اصداراتتقارير-الحق في السكن

المفوضية تصدر ورقة بحثية بعنوان: “نظام الإيجار القديم والتحديات التشريعية والعمرانية في مصر”

المفوضية المصرية للحقوق والحريات تصدر ورقة بحثية بعنوان: “نظام الإيجار القديم والتحديات التشريعية والعمرانية في مصر”

تتناول هذه الورقة البحثية الإشكاليات القانونية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بنظام الإيجار القديم، وتستعرض تأثيراته المتراكمة على أطراف العلاقة الإيجارية. كما تقدم مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تحقيق توازن عادل بين حقوق المالكين والمستأجرين. وتُحذر الورقة من التهديدات المحتملة التي تمثلها بعض الجهات، مثل شركات الاستثمار العقاري والهيئات الحكومية الفاعلة في قطاع العقارات، والتي تسعى إلى الاستحواذ على المباني الخاضعة لهذا النظام، ما يهدد حقوق السكان والمالكين واستقرارهم.

——————————————————————–

تطلق المفوضية المصرية للحقوق والحريات ورقتها البحثية بعنوان “نظام الإيجار القديم والتحديات التشريعية والعمرانية في مصر”، والتي تتناول واحدة من أكثر القضايا العقارية تعقيدًا في البلاد، نتيجة تراكمات وتداخلات قانونية تاريخية أدّت إلى تشابك العلاقة بين الملاك والمستأجرين.

تقدّم الورقة قراءة شاملة لنظام الإيجار القديم في مصر، وتُحلل التحديات التشريعية والعمرانية المرتبطة به، من خلال دراسة الإشكاليات القانونية والاقتصادية والعمرانية التي نتجت عن استمرار هذا النظام. كما تتناول الورقة تأثيراته المباشرة على العلاقة بين المالك والمستأجر، وعلى سوق العقارات بشكل عام. وتُبرز الورقة انعكاسات هذه الإشكاليات على الاستقرار السكني للفئات المتوسطة ومحدودة الدخل، إلى جانب استعراض الأبعاد الاجتماعية والسياسية المرتبطة بالقضية، مثل خطر الإخلاء القسري، وأثر السياسات الحكومية على التحولات العمرانية في مصر.

يُعد نظام الإيجار القديم من الركائز الأساسية التي ساهمت في توفير الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لنحو 1.6 مليون أسرة في مصر، من خلال تأمين سكن ميسور التكلفة لشرائح واسعة من السكان. في المقابل، يمثّل هذا النظام عبئًا اقتصاديًا على عدد كبير من الملاك، الذين يجدون صعوبة في تحقيق استفادة عادلة من ممتلكاتهم بسبب تجميد القيمة الإيجارية منذ عقود.

ورغم الأثر الكبير لهذا النظام، ظل ملف الإيجارات القديمة عالقًا أمام القضاء لسنوات، دون تدخل تشريعي واضح يعالج اختلال التوازن بين أطراف العلاقة الإيجارية. وقد ساهم هذا الجمود في تعميق الفجوة بين القيمة الإيجارية القديمة وأسعار السوق الحالية، وأتاح الفرصة لظهور طرف ثالث — ممثّل في المستثمرين العقاريين — يسعى للسيطرة على هذه الوحدات، لا سيما تلك الواقعة في مناطق ذات قيمة عقارية مرتفعة.

في هذا السياق، تُبرز المفوضية المصرية للحقوق والحريات، من خلال هذه الورقة، ملاحظتها بشأن توجيه السلطة السياسية لكل من السلطتين القضائية والتشريعية. فعلى الرغم من أن القضية التي قضت فيها المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية مادتين من قوانين الإيجار القديم كانت منظورة أمام القضاء منذ أكثر من 26 عامًا، فإن الحكم لم يصدر إلا بعد تصريحات مباشرة من رئيس الجمهورية تُشير إلى ضرورة حسم هذا الملف، تلاها تحرك ملحوظ من مجلس النواب المصري. وتعرب المفوضية عن قلقها من ضيق المهلة الزمنية التي مُنحت للبرلمان لمعالجة هذه القضية، والتي قد لا تتيح المجال لإعداد تشريع متوازن يراعي مصالح طرفي العلاقة الإيجارية.

كما تُبرز الورقة الدور المتنامي الذي تلعبه شركات الاستثمار العقاري، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وسعيهم إلى الاستحواذ على مساحات واسعة من الأراضي والعقارات بهدف إعادة طرحها وتحقيق أرباح منها. وتُحذّر المفوضية من خطر أن تصبح العقارات الخاضعة لنظام الإيجار القديم هدفًا قادمًا لهذه الجهات، في حال تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر دون إرساء ضمانات واضحة تحمي الحق في السكن الملائم، وتضمن توازن العلاقة التعاقدية بين الطرفين.

في الختام، قدمت الورقة عدة توصيات على مستوى قطاع الإسكان، والتشريع، والعلاقة بين المالك والمستأجر، حيث أوصت الورقة بضرورة إعادة ضبط سياسات الإسكان في مصر لضمان عدالة عمرانية واستقرار سكني للفئات المتوسطة ومحدودة الدخل، وذلك من خلال فرض رقابة فعالة على سوق العقارات وتبنّي سياسات ضريبية تحدّ من المضاربة، وتوجيه الاستثمارات نحو مشاريع الإسكان الاجتماعي والميسور. كما تدعو إلى استعادة الدولة لدورها في إنتاج الإسكان، والابتعاد عن منطق التربح، مع تنظيم العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص عبر سياسات تُلزم المطورين بتخصيص نسبة من مشاريعهم لصالح الفئات غير القادرة. ويشمل ذلك أيضًا تقديم دعم مباشر للأسر عبر القروض الميسرة وبرامج التأجير التمليكي. على المستوى التشريعي، تشدد المفوضية على مراجعة قوانين التنمية العمرانية لضمان اتساقها مع مبادئ العدالة الاجتماعية، ووضع تعريف قانوني واضح لعمليات الإخلاء القسري بما ينسجم مع المعايير الدولية، مع توفير بدائل وتعويضات عادلة. كما تدعو إلى تعزيز آليات الرقابة القانونية، وضمان مشاركة المجتمعات المتأثرة في صياغة السياسات والتشريعات ذات الصلة بالسكن.

أما فيما يخص تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، فتقترح المفوضية اعتماد آلية زيادات إيجارية تدريجية تراعي معدلات التضخم أو الدخل الفعلي للمستأجرين، مع إلغاء امتداد عقود الإيجار بالوراثة باستثناء الزوجة ولمدة انتقالية محددة. وتدعو إلى حصر الوحدات الشاغرة الخاضعة لنظام الإيجار القديم، وتحريرها تدريجيًا وفق آليات عادلة، إلى جانب فرض قيود صارمة على الإخلاء أو إنهاء العقود في العقارات المشغولة دون توفير بدائل سكنية مناسبة. وتؤكد على مسؤولية الدولة في دعم المتضررين من الطرفين، عبر إنشاء صندوق لدعم القيمة الإيجارية وتقديم إعفاءات ضريبية للملاك، على أن يُموّل من الدولة وعوائد التصالح في مخالفات البناء. كما تدعو إلى حماية المباني التاريخية من الهدم أو الإخلاء، باعتبارها تراثًا عامًا، وفرض قيود على بيع أو نقل ملكية العقارات المؤجرة قديمًا خلال الفترة الانتقالية، للحيلولة دون المضاربة والاستحواذ من قبل شركات الاستثمار العقاري أو الهيئات الحكومية.

للاطلاع علي الورقة من هنا

Download (PDF, 948KB)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى