اصدارات

مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد: كارثة تشريعية تبقي على عيوب القانون الحالي وتزيدها بتقنين الممارسات غير القانونية

المفوضية المصرية تصدر تعليقها على مشروع القانون..


تعلن المفوضية المصرية للحقوق والحريات عن رفضها لمشروع قانون الإجراءات الجنائية لما يحتويه من نصوص كارثية أبقت على عيوب قانون الإجراءات الجنائية الحالي من تكديس لسلطات التحقيق والاتهام والإحالة في يد النيابة العامة وحماية مأموري الضبط القضائي من المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان مثل التعذيب والاختفاء القسري. بل يكرس مشروع القانون ممارسات غير قانونية تخل بالحق في محاكمة عادلة وحقوق الدفاع مثل حظر قيام المحامي بالكلام، في غير إبداء الدفوع والطلبات، إلا بإذن من عضو النيابة، وحق عضو النيابة في منع اطلاع محامي المتهم على التحقيق.

وأصدرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات ورقة موقف بتحليل أهم مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد الذي يجري مناقشته حاليًا في اللجنة التشريعية في البرلمان المصري. إن هذا المشروع، الذي يزعم أنه يهدف إلى تحسين كفاءة النظام القضائي وتسريع وتيرة العدالة، ولكنه يخفي في طياته مخاطر جسيمة تهدد بتقويض حقوق الإنسان وتدمير ما تبقى من ثقة في القضاء.

تشير الورقة إلى أن التعديلات المقترحة تمنح النيابة العامة ومأموري الضبط القضائي سلطات غير مسبوقة على حساب حقوق المتهم أو المحتجز وحقوق الدفاع ومنها مثلا منح النيابة العامة سلطة واسعة في إصدار الأمر بإجراء تسجيلات للأحاديث التي تجري في مكان خاص، ومنح مأمور الضبط القضائي سلطة جوازية بالتحقيق مع المتهم، مما يعزز من هيمنة السلطة التنفيذية ويضعف من دور القضاء كضامن لحقوق الأفراد. إن هذه التعديلات، التي تقلص من دور القاضي وتزيد من صلاحيات النيابة، قد تؤدي إلى انتهاكات خطيرة للحقوق الدستورية، وتجعل من الصعب على المتهمين الحصول على محاكمة عادلة.

كما أن التعديلات المتعلقة بالحبس الاحتياطي، على الرغم من تقليص مدته، لا تزال تسمح للنيابة العامة بتمديد احتجاز الأفراد لفترات طويلة دون محاكمة ولا تضمن توقف ممارسات تدوير المتهمين التي تسمح بالتحايل على مدد الحبس الاحتياطي المنصوص عليهاً قانونا. هذه الإجراءات تمثل تهديدًا خطيرًا لحرية الأفراد وتزيد من احتمالية إساءة استخدام السلطة.

إن عملية استخدام الحبس الاحتياطي بشكل تعسفي في مصر لاعتقال أي شخص بسبب آرائه تعرضت لانتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان على مر السنين، حيث إن قانون الإجراءات الجنائية الحالي ليس هو السبب الوحيد للاعتقال ومن ثم الاحتجاز التعسفي، بل أيضا هناك قوانين قمعية تجرم ممارسة حرية الرأي والتعبير وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات وعلى رأسهم قانون العقوبات وقانون مكافحة الإرهاب وقانون الجريمة الإلكترونية وقانون التظاهر وقانون الجمعيات الأهلية، حيث يتم استخدامها كأداة لمعاقبة المعارضين السياسيين والنشطاء، بل وأي مواطن يعبر بطريقة سلمية عما بداخله. على الرغم من النص على تقليص مدة الحبس الاحتياطي في بعض الحالات، فإن الاستثناءات الواسعة التي يتضمنها القانون الجديد قد تؤدي إلى استمرار هذه الممارسات التعسفية دون رادع حقيقي. إن هذه التعديلات تضع الدولة في موقف يتعارض مع التزاماتها الدولية، وتزيد من القلق حول استخدام الحبس الاحتياطي كوسيلة للضغط على الأفراد أو إسكات أصوات المعارضة.

كذلك تتناول التعديلات المطروحة تنظيم أوامر المنع من السفر، وهو أمر يثير قلقًا كبيرًا نظرًا لتأثيره المباشر على حرية المواطنين في التنقل، وهو حق أساسي يكفله الدستور المصري. بينما يحاول المشروع معالجة الفراغ التشريعي الذي سمح سابقًا لقرار وزاري بتنظيم هذه الأوامر، إلا أنه في الواقع يوسع من نطاق الجهات التي يمكنها طلب إصدار أوامر المنع من السفر لتشمل جهات أمنية متعددة، ويزيد من عدد الجرائم التي يمكن أن يُفرض عليها هذا الإجراء ليشمل حتى الجنح المعاقب عليها بالحبس. رغم إتاحة حق التظلم من هذه الأوامر، إلا أن المشروع يضع قيودًا مشددة على هذا الحق، مما يثير مخاوف من إمكانية استخدام المنع من السفر كأداة للضغط على النشطاء السياسيين والمعارضين، ويعكس توجهاً نحو تقليص الحريات الأساسية بدلاً من تعزيزها.

بالإضافة إلى ذلك، تتناول الورقة بالتحليل التعديلات التي تقيد حقوق الدفاع وتضعف من دور المحامين في حماية موكليهم. إن منح النيابة العامة صلاحيات لمنع المحامين من الاطلاع على أوراق القضية أو المشاركة الفعّالة في التحقيقات يعد انتهاكًا لحق المتهم في الدفاع يخل بمبادئ العدالة.

إن مشروع قانون الإجراءات الجنائية يثير مخاوف جدية بشأن تراجع ضمانات حقوق الإنسان في مصر. التوسع في صلاحيات النيابة العامة على حساب القضاء، وتقليص حقوق الدفاع، واستمرار الانتهاكات المتعلقة بالحبس الاحتياطي، كلها تشير إلى اتجاه مقلق نحو تعزيز سيطرة الدولة على العملية القضائية وتقويض استقلالية القضاء.

وتدعو المفوضية المصرية للحقوق والحريات كل من يعنيه أمر العدالة الجنائية والحق في محاكمة عادلة إلى الوقوف بحزم ضد مشروع القانون الذي يقوم بتقويض أسس العدالة في مصر. كما أننا نُثمن موقف نقابة المحامين الرافض لمشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وكذلك نقابة الصحفيين، ونطالب بإجراء مراجعة شاملة وشفافة لمشروع القانون، مع إشراك كافة الأطراف المعنية لضمان أن تكون التعديلات المقترحة متوافقة مع الدستور المصري والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

كما توصي المفوضية المصرية للحقوق والحريات بضرورة سحب مشروع القانون المقترح وإجراء عملية تشاورية شاملة تضم جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني والخبراء القانونيين.

إن مصر بحاجة إلى قوانين تعزز من حقوق مواطنيها وتحمي العدالة، وليس إلى تشريعات تزيد من القبضة الأمنية وتقوض الحريات الأساسية. نحن نؤمن بأن حماية حقوق الإنسان يجب أن تكون في صلب أي إصلاح قانوني، وأن العدالة الحقيقية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال ضمان حقوق الدفاع والمحاكمة العادلة للجميع.

 

Download (PDF, 1.45MB)

لقرأءة الورقة :

 

ورقة موقف بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد

1- مقدمة

في إطار التطورات القانونية والاجتماعية التي تشهدها مصر، يبرز مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد الذي ظهر فجأة من اللجنة التشريعية في مجلس النواب في أغسطس 2024 كخطوة إضافية من السلطة التشريعية والتنفيذية نحو الإجهاز على النظام القضائي بذريعة مواكبة متطلبات العصر ومعالجة أزمة الحبس الاحتياطي والتصدي للتحديات التي تواجه الدولة. يُعتبر هذا المشروع كارثيا للوضع الحقوقي في مصر ومن بين أكثر المبادرات التشريعية إثارة للجدل حاليا، حيث يبقى على مشاكل كبيرة في قانون الإجراءات الجنائية الساري ويقنن ممارسات غير قانونية حاليا كما يتناول بشكل سلبي قضايا حساسة تمس بحقوق الأفراد وضمانات المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع ودور المحامين في تحقيق العدالة ومدد الحبس الاحتياطي من بين جملة من المواضيع التي تناقشها هذه الورقة. يأتي هذا المشروع في وقت تشهد فيه الحكومة المصرية ضغوطا متزايدة لتحسين صورتها ا وتأكيد التزامها بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، خصوصاً في ظل الانتقادات المتزايدة التي توجهها منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية بشأن تفاقم أزمة استخدام الحبس الاحتياطي لمعاقبة المعارضين السلميين على ممارسة حرياتهم الأساسية.

بالنظر إلى قانون الإجراءات الجنائية وما يمثله من أهمية كأحد القوانين المكملة للدستور وباعتباره قانون إجرائي يشكل النظام العام فيما يتعلق بالشرعية الإجرائية لنظام العدالة الجنائية، كان يجدر بالمشرع النظر إلى إشكالياته وعيوبه المرتبطة بمعايير المحاكمة العادلة وتكدس السلطات في يد النيابة العامة ومأموري الضبط القضائي. فقد فشل قانون الإجراءات الجنائية الحالي في منع تدوير المتهمين على قضايا جديدة بعد صدور قرارات قضائية بإخلاء سبيلهم كما أخفق في حماية المحتجز من التعذيب أو معاقبة المسؤولين عنه وعن الاختفاء القسري كما أخفق في التصدي لممارسات غير قانونية ضد المحامين. إن مشروع القانون لا يعد محاولة لتصويب القانون الحالي وإصلاحه لمعالجة ما صدحت به أصوات حقوقية وقانونية على مدى سنوات طوال من المطالبات، بل هو استحداث قانون جديد بالكامل يكرس لنفس الاشكاليات الموجودة في القانون الحالي ويزيدها. كما أنه تم إعداده في مدة قصيرة مبهمة التفاصيل ودون تحديد الآلية المتبعة لإعداد قانون بهذه الخطورة ولا ملابسات السعي إصداره أو الجهة التي تدفع في هذا الاتجاه.

وكما هو معهود فإن مشروع قانون الإجراءات الجنائية قد تم إعداده في أروقة مجلس النواب والحكومة في سرية تامة بدون اجراء اي مناقشات ومشاورات مع ذوي الشأن سواء نقابة المحامين أو المنظمات المعنية بحقوق الإنسان وغيرهم من الخبراء المعنيين بإقامة العدالة في مصر. بل أن من شاركوا في جلسات ما يسمى بالحوار الوطني الأخيرة، والتي تناولت بشكل أساسي عدد من التوصيات بشأن الحبس الاحتياطي وإعادة هيكلة نظام العقاب المصري، قالوا بأنهم فوجئوا بتسريب مسودة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد دون التداول بشأنه أثناء جلسات الحوار الوطني ودون أخذ آرائهم وبما يوحي أن جلسات الحوار الوطني الأخيرة كانت بهدف التمهيد لإصدار القانون الجديد وليس معالجة أزمة المعتقلين في مصر كما روج له.

يشمل المشروع تعديلات جوهرية تتعلق بتنظيم الحبس الاحتياطي وتقليص مدته في بعض الجرائم، وهو ما يُعد استجابة شكلية للمطالب المتكررة للحد من الإفراط في استخدام هذه الأداة القانونية التي غالباً ما تُستغل لاحتجاز الأفراد تعسفيا لفترات طويلة دون محاكمة. إضافة إلى ذلك، يطرح المشروع آليات جديدة تتعلق بتقييد حرية التنقل بالمنع من السفر وترقب الوصول. ورغم أن هذه التعديلات قد تكون ضرورية في بعض السياقات، إلا أنها تثير العديد من التساؤلات حول مدى توافقها مع الدستور المصري والالتزامات الدولية، خصوصاً فيما يتعلق بضمانات المحاكمة العادلة ومنع انتهاكات حقوق الإنسان.

تهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء بنظرة تحليلية موجزة على أهم النصوص المعدلة والمضافة في مشروع القانون الجديد، مع التركيز على استعراض الأثر المحتمل لهذه التعديلات على حقوق الأفراد وضمانات المحاكمة العادلة. وتعمل المفوضية المصرية للحقوق والحريات حالياً على إصدار دراسة تفصيلية معمقة تتناول كافة مواد القانون وتحليلها بشكل مفصل لتوضيح أوجه العيوب والقصور التي شابت مسودته المعروضة.

سنستعرض بإيجاز أوجه القصور في المشروع الحالي، وما قد يُغفل عنه من ضمانات أساسية، بالإضافة إلى مناقشة البدائل الممكنة التي من شأنها تعزيز العدالة دون الإخلال بالحقوق الدستورية.

2- الإشكاليات التي أبقت عليها مسودة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد: –

أ) استمرار تحصين مأموري الضبط القضائي من المحاسبة القانونية في قضايا التعذيب والانتهاكات الأخرى عن طريق الإبقاء على منع المجني عليه أو ذويه من الادعاء المُباشر ضد ضباط الشرطة، وكذلك الإبقاء على الضمانة المكفولة لهم بعدم تحريك الدعوى الجنائية فى الجنح إلا من رئيس نيابة على الأقل. 
واستثناءً من القواعد العامة في قانون الإجراءات الجنائية والتي تكفل حق الادعاء المُباشر في الجنح والمُخالفات للمضرور من الجريمة – المُدعي بالحق المدني – دفاعاً عن مصلحته وإعطائه فرصة للمثول أمام القضاء إذا ما تقاعست النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية، إلا أن المُشرع قد منع بشكل استثنائي المجني عليه وذويه من الادعاء المباشر في الجرائم (مثل التعذيب) المُرتكبة من قبل أحد رجال الضبط القضائي أو الموظفون العموميون بشكل عام وهو ما تنص عليه المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية والذي أبقت عليه مسودة مشروع القانون الجديد في المادة 226 كما هو. [1]
فضلاً عن نص المادة 162 والمادة 210 والذي يمنع المدعي بالحق المدني من الطعن أو  الاستئناف على القرارات الصادرة بألا وجه لإقامة الدعوى من قاضي التحقيق أو النيابة في التهم الموجهة ضد رجال الضبط القضائي باستثناء بعض الجرائم المقررة بنص المادة 123 من قانون العقوبات وهي جرائم عدم تنفيذ الأحكام القضائية و الأوامر الصادرة من الحكومة، وهو ما أبقى عليه مشروع القانون مع استبدال (قاضي التحقيق ) بـ (النيابة العامة) في المادة 162 وكذلك إعطاء حق استئناف قرارات ألا وجه لإقامة الدعوى للمتهم مع الإبقاء على نفس الاستثناء الموجود بالمادة. [2]
كذلك أبقى مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد على النصوص التي كانت تحد من سلطة أعضاء النيابة العامة من تحريك الدعوى الجنائية ضد الموظفين العموميين وتشكل ضمانة لهم، والذين من بينهم ضباط الشرطة، وذلك من خلال نص المادة 9  من مشروع القانون والذي دمج فيها بين الفقرة الثالثة من المادة 63 وكذلك المادة 8 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية الحالي، ولكنه في مشروع القانون الجديد حذف الجنايات من هذه الضمانة وبالتالي أجاز لعضو النيابة العامة دون درجة رئيس نيابة تحريك الدعوى الجنائية في الجنايات دون الجنح وفقاً لنص المادة 9.  [3]

ب) عدم إدراج نصوص مُلزمة للحماية من الاختفاء القسري والإبقاء على السلطة الجوازية للنيابة العامة في الإشراف على مراكز الإصلاح والتأهيل

أعطى المُشرع في المادة 42 من قانون الإجراءات الجنائية للنيابة العامة سلطة الإشراف على أماكن الاحتجاز للتأكد من عدم وجود أي شخص بغير مسوغ قانوني، إلا أنه مع ارتفاع وتيرة جريمة الاختفاء القسري للمعارضين السياسيين وكذلك الجنائيين فكان على المُشرع إلزام النيابة العامة بشكل صارم بالإشراف على أماكن الاحتجاز وكذلك تتبع بلاغات الاختفاء القسري والتحقيق فيها وعدم ترك الإشراف على مراكز الإصلاح والتأهيل كسلطة جوازية للنيابة العامة القيام أو عدم القيام بها، فعلى الرغم من تغيير الصياغة في المادة 44 في مسودة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد إلا أنه أبقى على مضمون المادة 42. [4]

ج) الإبقاء على تكدس السلطات جمع النيابة العامة لسلطات التحقيق، الاتهام، والإحالة

أبقى مشروع القانون الجديد على جمع النيابة العامة بين سلطات إسناد الاتهام وسلطة التحقيق وكذلك إحالة القضايا إلى المحكمة بعد الانتهاء من التحقيق، وذلك من خلال النصوص 1، 62، 172 من مشروع القانون الجديد، بل أن القانون الجديد قد وسع من سلطات النيابة العامة ونقل بعض الصلاحيات التي كانت ممنوحة لقاضي التحقيق إلى النيابة العامة على سبيل المثال نقل مشروع القانون في المادة 68 صلاحية  قبول أو رفض الادعاء المدني المرفوع من المضرور من جريمة إلى النيابة العامة بدلاً من قاضي التحقيق، هذا التوسع في سلطات النيابة العامة يشكل خطراً على مبدأ الحياد الذي يجب على أعضاء النيابة العامة الانصياع له وكذلك يعد إخلالاً بمبدأ الفصل بين السُلطات، وهو ما يخالف الاتفاقيات والمواثيق الدولية مثل المبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة.[5]

د) الإبقاء على تفويت درجة تقاضي على المحكوم عليه بعقوبة الإعدام في حال عدم طعنه على الحكم الصادر ضده

في بداية 2024 استحدث المُشرع المصري استئناف الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات بالقانون 1 لسنة 2024، إلا أنه في المادة 419 مكرر 8 ألزم النيابة العامة في حال عدم قيام المحكوم عليه بعقوبة الإعدام بالطعن بالاستئناف وتفويت مواعيد الطعن بأن تقوم هي بالطعن أمام محكمة النقض وفقاً للمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض، مما يعني تفويت درجة تقاضي وهي الاستئناف على المحكوم عليه، وهو ما كان على المشرع أن يتداركه حيث أبقى على مضمون المادة سالفة الذكر في نص المادة 407 من مشروع القانون الجديد. [6]

ه) الإبقاء على النصوص التي تخل بحق الدفاع وتؤثر على ضمانات المُحاكمة العدالة

تُثير مسودة القانون الحالي بواعث القلق بشأن  تقليص الحق في التمثيل القانوني الفعال وتقنين ممارسات السلطة القضائية في الإخلال بضمانات المحاكمة العادلة بدءًا من الإخلال بالحق في الاطلاع،[7] أو حضور محام مع المتهم،[8] أو الحق في تقديم الدفاع وكذا انتهاك الحق في علانية المحاكمة،[9]  إذ سمحت المادة 73 للنيابة العامة الحق في رفض تمكين المحامين والمتقاضين في الحصول على المعلومات، وعدم الحصول على أوراق القضية بإضافة عبارة إلا إذا اقتضت مصلحة التحقيق غير ذلك.[10]
إذ أن الواقع العملي خاصة في القضايا المنظورة أمام  نيابة أمن الدولة أو القضايا ذات الطابع السياسي هو حرمان المحامين والمتهمين من الاطلاع على أوراق القضية. وكذا قننت ايضًا التحقيق مع المتهمين دون حضور المحامي الخاص به والشروع في التحقيق في غيبة المتهم ومحاميه،[11]  بالمخالفة للدستور الذي نص في المادة رقم 54 منه على أن: “الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق. ويجب أن يُبلغ فورًا كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه كتابة، ويُمكّن من الاتصال بذويه وبمحاميه فورًا، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته. ولا يبدأ التحقيق معه إلا فى حضور محاميه، فإن لم يكن له محام، نُدب له محام، مع توفير المساعدة اللازمة لذوي الإعاقة، وفقًا للإجراءات المقررة في القانون…”.

فغالبية القضايا ذات الطابع السياسي، يتم مناقشة المتهمين دون حضور محام، وفي بعض الأحيان يتم التحقيق معهم دون حضور محام ودون وجود مسوغ قانوني لذلك.  أما عن المادة 72 من مشروع القانون، والتي أجازت للنيابة الحق النيابة في رفض إبداء المحامين الدفوع والملاحظات في تحقيقات النيابة.[12]   مرورًا بالمادة 92 والتي أجازت للنيابة الحق في تحصين شهود الإثبات من أسئلة الدفاع.[13]  وعن المنع من التصرف، فلا يزال حق النائب العام والمحكمة أن تُصدر أمرًا بالتحفظ على الأموال في غيبة المتحفظ على أموالهم أو من ينوب عنهم قانونًا. [14]

أخيرا على الرُغم من الانتقادات التي طالت القانون رقم 1 لسنة 2024 الخاص باستئناف الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات، سواء من الإخلال بالحق في التقاضي أمام محكمة أعلى،[15] أو من ناحية الإخلال بحق المتهم في محاكمته حضوريًا أو اختياره محاميه،[16] إذ أعطى القانون للنيابة والمحكمة الحق في اختيار محام للمتهم دون الحصول على موافقته وكذا في حال عدم حضور المتهم أو محاميه ايًا من جلسات الاستئناف أجاز القانون للمحكمة اختيار محام للمتهم نظر الاستئناف دون علم المتهم أو حضوره وايضًا إقرار المشرع حق النيابة في استئناف الأحكام الغيابية سواء بالإدانة أو البراءة.   إلا أن المشرع في مسودة القانون لم يٌنقح مواد القانون وأقرها كما وردت بالقانون سالف الذكر.

3- ما تم استحداثه من أحكام في مشروع القانون الجديد ويُشكل اعتداءً على ضمانات المُحاكمة العادلة: –

أ) منح مأمور الضبط القضائي سلطة جوازية بالتحقيق مع المتهم

من المواد المستحدثة في مشروع القانون المادة 63 والتي تمنح مأمور الضبط القضائي صلاحيات أوسع بكثير مما هي ممنوحة له الآن، حيث أجازت المادة لمعاوني النيابة العامة التحقيق في قضية بأكملها، وكذلك أجازت لعضو النيابة العامة من درجة مساعد نيابة على الأقل ندب أحد مأموري الضبط القضائي للقيام بأعمال التحقيق بما في ذلك استجواب المُتهم في الأحوال التي يُخشى فيها فوات الوقت إذا كان ذلك متعلقاً بالعمل المندوب له.

وإن كانت المادة 70 من قانون الإجراءات الجنائية الحالي تُجيز لقاضي التحقيق  أن يكلف أحد أعضاء النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي القيام بعمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق إلا أنه استثنى استجواب المتهم، إلا إن مشروع القانون الجديد قد توسع في هذا الندب وأباح لمأمور الضبط القضائي استجواب المتهم، وهو ما يتعارض مع مبدأ الفصل ما بين السلطات، وإذ كنا ننتقد القانون الحالي في جمع النيابة العامة لسلطات مثل التحقيق والاتهام والاحالة، فإن منح مأموري الضبط القضائي سلطة التحقيق واستجواب المُتهم حتى ولو على سبيل الاستثناء يخل بضمانات المحاكمة العادلة لا سيما أن مأموري الضبط القضائي وفقاً للمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية يكون من بينهم ضباط الشرطة و الأمناء وكذلك العُمد والمشايخ ومدير الإدارة العامة لشرطة السكة الحديد والنقل والمواصلات ومفتشو وزارة السياحة . [17]

ب) جواز تكليف شخص آخر غير كتبة النيابة العامة بكتابة أو تحرير المحاضر بعد تحليفهم اليمين

أجازت المادة 66 من مشروع القانون لعضو النيابة العامة المحقق تكليف أي كاتب، من غير كتاب النيابة العامة، لكتابة محضر التحقيق، فالقانون الحالي كان يوجب على قاضي التحقيق، أو عضو النيابة العامة المحقق أن يستصحب معه في جميع إجراءاته كاتباً من كتاب المحكمة يوقع معه المحاضر، فنصت المادة 73 منه على أن: “يستصحب قاضي التحقيق في جميع إجراءاته كاتباً من كتاب المحكمة يوقع معه المحاضر، وتحفظ هذه المحاضر مع الأوامر وباقي الأوراق في قلم كتاب المحكمة.”

بينما أجاز مشروع القانون لعضو النيابة العامة عند الضرورة تكليف أي شخص بعد تحليفه اليمين بكتابة وتحرير المحاضر، فنصت المادة 66 من المشروع على أن: “يستصحب عضو النيابة العامة في التحقيق أحد كتاب النيابة العامة لكتابة أو تحرير المحاضر اللازمة ويجوز له عند الضرورة أن يكلف غيره بذلك بعد تحليفه اليمين، ويوقع عضو النيابة والكاتب كل صفحة من هذه المحاضر.”

ويتضح لنا من قراءة المادتين 63 و66 من المشروع، أنه يجوز لمأمور الضبط القضائي استجواب المتهم، وكذلك تكليف أي شخص بكتابة محضر الاستجواب والتحقيق مع المتهم -بعد تحليفه اليمين -!!!!

تكمن خطورة التعديل المعروض في جوازية الاستعانة بأمناء الشرطة لتحرير المحاضر في قضايا يُعتبرون خصومًا فيها مما يخل بمبدأ حيادية التحقيق.

ج) عدم التزام النيابة العامة باستجواب المتهم في ظرف أربعة وعشرين ساعة من ضبطه

تلزم المادة 36 من قانون الإجراءات الجنائية الحالي، النيابة العامة باستجواب المتهم الذي قام أحد مأموري الضبط القضائي بضبطه خلال 24 ساعة، وعليها بعد ذلك أما أن تصدر أمر بالقبض عليه، أو أن تطلق سراحه، فنصت المادة 36 على أن: “يجب على مأمور الضبط القضائي أن يسمع فوراً أقوال المتهم المضبوط، وإذا لم يأت بما يبرئه، يرسله فى مدى أربع وعشرين ساعة إلى النيابة العامة المختصة. ويجب على النيابة العامة أن تستجوبه في ظرف أربع وعشرين ساعة، ثم تأمر بالقبض عليه أو بإطلاق سراحه”.

إلا أن مشروع قانون الإجراءات الجديد في النص المقابل لتلك المادة حذف الفقرة الأخيرة من المادة 36، فنصت المادة رقم 40 من مشروع القانون على أن: “يجب على مأمور الضبط القضائي أن يبلغ فوراً المتهم المضبوط بسبب تقييد حريته، وبالتهم المنسوبة إليه، وأن يسمع أقواله، وأن يحيطه بحقوقه كتابة، وأن يمكنه من الاتصال بذويه وبمحاميه. وإذا لم يأت المتهم بما ينفى التهمة عنه، يرسله مأمور الضبط القضائي خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته إلى سلطة التحقيق المختصة”.

فلا إلزام على النيابة العامة في استجواب المتهم الذي تم ضبطه، خلال أي مدة محددة، وفي ذلك مخالفة لنص المادة 54 من الدستور والتي توجب على سلطة التحقيق البدء في التحقيق مع المقيد حريته خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته.

كما أنه، وحتى في الجرائم الارهابية، فأن  المادة 40 من قانون الإرهاب توجب على مأمور الضبط القضائي عرض المتحفظ عليه صحبة المحضر على النيابة العامة أو سلطة التحقيق في مدة لا تجاوز أربع وعشرين ساعة، فنصت على أن: “لمأمور الضبط القضائي، لدى قيام خطر من أخطار جريمة الإرهاب ولضرورة تقتضيها مواجهة هذا الخطر، الحق في جمع الاستدلالات عنها والبحث عن مرتكبيها والتحفظ عليهم لمدة لا تجاوز أربع وعشرين ساعة، ويحرر مأمور الضبط القضائي محضراً بالإجراءات، ويعرض المتحفظ عليه صحبة المحضر على النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة بحسب الأحوال…”.

د) حظر قيام المحامي بالكلام، في غير إبداء الدفوع والطلبات، إلا بإذن من عضو النيابة

حظر نص المادة 72 من مشروع القانون على وكيل الخصم (محامي المتهم) الكلام إلا بإذن من عضو النيابة العامة، فنصت على أن: “يجوز للخصوم ولوكلائهم أن يقدموا إلى عضو النيابة العامة الدفوع والطلبات التي يرون تقديمها، وفيما عدا ذلك لا يجوز لوكيل الخصم الكلام إلا إذا أذن له عضو النيابة العامة، فإذا لم يأذن وجب إثبات ذلك في المحضر.”

وذلك بما يخل باستقلال مهنة المحاماة، ذلك الاستقلال الذي أقره الدستور في مادته رقم 98 فنص على أن: “حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول. واستقلال المحاماة وحماية حقوقها ضمان لكفالة حق الدفاع. ويضمن القانون لغير القادرين مالياً وسائل الالتجاء إلى القضاء، والدفاع عن حقوقهم.

وبذلك فأن مشروع القانون قد أخل بحق المتهم في الدفاع واستقلال المدافع عنه، وحقه في توجيه الاسئلة في التحقيق الذي يجري مع موكله (المتهم).

ه) منح عضو النيابة سلطة جوازية في رفض توجيه دفاع المتهم لأسئلة للشاهد وفقاُ لرؤيته وبمعايير غير محددة

نصت المادة 92 من مشروع القانون على أن: “ويجوز لعضو النيابة العامة دائماً أن يرفض توجيه أي سؤال للشاهد يكون غير متعلق بالدعوى أو يكون في صيغته مساس بالغير، وعليه أن يمنع عن الشاهد كل كلام بالتصريح أو بالتلميح، وكل إشارة مما ينبني عليه اضطراب أفكاره أو تخويفه.”

فيجوز لعضو النيابة العامة في كل الأحوال رفض توجيه أي سؤال للشاهد، إذا رأي أنه غير متعلق بالدعوى أو كانت في صيغته مساس بالغير، وهذا معيار فضفاض غير واضح وغير دقيق، يمنح سلطة لعضو النيابة العامة، برفض توجيه أي سؤال للشاهد.

وذلك أيضًا يخل بحق المتهم في الدفاع، وكذلك يخل باستقلال المحاماة، وحق المحامي في توجيه الأسئلة للشاهد، المقرر دستوريًا في المادة 98 من الدستور المصري.

و) حق عضو النيابة في منع اطلاع محامي المتهم

نصت المادة 105 من المشروع على أنه: “يجب أن يُمكن محامي المتهم من الاطلاع على التحقيق قبل الاستجواب أو المواجهة بيوم على الأقل ما لم يقرر عضو النيابة العامة غير ذلك“.

فعلى الرغم من أن القانون أوجب تمكين محامي المتهم من الاطلاع على التحقيق قبل الاستجواب أو المواجهة بيوم على الأقل، إلا أنه ذيل النص باستثناء منح بموجبه لعضو النيابة العامة سلطة منع المحامي من ذلك الاطلاع، وذلك وفقًا لما يراه، بما يفتح الباب أمام التعسف واساءة استعمال السلطة.

وبذلك فقد منح مشروع القانون عضو النيابة الحق في منع محامي المتهم من الاطلاع على التحقيق قبل الاستجواب أو المواجهة، دون بيان أسباب لذلك، بما يخل بحق المتهم في الدفاع، فيجوز بذلك استجواب المتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود، دون إطلاع محاميه على التحقيق الذي تم معه، بما يعد إخلالًا بحق الدفاع، وبمعايير المحاكمة العادلة والمنصفة.

ز) منح النيابة العامة سلطة واسعة في إصدار الأمر بإجراء تسجيلات للأحاديث التي تجري في مكان خاص

منحت المادة 116 من المشروع رئيس النيابة في تحقيق الجنايات المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج ومن جهة الداخل والمفرقعات والرشوة واختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر صلاحية إصدار الأمر بإجراء تسجيلات للأحاديث التي تجري في مكان خاص، فنصت الفقرة الأولى منها على أن: “يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة سلطة الإذن بأمر مُسبب لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً، بضبط الخطابات والرسائل والبرقيات والجرائد والمطبوعات والطرود، وبمراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي ومحتوياتها المختلفة غير المتاحة للكافة، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية أو المسموعة أو المصورة على الهواتف والأجهزة وأي وسيلة تقنية أخرى، وضبط الوسائط الحاوية لها، أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة...”، بما يخل بحرمة الحياة الخاصة المحمية بموجب الدستور.

وفي ظل القانون الحالي كان الاختصاص بإصدار أمر بإجراء تسجيلات لأحاديث جرت فى مكان خاص، من سلطة قاضي التحقيق، أما في مشروع القانون الجديد فقد منح المشروع لرئيس النيابة العامة الحق في الأمر بإجراء تلك التسجيلات، بما يخل بحياد، بما لا يتوافق مع المادة 57 من الدستور التي نصت على أن: “للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة، وفي الأحوال التي يبينها القانون. كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفي، وينظم القانون ذلك.”

ح) تقليص الحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطي

تم تقليل الحد الأقصى للحبس الاحتياطي في مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وجعل الحد الأقصى له أربعة أشهر في الجنح بدلاً من ستة أشهر، واثنا عشر شهراً في الجنايات، بدلاً من ثمانية عشر شهراً، وثمانية عشر شهراً إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام بدلاً من سنتين، وذلك وفقاً للفقرة الأخيرة من نص المادة 123 من مشروع القانون.[18]

ويُعد تقليل الحد الأقصى للحبس الاحتياطي هو الموضوع الأساسي الذي يروج له النظام المصري لمشروع القانون الجديد كدليل على اتجاه الدولة نحو الالتزام بضمانات المحاكمة العادلة ومعايير حقوق الإنسان، إلا أن تقليل مدة الحبس الاحتياطي وحده لن يكون مؤثراً في التطبيق الفعلي للحبس الاحتياطي الذي تتخذه الدولة كعقوبة بدلاً من كونه إجراءً استثنائياً لمصلحة التحقيق،  للتنكيل بالخصوم السياسيين، بالإضافة إلى أن مشروع القانون أبقى على صلاحيات النيابة العامة الواسعة في تمديد الحبس الاحتياطي لا سيما الموجودة في نص المادة 206 مكرر والتي تمنح النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة نفس سلطة محكمة الجنح المُستأنفة منعقدة في غرفة المشورة في مدد الحبس الاحتياطي وذلك  فيما يتعلق بالجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني – الكتاب الثاني- من قانون العقوبات والتي منها الإرهاب وقلب نظام الحكم، وقد أبقى مشروع القانون على ذلك في نص المادة 116، وكذلك لا يمكن أن نغفل استمرار العمل بالقوانين الخاصة التي تقيد من تطبيق قانون الإجراءات الجنائية مثل قانون مكافحة  الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 ويعقد الاختصاص القضائي لدوائر الإرهاب، تلك الدوائر التي تهدر العديد من ضمانات المُحاكمة العادلة وتتخذ من الحبس الاحتياطي للمتهمين كعقوبة ولا تلتزم بالحد الأقصى المنصوص عليه في قانون الإجراءات الجنائية الحالي، وبالتالي فإن قانون مكافحة الإرهاب والذي ينطوي على مخالفات جسيمة للدستور والشرعة الدولية لحقوق الإنسان لا يزال معمولاً به وسيظل كذلك حتى بعد إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد، بالإضافة إلى قانون حماية المرافق والمُنشآت العامة والذي يوسع من مُحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري.[19]

بالإضافة إلى التحايل على نصوص القانون والدستور والذي يظهر جلياً في تدوير المحكوم عليهم في القضايا ذات الطابع السياسي بقضايا جديدة وهمية قبيل انتهاء المدد المحكوم عليهم بها ليجد المتهم نفسه أمام سيل من القضايا لا ينتهي، وبالتالي لم تكن المشكلة في القوانين بالقدر الذي تكمن فيه المشكلة الأساسية في إرادة السلطة نفسها والتي منذ عشر عقود تصدر تعديلات وقوانين جديدة تنتهك ضمانات المُحاكمة العادلة المكفولة بموجب الدستور وكذلك الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.

ط) التعويض عن الحبس الاحتياطي

استحدث مشروع القانون الجديد باب خاص بالتعويض عن الحبس الاحتياطي وذلك في الباب الثاني من الكتاب السادس في المواد من 523 إلى 524، فقد فنص على استحقاق كل من حبس احتياطيا تعويضا في الحالات الآتية:

1- إذا كانت الواقعة محل الاتهام معاقب عليها بالغرامة أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة تقل عن سنة، وكان للمتهم محل إقامة ثابت ومعلوم في جمهورية مصر العربية.

2- إذا صدر أمراً نهائيًا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم صحة الواقعة.

3- إذا صدر حكم بات ببراءته من جميع الاتهامات المنسوبة إليه مبنيًا على أن الواقعة غير معاقب عليها، أو غير صحيحة، أو أي أسباب أخرى بخلاف حالات البطلان أو التشكك في صحة الاتهام أو أسباب الإباحة أو الإعفاء من العقاب أو العفو، أو امتناع المسئولية.

وكذلك نص المشروع على حق من نفذ عقوبة سالبة للحرية ثم صدر حكم بات بإلغاء هذا الحكم في التعويض، وذلك في حالة ما إذا كانت الواقعة غير معاقب عليها، أو غير صحيحة، أو أي أسباب أخرى بخلاف حالات البطلان أو التشكك في صحة الاتهام أو أسباب الإباحة أو الإعفاء من العقاب أو العفو، أو امتناع المسئولية.

بالإضافة إلى أن مشروع القانون نص على أن تتحمل الخزانة العامة للدولة التعويضات عن الحبس الاحتياطي، ووضعت شرطاً لحصول صاحب الطلب بالتعويض بشرط ألا يكون المدة المُطالب بالتعويض عليها تم حبسه خلالها احتياطياً أو كان يقضي عقوبة سالبة للحرية على ذمة قضية أو قضايا أخرى، أن تنفيذ العقوبة محل طلب التعويض.

وتتحمل الخزانة العامة للدولة التعويضات المشار إليها في هذه المادة، بشرط ألا يكون طالب التعويض تم حبسه احتياطيا، أو نفذ عقوبة مقيدة للحرية على ذمة قضية أو قضايا أخرى عن فترة مماثلة أو تزيد على مدة الحبس الاحتياطي أو تنفيذ العقوبة محل طلب التعويض. المادة (523).

ي) اعتبار كافة الأحكام الصادرة في الجنح حضورية

يتضح من قراءة المواد 71، 235، 238[20] من مشروع القانون أن المتهم الذي تعذر إعلانه بشخصه وتخلف عن حضور الجلسة، يتم إعلانه في موطنه (المثبت في بطاقة الرقم القومي) أو من خلال الهاتف المحمول أو من خلال البريد الإلكتروني، ويترتب على ذلك اعتبار الحكم حضوريًا، بما لا يجيز له الطعن في المعارضة على الحكم الصادر ضده وفقًأ للمادة 376 [21]من مشروع القانون، بما يفوت درجة من درجات التقاضي على المتهم.

فطرق الإعلان المنصوص عليها في المادة 71، لا تضمن علم المتهم بشكل حقيقي، بما يترتب عليه اعتبار كل أحكام الجنح حضورية مخلا بذلك بشكل واضح بقرينة البراءة حيث إن المتهم الذي لا يُكفل له حق الدفاع عن نفسه، ستتم إدانته في أغلب الأحوال مع إقفال أبواب الطعن في وجهه، إذا لم يعلم بالحكم الصادر بحقه قبل انقضاء مواعيدها[22].

ك) تنظيم أوامر المنع من السفر في المواد من 147 إلى 149

حرص الدستور المصري على حرية المواطن في التنقل، ونص على عدم جواز منعه من مغادرة إقليم الدولة، إلا بأمر قضائي مسبب وذلك في الحالات التي يبينها القانون، فألزم الدستور في مادته رقم 62 أن يكون المنع من التنقل والسفر في حالات محددة بموجب قانون، ولما كان السند القانون الحالي لإصدار أوامر المنع من السفر هو قرار قرار وزير الداخلية رقم 2214 لسنة 1994، وهو ما يعد مخالفة دستورية، لأن المشرع الدستوري أوجب تحديد حالات المنع من السفر بموجب قانون.

(أ) التنظيم القانوني للمنع من السفر

كان من الضروري تنظيم المشرع لأوامر المنع من السفر في قانون الإجراءات الجنائية، فبالرغم من خطورة أمر المنع من السفر لما فيه من تقييد لحرية التنقل المقررة دستوريًا، إلا أنه في ظل الوضع الحالي نجد أن هناك فراغًا تشريعيا ينظم تلك الأوامر، فلا يوجد قانون ينظمه حاليًا.

