء والأشد فقراً في ظل ظرف إقتصادية وإجتماعية تزيد من تأثير تلك الإنتهاكات.
و عن الدراسة الثانية عن فجوة النوع الاجتماعي فقد خلت الموازنات العامة للدولة في مصر، ومنها الموازنة العامة للدولة 2015/2016، من التصنيف الرابع الهام بالنسبة لإعداد موازنات البرامج المستجيبة للنوع، وهو تصنيف “النوع الاجتماعي”، وتقتصر على تصنيفات اقتصادي – إداري – وظيفي. ينعكس ذلك على تصنيف مصر في التقرير العالمي للنوع الإجتماعي. فيصعب الوصول إلى أثر الموازنة العامة للدولة على قضايا النوع الاجتماعي، وهذا أمر إعتاد عليه معدو الموازات العامة منذ عقود.
أوصت المفوضية المصرية للحقوق والحريات بضرورة أن يتم وضع الموازنة العامة في إطار من المشاركة والرقابة الشعبية – بمراعاة النوع الإجتماعي – وفق قواعد الحوكمة و وفق المادة 27 من الدستور المصري وضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين المصرييين رجالا والنساء معاً. كما أوصت بضرورة إلتزام السلطات بتطبيق المادة 11 من الدستور المصري في إعداد الموزانات العامة للدولة والتي تنص على “تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأه والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسبا فى المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها….”.
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى