بيانات صحفيةبيانات صحفية-الحق في السكن

هجوم عنيف جديد على جزيرة الوراق: استمرار سياسة الإخلاء القسري وترويع السكان

بيان صحفي

13 ابريل 2025

تعرب المفوضية المصرية للحقوق والحريات عن بالغ قلقها وإدانتها الشديدة للاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها جزيرة الوراق، والتي تصاعدت مساء السبت الموافق 12 أبريل 2025، مع تسجيل انتهاك جديد وخطير من قبل قوات الشرطة بحق السكان.

وبحسب شهادات موثقة من أهالي الجزيرة، فقد بدأت قوات الشرطة هجومها عصر السبت، واستمر حتى منتصف الليل، حيث اقتحمت الجزيرة من جهة محور روض الفرج (ناحية الكارته)، مستخدمة قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة، إلى جانب إلقاء الحجارة على منازل الأهالي والسكان المتواجدين في الشوارع، مما أسفر عن إصابة العشرات بحالات اختناق وإصابات جسدية، بينهم أطفال وكبار في السن، واعتقال آخرين.

ويأتي هذا الهجوم بعد مرور 17 يومًا فقط على أحداث 26 مارس، والتي شهدت اعتداءً مماثلًا من قبل قوات الشرطة، أسفر عن اعتقال 12 من سكان الجزيرة، بالإضافة إلى أربعة من المتضامنين من منطقة شبرا. وقد اعتصم أهالي الجزيرة حينها للمطالبة بالإفراج عن ذويهم، قبل أن تفاجأ الجزيرة بهجوم جديد يؤكد إصرار السلطات على مواصلة سياسات القمع والترويع.

وفي هذا السياق، تُذَكّر المفوضية باجتماع مجلس عائلات جزيرة الوراق المنعقد في 11 أكتوبر 2024، والذي جدد فيه الأهالي تمسكهم بحقهم المشروع في البقاء على أراضيهم، ورفضهم القاطع لجميع أشكال الإخلاء القسري، مطالبين برفع الحصار المفروض على الجزيرة منذ عام 2017، واستئناف حركة المعديات بشكل طبيعي، وضمان حصول المصابين على العلاج المناسب.

ورغم تأكيد السكان في مناسبات عدة أنهم لا يرفضون مبدأ تطوير الجزيرة، فإنهم يطالبون بأن يتم ذلك بالتشاور معهم وبضمان حقهم في العودة بعد التطوير، وليس عبر تهجيرهم قسرًا، وهي السياسات التي ترد عليها الدولة بالمزيد من العنف والتضييق، عبر منع دخول مواد البناء، وفرض قيود على حرية التنقل، والملاحقات الأمنية المستمرة.

إن جزيرة الوراق تعيش منذ يوليو 2017 تحت حصار أمني متواصل، عقب تصريحات للرئيس عبد الفتاح السيسي وصف فيها وجود السكان على الجزيرة بأنه “تعدٍّ على أملاك الدولة”، وهو ما تبعته سلسلة من الاقتحامات والاعتداءات الأمنية المتكررة، سقط خلالها قتيل من الأهالي، واعتُقل العشرات، في ظل خطة تهدف لإخلاء السكان قسرًا لصالح إقامة مدينة من الجيل الرابع.

وتُذَكِّر المفوضية بأن ما يحدث في الوراق يُعد انتهاكًا صارخًا للمادة 63 من الدستور المصري، التي تعتبر التهجير القسري جريمة لا تسقط بالتقادم، فضلًا عن مخالفة الالتزامات الدولية التي تعهدت بها مصر، ولا سيما المادة 11 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي تنص على حق كل فرد في مستوى معيشي كافٍ، بما في ذلك السكن الملائم.

ويستند موقف المفوضية كذلك إلى التعليق العام رقم 7 لعام 1997 الصادر عن لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي يشدد على ضرورة تجنب اللجوء إلى الإخلاء القسري، وضمان وجود بدائل متاحة بالتشاور مع المتضررين، ووجوب توفير سبل الانتصاف القانونية والتعويض العادل، فضلاً عن ضمان عدم تشريد الأفراد أو انتهاك حقوقهم الأساسية جراء أي عملية إخلاء.

وبناءً عليه، فإن المفوضية المصرية للحقوق والحريات:

  1. تدين بشدة الاعتداءات الأخيرة على سكان جزيرة الوراق، وتستنكر الاستخدام المفرط وغير المبرر للقوة ضد المدنيين العزل.
  2. تطالب بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين على خلفية أحداث الوراق، ووقف جميع أشكال الملاحقة الأمنية بحق السكان والمتضامنين.
  3. تدعو إلى فتح تحقيق مستقل وشفاف في انتهاكات 12 أبريل وما سبقها، ومحاسبة كافة المسؤولين عن ارتكاب أو التستر على تلك الانتهاكات.
  4. تحث الدولة المصرية على فتح حوار جاد مع سكان الجزيرة، يضمن احترام حقوقهم في السكن والكرامة، ووقف المشاريع القائمة على الإخلاء القسري.
  5. تناشد المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وكافة أطراف المجتمع المدني، بالتضامن مع سكان جزيرة الوراق، والعمل المشترك على وقف هذه السياسات القمعية التي تهدد استقرارهم وأمنهم.

إن استمرار هذه الانتهاكات لا يعكس فقط استخفافًا صارخًا بحقوق المواطنين، بل يكشف عن نية منهجية لإفراغ الجزيرة من سكانها لصالح مشروعات لا تراعي حق الناس في المدينة، ولا في تقرير مصير مجتمعاتهم، وهو ما يتنافى مع مبادئ العدالة الاجتماعية، والحق في التنمية، وكرامة الإنسان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى