اصدارات

مجلة حق ومعرفة (10) – حياة بلا خوف حق كل امرأة.. معا نحو عالم خالٍ من العنف

العنف ضد المرأة.. تحدٍ عالمي يستدعي حلا مجتمعيا شاملا

بقلم / آمال خليفه

طالبة بكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية 

مصدر الصورة: موقع الأمم المتحدة

يحتفل العالم باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في 25 نوفمبر من كل عام، وهو يوم يهدف إلى رفع الوعي حول العنف الذي تتعرض له النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم، حيث تم اختيار هذا اليوم تكريمًا لنساء “ميرابال” الثلاث اللواتي قُتِلْن في عام 1960 بسبب معارضتهن لنظام الدكتاتور في جمهورية الدومينيكان. تمثل هذه المناسبة فرصة لمناقشة قضايا العنف ضد المرأة، والتأكيد على حقوق المرأة، ودعوة المجتمع الدولي للتحرك من أجل تحقيق العدالة والمساواة.

يعرف العنف ضد المرأة بأنه أي فعل يمس حقوق النساء ويؤدي إلى الإيذاء الجسدي أو النفسي أو الجنسي يشمل ذلك مجموعة واسعة من الأفعال، بدءًا من العنف الجسدي، مثل الضرب والاعتداء، وصولاً إلى العنف النفسي، مثل التهديدات والإهانات. ويشمل العنف أيضًا الاعتداء الجنسي، سواء داخل أو خارج العلاقات الزوجية، ويعتبر انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، وتعريف الأمم المتحدة للعنف خلال إعلان القضاء على العنف ضد المرأة عام ١٩٩٣ أن العنف ضد المرأة “هو أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة” أي أنه أي فعل تعسفي، به جسماني أو نفسي وبناء على تتميز يعتبر عنف.

كما يعرف العنف ضد المرأة بأنه أي فعل عدواني يُمارس ضد النساء والفتيات بسبب جنسهن أو تمييزهن الجنسي ويشمل هذا العنف أشكالًا متعددة، مثل العنف الجسدي، والعنف الجنسي، والعنف النفسي، والعنف الاقتصادي من بين أشكال العنف ضد المرأة يمكن أن نجد الضرب، والاغتصاب، والتحرش الجنسي، والتهديدات، والتخويف، والإهانة الإلكترونية، وحتى القتل.

كما يُعرَّف العنف الجسدي من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بأنه الاستخدام المتعمد للقوة الجسدية أو السلاح لإيذاء امرأة أو إصابتها. أما العنف الجنسي، فيشمل التلامس الجنسي بالإكراه، أو إجبار المرأة على ممارسة الجنس دون موافقتها، أو الانخراط في ممارسات جنسية غير كاملة أو كاملة مع امرأة تعاني من مرض أو إعاقة، أو تحت ضغط أو تأثير الكحول أو المخدرات. وفيما يتعلق بالعنف النفسي.

وعليه يمكن تعريف العنف ضد المرأة بأنه “أي فعل عنيف ينجم عن التحيز الجنسي، ويؤدي إلى أذى أو معاناة للمرأة، سواء كان ذلك جسديًا، أو جنسيًا، أو نفسيًا، بما في ذلك التهديد بمثل هذه الأفعال، أو الإكراه، أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء في الحياة العامة أو الخاصة”.

دوافع وأسباب العنف ضد المرأة

تتعدد دوافع وأسباب العنف ضد المرأة، وقد تشمل عوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية، من بين هذه الأسباب على النحو الآتي:

الثقافة المجتمعية: تلعب العادات والتقاليد دورًا كبيرًا في تشكيل مواقف الأفراد تجاه النساء، وقد تكون بعض المجتمعات متمسكة بقيم ذكورية ترى أن للرجال سلطة أعلى في الأسرة والمجتمع في هذه الثقافة. ويُنظر إلى العنف كوسيلة لإثبات هذه السيطرة وفرض الطاعة كما أن وسائل الإعلام والنكات الشعبية قد تروج لصورة المرأة ككائن ضعيف، مما يعزز من شرعية العنف ضدها ويجعل الضحايا أنفسهن يعتبرن العنف أمرًا طبيعيًا أو متوقعًا.

سلسلة برتقالية ترسم دائرة حول رمز الأنوثة – مصدر الصورة: UN/MINUSTAH

الفقر والضغوط الاقتصادية: يُعزز الفقر من بيئات التوتر والقلق، حيث يواجه الأفراد ضغوطًا متزايدة لتلبية الاحتياجات الأساسية، مما قد يؤدي إلى فقدان الصبر والتصرف بعنف. وتُظهر الدراسات أن العنف الأسري يرتفع في الأسر ذات الدخل المحدود، حيث يشعر الأفراد بالضعف أمام المصاعب الاقتصادية فينعكس ذلك في سلوكياتهم تجاه أفراد الأسرة كما يمكن أن يزيد عدم المساواة الاقتصادية بين الجنسين من تعرض النساء للعنف، خصوصًا إذا كانت المرأة غير قادرة على الاعتماد على نفسها ماليًا.

المعتقدات التقليدية والذكورية: تنشأ بعض المجتمعات على تفضيل الأدوار التقليدية، حيث يُفترض أن النساء يقمن بأدوار الخدمة المنزلية والطاعة، بينما يتولى الرجال القرارات هذه الأيديولوجيات تزيد من السلطة الذكورية وتقلل من احترام دور المرأة ومكانتها بالإضافة إلى قد تستخدم بعض المجتمعات الدين أو التقاليد كمبرر للعنف، مما يمنح الرجال الشعور بأن لديهم الحق في توجيه المرأة ومعاقبتها عند “الخروج عن الطاعة”.

الأسباب النفسية: الاضطرابات النفسية، مثل الغضب المكبوت، اضطرابات الشخصية، أو تعرض الشخص للعنف في مرحلة الطفولة، تزيد من احتمالية العنف، فالأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية قد يجدون صعوبة في التحكم بمشاعرهم، مما يؤدي إلى تصرفات عدوانية بالإضافة إلى قد يرى بعض المعتدين أن العنف وسيلة للتنفيس عن مشاعرهم أو السيطرة على مشاعر عدم الأمان الشخصي، وهذا يمكن أن يؤدي إلى دورة من العنف المتكرر.

ضعف الوعي والقوانين: في العديد من البلدان، لا توجد قوانين صارمة أو واضحة لمعاقبة مرتكبي العنف الأسري، أو قد تكون القوانين غير مُطبقة بشكل فعال. هذا الضعف في التشريعات يجعل البعض يشعرون بأنهم غير معرضين للمسائلة. كما أن نقص التوعية بقوانين حقوق الإنسان يجعل النساء غير مدركات لحقوقهن، مما يجعلهن غير قادرات على طلب الحماية أو اتخاذ إجراءات قانونية ضد المعتدين، وغالبًا ما تتجاهل بعض المجتمعات حقوق المرأة بسبب الأعراف الثقافية التي لا ترى العنف ضد المرأة كجريمة.

الإدمان: إدمان الكحول والمخدرات يسبب تغييرات في السلوك وقدرة الأفراد على السيطرة على انفعالاتهم، مما يجعلهم عرضة للعنف، فالتأثيرات الكيميائية للعقاقير تؤدي إلى فقدان التوازن الانفعالي وصعوبة في التحكم بالغضب. كما يُلاحظ أن الأفراد المدمنين يكونون أكثر عرضة للمشاكل المالية والنفسية، مما يزيد من فرص التوتر واللجوء إلى العنف. ويُعتبر إدمان أحد أفراد الأسرة عاملاً يزيد من خطر تعرض النساء والأطفال للعنف، إذ يصبح المناخ الأسري بيئة غير مستقرة.

أشكال العنف ضد المرأة 

يتخذ العنف ضد المرأة أشكالًا متعددة، تشمل:

العنف الجسدي: مثل الضرب والصفع والإيذاء الجسدي.

العنف الجنسي: بما في ذلك الاعتداء الجنسي والاغتصاب، والذي يمكن أن يحدث سواء في إطار العلاقات الزوجية أو خارجها.

العنف النفسي: يتمثل في التهديدات والإهانات والإساءة العاطفية، مما يؤثر سلبًا على الصحة النفسية للمرأة.

العنف الاقتصادي: يشمل السيطرة على الموارد المالية ومنع المرأة من العمل أو الوصول إلى المال.

العنف الرقمي: استخدام التكنولوجيا لتهديد أو إيذاء المرأة، مثل التهديدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

نتائج العنف ضد المرأة على المجتمعات

العنف ضد المرأة لا يُعتبر مجرد مأساة فردية، بل له تأثيرات سلبية واسعة على المجتمعات بشكل عام. ومن بين الآثار البارزة لهذا العنف على المجتمعات:

  1. التأثير على الصحة العامة: النساء اللواتي يتعرضن للعنف يعانين من مشاكل صحية جسدية ونفسية مستمرة، مثل الإصابات والأمراض المزمنة، بالإضافة إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق. وهذا يشكل عبئًا كبيرًا على أنظمة الرعاية الصحية، مما يزيد من تكاليف العلاج والخدمات الطبية اللازمة للتعامل مع آثار العنف.
  2. تراجع الإنتاجية الاقتصادية: يؤثر العنف ضد المرأة سلبًا على إنتاجية العمل، حيث قد تتغيب الضحايا عن العمل بسبب الإصابات أو المشكلات النفسية. وهذا يؤثر على الاقتصاد بشكل عام، إذ يؤدي إلى انخفاض القدرة الإنتاجية، وفقدان الأجور، وتراجع مشاركة النساء في سوق العمل. كما تتحمل الحكومات تكاليف كبيرة على برامج مكافحة العنف وتقديم الرعاية الصحية للضحايا.
  3. التأثير السلبي على الأطفال: الأطفال الذين ينشأون في بيئات مليئة بالعنف قد يواجهون مشكلات نفسية وعاطفية، وقد يصبحون أكثر عرضة لتكرار هذه السلوكيات في المستقبل.

ماذا يجب أن نفعل لمواجهة العنف ضد المرأة؟

لمواجهة العنف ضد المرأة يجب اتخاذ خطوات فعالة تشمل:

التوعية والتثقيف: ينبغي نشر الوعي حول حقوق المرأة وأهمية المساواة، بدءًا من المدارس والمجتمعات.

تغيير التشريعات: يجب تعديل القوانين لجعلها أكثر حماية للنساء، وضمان محاسبة الجناة.

توفير الدعم: إنشاء مراكز دعم للنساء المعنفات، وتقديم خدمات قانونية وصحية.

تشجيع الحوار: تعزيز الحوار بين الجنسين حول قضايا العنف والمساواة، ودعم مبادرات المجتمع المدني.

مشاركة الرجال: إشراك الرجال في جهود مناهضة العنف، من خلال برامج تثقيفية تعزز من مفهوم المساواة.

أخيرا، العنف ضد المرأة هو قضية عالمية تتطلب جهدًا جماعيًا من جميع أفراد المجتمع. من خلال زيادة الوعي، وتغيير القوانين، وتقديم الدعم للضحايا، يمكننا العمل نحو تحقيق مجتمع خالٍ من العنف، حيث تُحترم حقوق النساء وتُعتبر مساهماتهن قيمة في بناء المجتمع. اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة يمثل فرصة لتجديد العهد بالمثابرة على مواجهة هذه الظاهرة، والتأكيد على أهمية العمل من أجل عالم أكثر أمانًا وعدالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى