بيانات صحفية

بيان.. نطالب بتحقيق عاجل وشفاف في مقتل المواطن “محمود ميكا” داخل حجز قسم الخليفة ووجود آثار تعذيب.. ومحاكمة المتورطين

أسرة الضحية تكشف عن وجود آثار تعذيب وضرب وخنق على جثمانه.. وسجناء أكدوا تعرضه للضرب حتى الموت

april 2025 , 24

تطالب المفوضية المصرية للحقوق والحريات، بفتح تحقيق عاجل وشفاف في واقعة مقتل المواطن محمود محمد محمود أسعد، الشهير بـ “محمود ميكا”، وذلك أثناء فترة احتجازه يوم ١٠ ابريل ٢٠٢٥ داخل قسم شرطة الخليفة بمحافظة القاهرة٬ ومعاقبة جميع المتورطين في ارتكاب هذه الجريمة، ومحاسبة المسؤول عنها. خاصة بعدما كشفت أسرته عن وجود آثار ضرب وتعذيب على جسده أثناء تجهيزه للدفن٬ فيما جرى حجب تقرير الطب الشرعي عن أسرة الضحية ومحاميه.

ألقت قوات الأمن القبض على الشاب محمود محمد محمود أسعد – ٢٦ عاما ويعمل نجار مسلح – مساء ٦ مارس ٢٠٢٥ من أمام محل لبيع منتجات الألبان، بينما كان برفقة والدته، على يد قوة شرطية مكونة من ثلاثة ضباط بزي رسمي، أحدهم يُدعى أحمد الكردي، دون إبداء سبب قانوني للقبض، ودون إظهار إذن قضائي. تم اقتياده بالقوة إلى قسم شرطة الخليفة، ثم نُسبت إليه لاحقًا تهمة الاتجار في المخدرات، رغم أن محاميته لم تتمكن من رؤية الأحراز داخل القسم.

وفي يوم 10 أبريل 2025، توجهت والدة الضحية لزيارة ابنها بمقر قسم الخليفة، وتم إبلاغها بمنع الزيارة. إلا أن أحد أمناء الشرطة أبلغها بشكل مبهم بـ “الدعاء له”، مما أثار قلقها، إلا أن محاولاتها للاطمئنان عليه قُوبلت بالرفض والتضليل من قِبل ضباط القسم. لاحقًا، أخبرها مأمور القسم بوفاته بعد نقله إلى مستشفى المنيرة، دون تقديم توضيحات كافية.

ووفقًا لشهادات ذويه ومن حضروا عملية تغسيل الجثمان، فقد ظهرت على جثمان الضحية آثار تعذيب شديد، شملت آثار ضرب مبرح على الظهر يُعتقد أنه باستخدام خرطوم غليظ أو أنبوبة غاز٬ آثار ربط شديدة على اليدين والقدمين نتج عنها نزيف٬ علامات خنق حول الرقبة باستخدام فوطة٬ إصابات واضحة بالأذن اليمنى، الأنف، الركبة اليمنى، والعين اليسرى.

وأدلى عدد من المحتجزين داخل قسم الخليفة بشهادات أمام النيابة، أكدوا خلالها تعرض الضحية للتعذيب العلني أمامهم من قِبل ضباط وأمناء شرطة، وتحديدًا الضابطين “م. ش” و”م. س”، ما أدى إلى وفاته داخل الحجز. كما تم نقل جثمانه إلى زنزانة انفرادية بعد الوفاة، ومحاولة التستر على الواقعة حتى تاريخ 12 أبريل 2025. فيما أفاد عدد من الشهود، الذين تواجدوا مع محمود ميكا داخل الحجز أثناء واقعة تعذيبه، في تحقيقات النيابة العامة بأنهم تعرضوا لـ تهديدات مباشرة وغير مباشرة، شملت تهديد ذويهم وأفراد أسرهم، وذلك بهدف العدول عن الشهادة ضد الضباط في الواقعة، وتقديم روايات مزيفة تُبرئ المسؤول وتُلقي باللوم على الضحية.

تجدر الإشارة إلى أن عملية القبض على محمود ميكا يوم 6 مارس 2025 تمت دون الإفصاح عن سبب قانوني، ودون إظهار أي أمر قضائي يُجيز القبض عليه، وهو ما يُعد مخالفة صريحة لنصوص الدستور المصري، والقوانين المنظمة للإجراءات الجنائية، وكذلك المعايير الدولية للعدالة الجنائية. كما أن هذه الواقعة لم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها محمود للتوقيف؛ ففي ديسمبر 2024، تم القبض عليه على خلفية مشادة سابقة مع أحد الضباط وأمين شرطة من قسم الخليفة، بعد مشاجرة في الشارع تدخل فيها المارة. وبرغم صدور حكم بالبراءة في تلك الواقعة، إلا أن الضابط ذاته كان من بين القوة التي قامت بإعادة القبض عليه في مارس، مما يثير شكوكًا قوية حول دوافع انتقامية محتملة من قبل بعض عناصر القوة الشرطية تجاه الضحية.

وترى المفوضية أن واقعة وفاة “محمود ميكا” وما ظهر على جسده من آثار تعذيب وشهادات المحبوسين٬ تؤكد مخالفة عدد من القوانين المحلية والمواثيق والمعاهدات الدولية الموقعة عليها مصر٬ متمثلة في المادة 52 من الدستور المصري التي تنص على أن: “التعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم”. أيضا المادة 126 من قانون العقوبات المصري، والتي تُجرم تعذيب المتهم لحمله على الاعتراف٬ والاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب (التي صدقت عليها مصر عام 1986)، والتي تُلزم الدول باتخاذ تدابير فعالة لمنع التعذيب داخل أراضيها، وضمان التحقيق الفوري والمحايد في جميع مزاعم التعذيب، خاصة إذا أفضى إلى الموت.

وتجدد المفوضية مطالبها بضرورة فتح تحقيق عاجل وشفاف في واقعة وفاة محمود ميكا داخل قسم الخليفة، ومحاسبة المتورط٬ وتوفير الحماية الكاملة للشهود الذين تقدموا بأقوالهم أمام النيابة، إتاحة تقرير الطب الشرعي النهائي لعائلة الضحية ومحاميه، وتوثيق آثار التعذيب بدقة.

وتؤكد المفوضية أن السكوت عن مثل هذه الجرائم يكرس لثقافة الإفلات من العقاب، ويقوض أبسط معايير حقوق الإنسان. إن جريمة التعذيب حتى الموت ليست فقط انتهاكًا لحق إنساني أصيل، بل جريمة ضد الكرامة الإنسانية والحق في الحياة وضد الدولة نفسها إذا لم تتحرك مؤسساتها للردع والمحاسبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى