هل تعلم؟
حرية التجمع السلمي، حق لكل إنسان؛ وهو يشمل الحق في عقد الاجتماعات والاعتصامات والإضرابات والتجمعات والفعاليات والاحتجاجات، سواء عبر الإنترنت أو في الحياة الواقعية، بحسب ما تؤكد المفوضية السامية لحقوق الإنسان. كما أن الدستور المصري كفل في المادة (58) منه حرية الاجتماع والتجمعات العامة، مع إمكانية تنظيمها بالقانون.
ولكن رغم ذلك تواجه ممارسة الحق في التجمع السلمي في مصر بعض التحديات، أهمها تقييد ممارسة هذا الحق إلى حد المنع والتضييق على التظاهرات وملاحقة النشطاء واعتقالهم وتعرضهم لانتهاكات عديدة كاستعمال القسوة ضد المقبوض عليهم وتعذيبهم وترهيبهم.
ويعد استخدام القوة المفرطة من قبل قوات الأمن عند تقييد حرية أي مواطن انتهاكًا لحقوق الإنسان. ويحظر الدستور المصري على رجال الشرطة ذلك، حيث يشدد على أنه لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي. كما يكفل الدستور حق كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته بأن تتم معاملته بما يحفظ عليه كرامته؛ ويؤكد الدستور أيضا عدم جواز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، وألا يكون حجزه، أو حبسه إلا “في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانياً وصحياً”.
جانب من وقفة نسائية أمام المقر الإقليمي للأمم المتحدة في القاهرة – المصدر: فيسبوك، صفحة المحامي خالد علي
وتفصيلا، تنص المادة (54) من الدستور المصري المعدل 2019، على أن “الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق. ويجب أن يُبلغ فوراً كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه كتابة، ويمكن من الاتصال بذويه وبمحاميه فوراً، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته”.
وبموجب المادة (54) لا يبدأ التحقيق معه إلا في حضور محاميه، فإن لم يكن له محام، ندب له محام، مع توفير المساعدة اللازمة لذوي الإعاقة، وفقاً للإجراءات المقررة في القانون. ولكل من تقيد حريته، ولغيره، حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء، والفصل فيه خلال أسبوع من ذلك الإجراء، وإلا وجب الإفراج عنه فوراً. وينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطي، ومدته، وأسبابه، وحالات استحقاق التعويض الذي تلتزم الدولة بأدائه عن الحبس الاحتياطي، أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه. وفي جميع الأحوال لا يجوز محاكمة المتهم في الجرائم التي يجوز الحبس فيها إلا بحضور محام موكل أو مٌنتدب .
أما المادة (55) من الدستور، فتنص على أن “كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانياً وصحياً، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة”. وتشدد المادة (55) على أن “مخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقاً للقانون. وللمتهم حق الصمت. وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يهدر ولا يعول عليه”.
وتشير المادة (56) إلى أن “السجن دار إصلاح وتأهيل”. و”تخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي، ويحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان، أو يعرض صحته للخطر. وينظم القانون أحكام إصلاح وتأهيل المحكوم عليهم، وتيسير سبل الحياة الكريمة لهم بعد الإفراج عنهم”.
وبموجب المادة (126) من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 الذي جرى تعديله في أغسطس 2021 بالقانون 141 لسنة 2021، فإن “كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم أو فعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالسجن المشدد أو السجن من ثلاث سنوات إلى عشر”. وتشدد المادة ذاته على أنه “إذا مات المجني عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل عمداً”.
أما المادة (128) من قانون العقوبات فإنها تنص على أنه “إذا دخل أحد الموظفين أو المستخدمين العموميين أو أي شخص مكلف بخدمة عمومية اعتماداً على وظيفته منزل شخص من آحاد الناس بغير رضائه فيما عدا الأحوال المبينة في القانون أو بدون مراعاة القواعد المقررة فيه يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه مصري”. فيما تنص “المادة (129) على أن “كل موظف أو مستخدم عمومي وكل شخص مكلف بخدمة عمومية استعمل القسوة مع الناس اعتماداً على وظيفته بحيث إنه أخل بشرفهم أو أحدث آلاماً بأبدانهم يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه مصري”.
وتشدد المادة (280) من قانون العقوبات على أن “كل من قبض على أي شخص أو حبسه أو حجزه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه مصري”.
وبشأن اعتداء رجال الشرطة على المتظاهرين خلال عمليات فض التجمعات، نجد أن قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية رقم 107 لسنة 2013، حدد في مادته رقم (12) الخطوات التي ينبغي على قوات الأمن اتباعها عند فض التظاهرات، والتي تتمثل في توجيه إنذارات شفهية من القائد الميدانى بواسطة مكبرات الصوت إلى المشاركين في المظاهرة بالفض والانصراف، وفى حالة عدم الاستجابة يتم استخدام المياه المندفعة ثم استخدام الغازات المسيلة للدموع ، فيما لا يجوز لقوات الأمن فض استعمال القوة بأكثر من ذلك إلا فى حالات الدفاع الشرعى عن النفس أو المال، فيتم استخدام الهراوات .
وبالنسبة للاتفاقيات والمواثيق الدولية، نجد أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ينص على حقّ الأشخاص في الحرية من التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما تُؤكّد المبادئ الأساسية لاستخدام القوة من قبل ضباط إنفاذ القانون على أنّ استخدام القوة يجب أن يكون مشروعًا وضروريًا ومتناسبًا مع الهدف المقصود تحقيقه.
بعض الصحفيات والمحاميات اللواتي جرى اعتقالهن في وقفة المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة – المصدر: فيسبوك
يذكر أن الشرطة المصرية اعتقلت في 23 أبريل الماضي 18 شخصا معظمهم من النساء خلال خلال وقفة نسائية أمام مقر المكتب الإقليمي لهيئة اﻷمم المتحدة للمرأة في القاهرة للمطالبة “بوقف العدوان على غزة والحرب في السودان”. وشهدت عملية توقيف المعتقلين والمعتقلات تجاوزات من قبل قوات الأمن، ولهذا ورغم الإفراج عنهم جميعها في اليوم التالي لاعتقالهم، تقدمت عدد من الصحفيات والمحاميات المخلى سبيلهن في 23 مايو الماضي ببلاغ إلى النائب العام حمل البلاغ رقم 32051 لسنة 2024 عرائض مكتب فني، بشأن الانتهاكات التي تعرضن لهن، أثناء وبعد القبض عليهن من أمام المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة.
صحفيات ومحاميات يتقدمن ببلاغ إلى النائب العام بشأن «انتهاكات واعتداءات» تعرضن لهن – المصدر: فيسبوك
من ضمن المتقدمات بالبلاغ الصحفيات إيمان عوف ورشا عزب وهدير المهدوي، والمحاميات أسماء نعيم وراجية عمران وماهينور المصري. وأوضحت المتقدمات بالبلاغ، – في بيان لهن – أنهن تعرضن للاعتداء أثناء القبض عليهن وأيضا أثناء احتجاز بعضهن، واستعمال القسوة بالمخالفة لقانون العقوبات، ومخالفة قانوني التظاهر والتجمهر (والذي كان قد وضعه الاحتلال الإنجليزي في 1914 ويعمل به حتى الآن)، وعدم اتباع الخطوات المنصوص عليها قانونا في فض التجمعات. وشملت الاتهامات أيضا هتك عرض بعض المحتجزات أثناء تفتيشهن، والتحرش أثناء الاحتجاز، وأيضا القبض على محاميات أثناء تأدية عملهن.