وفي ظل ذلك الوضع أصدرت السلطة التنفيذية متمثلة في وزير الداخلية قراراً بشأن تنظيم قوائم الممنوعين (قرار وزير الداخلية رقم 2214 لسنة 1994 بشأن تنظيم قوائم الممنوعين)، منحت بموجبه لعدد من الجهات والأشخاص سلطة الإدراج على قوائم الممنوعين من السفر أو ترقب الوصول.

(ب) طلب إصدار أمر بالمنع من السفر

وفي ظل ذلك القرار يجوز لكل من المحاكم المختلفة وللنائب العام ولمساعد وزير العدل للكسب غير المشروع ولكل من المخابرات العامة والمخابرات الحربية وهيئة الرقابة الإدارية والمدعي العام العسكري وجهازي الأمن الوطني والأمن العام بوزارة الداخلية طلب إدراج أي اسم على قوائم الممنوعين من السفر، وذلك بإرساله إلى مصلحة وثائق السفر والھجرة والجنسية التي تتولى متابعة تنفيذ القرارات، وموافاة تلك الجهات بما يطرأ من تعديلات على تلك القوائم

أما في مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، فقد توسع المشرع في تحديد من له الحق في تقديم طلب بالمنع من السفر، فأجاز لكل من ذوي الشأن تقديم طلب للنائب العام أو من يفوضه بطلب إصدار أمر بالمنع من السفر. (مادة 147 من المشروع)[23].

(ج) الجرائم التي يجوز فيها إصدار أمر بالمنع من السفر

توسع أيضًا المشرع في مشروع القانون في تحديد الجرائم التي يجوز فيها إصدار أمر بالمنع من السفر، فنص على أنه يجوز إصدار أمر بمنع المتهم من السفر خارج البلاد أو بوضع اسمه على قوائم ترقب الوصول وذلك في الجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس. (مادة 147 من المشروع)

(د) التظلم من أمر المنع من السفر

أقر المُشرع حق الصادر ضده أمر بالمنع من السفر أو الإدراج على قوائم ترقب الوصول حق التظلم من هذا الأمر أمام المحكمة الجنائية المختصة، خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علمه بصدور القرار.

إلا أنه أشترط عدم جواز إعادة التظلم في حال رفضه قبل مضي ثلاثة أشهر من تاريخ رفض التظلم السابق عليه (مادة 148 من المشروع)[24].

(هـ) جواز العدول عن أمر المنع من السفر أو الإدراج على قوائم ترقب الوصول

أجاز المُشرع لسلطة التحقيق مُصدرة القرار أن تعدل عنه في أي وقت، ولو لمدة محددة.

ويجوز للنائب العام لاعتبارات الظروف الصحية لمن صدر ضده أمر بالمنع من السفر التصريح بالسفر إلى دولة أو دول معينة لمدة محددة، إذا قدم الضمانات الكفيلة بالعودة إلى البلاد عند انتهاء مدة التصريح. (مادة 149 من المشروع)[25].

(ز) انتهاء المنع من السفر

ينتهي المنع من السفر بصدور قرار بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أيهما أقرب (مادة 149 من المشروع).

ل) حق محكمة الاستئناف في الاستغناء عن سماع الشهود الذين لم تسمعهم محكمة أول درجة

منح مشروع القانون المحكمة الاستئنافية الحق في الاستغناء عن سماع الشهود الذين كانوا يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة، فقد كانت المادة 413 من قانون الإجراءات الجنائية الحالي تنص على أن: “تسمع المحكمة الاستئنافية بنفسها، أو بواسطة أحد القضاة تندبه لذلك، الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة، وتستوفي كل نقص آخر في إجراءات التحقيق.”

إلا أن مشروع القانون جاء في نص المادة 392 منه ومنح المحكمة الاستئنافية الحق في الاستغناء عن سماع الشهود، فالنص منح المحكمة السلطة في تقدير مدى وجوب سماع هؤلاء الشهود وتقدير مدى ضرورة تلك الشهادة في الفصل في الدعوى، فنصت على أن: “تسمع المحكمة الاستئنافية بنفسها، أو بواسطة أحد القضاة تندبه لذلك الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة، متى رأت ضرورة ذلك للفصل في الدعوى، ولها أن تستوفى كل نقص آخر في إجراءات التحقيق.”

م) حماية المجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين

جاء تنظيم المشرع لحماية المجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين بعد أكثر من مضي عشر سنوات، على الالتزام الدستوري الذي ألزم بموجبه الدستور في المادة 96 منه المشرع بإصدار قانون توفر بموجبه الدولة الحماية للمجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين، فيعد استحداث المشروع لباب خاص بحماية المجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين وذلك في الباب الأول من الكتاب السادس في المواد من 517 إلى 522، بمثابة المحاولة الأولى للمُشرع الجنائي المصري من أجل إرساء عدد من القواعد التي تنظم كيفية توفير أكبر قدر من الحماية الممكنة للشهود، وذلك تنفيذًا للالتزام الدستوري المنصوص عليه في المادة رقم 96 من الدستور والتي تنص على أن: “المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه. وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات. وتوفر الدولة الحماية للمجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء، وفقاً للقانون”.

وكان المشرع قد نص من قبل – على استحياء – على توفير تلك الحماية من خلال نصه في المادة رقم 113 مكرر من القانون الحالي، التي تمت إضافتها بموجب المادة رقم 1 من القانون رقم 177 لسنة 2020.

فحظر على مأموري الضبط القضائي أو جهات التحقيق الكشف عن بيانات المجني عليه في جرائم هتك العرض وإفساد الأخلاق المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، أو جرائم التحرش الجنسي المنصوص عليها في المواد 306 مكرر أ، و306 مكرر بـ، وكذلك جرائم تعرض الطفل للخطر المنصوص عليها في المادة 96 من قانون الطفل.

إلا أن المشرع في القانون الحالي لم ينص على أي عقوبة أو جزاء في حالة مخالفة مأموري الضبط القضائي أو جهات التحقيق لذلك الحظر.

وفي مشروع القانون المعروض حاليًا أجاز المشرع للشاهد أن يتخذ من قسم الشرطة التابع له محل إقامته أو مقر عمله عنوانًا له وذلك في الحالات التي يُخشى من معرفة أحد المتهمين أو أقاربهم لمحل سكن الشاهد ومن ثم قد يقوم بترهيبه أو إيذائه جراء شهادته (مادة 518 من المشروع)[26].

كما أجاز، في الأحوال التي قد يمثل فيها سماع شهادة أحد الأشخاص خطراً على حياته أو قد تعرضه لخطر محقق، أن يتم سماع أقواله “دون ذكر لبياناته تماماً”، على أن يتم إنشاء ملف فرعي للقضية يتضمن تحديداً لشخصية الشاهد الحقيقية وبياناته كاملة، وأن يكون هذا الملف تحت سلطة المحكمة أو سلطة التحقيق المختصة فقط (مادة 519 من المشروع)[27].

بالإضافة إلى ذلك، أتاح استخدام كافة الوسائل الفنية التي تسمح بسماع أقوال الشهود عن بُعد، وذلك في الحالات التي يطلب فيها المتهم مواجهة أو مناقشة الشخص الصادر أمر بإخفاء بياناته، ضماناً لعدم الكشف عن هويته.

وأجاز المشروع للمتهم أو وكيله الطعن على الأمر الصادر من المحامي العام أو قاضي التحقيق بإخفاء بيانات الشاهد، وذلك في الأحوال التي يكون فيها الكشف عن هوية الشخص لا غنى عنها لمباشرة حقوق الدفاع، أمام محكمة جنايات أول درجة منعقدة  فى غرفة مشورة، خلال عشرة أيام من تاريخ مواجهته بفحوى هذه الشهادة، وتفصل المحكمة  فى الطعن بعد سماع ذوي الشأن بقرار نهائي مسبب، وذلك دون إخلال بحق محكمة الموضوع  في إلغاء هذا الأمر، أو استدعاء هذا الشخص لسماع أقواله (مادة 520 من المشروع)[28].

وأجاز المشروع للمتهم طلب مواجهة أو مناقشة الشخص الصادر أمر بإخفاء بياناته، بما لا يكشف عن شخصيته، وفقاً لإجراءات التحقيق والمحاكمة عن بعد (مادة 521 من المشروع)[29].

وعالج المشروع القصور التشريعي في القانون الحالي بنصه على توقيع عقوبة على كل من أدلى بأي بيانات عن الشخص الصادر أمر بإخفاء هويته بالحبس والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة السجن المشدد إذا ارتكبت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابي، وفى كل الأحوال تكون عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد إذا نجم عن الفعل موت شخص (مادة 522 من المشروع)[30].

من جهة أخرى فأن إخفاء بيانات الشاهد والسماح باستخدام الوسائل الفنية لسماع أقوال الشهود عن بُعد، تمنع دفاع المتهم من مناقشته ومن إمكانية مواجهته بالمتهم، بل من الممكن صدور أحكام بالإدانة استنادًأ لشهادة شخص مجهول، بوصفها دليلًا في الدعوى

ن) إجراءات التحقيق والمحاكمة عن بعد

استحدث مشروع القانون تنظيم لإجراءات التحقيق والمحاكمة عن بعد وذلك في الباب الثالث من الكتاب السادس في المواد من 525 إلى 532، فأجاز المشروع لجهة التحقيق أو للمحكمة المختصة بحسب الأحوال اتخاذ كل أو بعض إجراءات التحقيق أو المحاكمة عن بعد مع المتهمين، والشهود، والمجني عليه، والخبراء والمدعي بالحقوق المدنية، والمسؤول عنها، وكذلك أجاز اتخاذ ذات الإجراءات فيما يتعلق بالنظر في أمر مد الحبس الاحتياطي والتدابير والإفراج المؤقت واستئناف أوامرها (مادة 526 من المشروع)[31].

وأجاز المشروع للمتهم الاعتراض على تلك الإجراءات في أول جلسة بأي درجة من درجات التقاضي وتفصل المحكمة المختصة في الاعتراض بقبوله أو رفضه (مادة 530 من المشروع)[32].

نلاحظ هنا أن المحكمة المختصة التي أصدرت قرار مباشرة إجراءات المحاكمة عن بعد، هي ذات المحكمة التي تفصل في اعتراض المتهم على تلك الإجراءات، كما أن مشروع القانون أغفل حق المتهم في الطعن على القرار الصادر في اعتراضه على تلك الإجراءات، بما يخل بحق التقاضي.

كذلك فإن في التطبيق العملي لخاصية الفيديو كونفرانس أو التقاضي عن بعد لا سيما في جلسات تجديد الحبس فإنه على مدار السنوات السابقة ومنذ صدور قرار وزير العدل بعقد المحاكمات عن بعد – بعد أزمة تفشي فيروس كوفيد 19 – [33]فقد زادت وتيرة التنكيل بالمتهمين ومنعهم من التواصل المباشر مع محاميهم أو القضاة ما أدى إلى زيادة معاناة المتهمين والإخلال بحق الدفاع لا سيما في القضايا ذات الطابع السياسي، بخلاف أن المتهم يتم تجديد حبسه في نفس مكان احتجازه في غرفة مخصصة لهذه التقنية، وبالتالي فإنه يكون تحت تصرف قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية وهو ما يشكل خطراً مضاعفاً على هؤلاء المتهمين لا سيما وأن معظمهم يتعرض للعديد من صور التعذيب وسوء المُعاملة من قبل القائمين على الإشراف على السجون مما يزيد من خطر أن يشكل ذلك مانعاً معنوياً وتخوفاً من الإدلاء بتلك الاعتداءات.[34]

س) الإخلال بمبدأ علانية المحاكمة

قنن مشروع القانون انتهاك مبدأ علانية المحاكمة، فحظر في الفقرة 2 من المادة 266 نقل أو بث وقائع الجلسات إلا بعد موافقة كتابية من رئيس المحكمة بعد أخذ رأي النيابة العامة.[35]

ومنعت المادة 267 نشر أخبار أو معلومات أو إجراء حوارات ومناقشات عن الجلسات،[36] كما حظرت تناول أي بيانات أو معلومات تتعلق بالقضاة وأعضاء النيابة، وأقرت عقوبة على من يخالف ذلك بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وكان المشرع قد أضاف نص المادة 186 مكرر لقانون العقوبات والتي نصت على معاقبة كل من صور أو سجل كلمات أو مقاطع أو بث أو نشر أو عرض بأي طريق من طرق العلانية لوقائع جلسة محاكمة مخصصة لنظر دعوي جنائية دون تصريح من رئيس المحكمة المختصة بعد أخذ رأي النيابة العامة.

بما يخل بمبدأ علانية المحاكمة الذي أقره الدستور في نص المادة 187: “جلسات المحاكم علنية، إلا إذا قررت المحكمة سريتها مراعاة للنظام العام، أو الآداب، وفى جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية”.

يتضح من النص الدستوري أن الأصل هو علانية جلسات المحاكم، وسرية الجلسات استثناء وذلك في حالة ما إذا رأت المحكمة سريتها مراعاة للنظام العام، أو الآداب، إلا أن مشروع القانون استبدل ذلك الأصل، فجعل الأصل هو حظر نقل أو بث وقائع الجلسات في كل الأحوال، والاستثناء هو جواز بث أو نقل وقائع الجلسات بعد موافقة كتابية من رئيس المحكمة وأخذ رأي النيابة العامة.

 

4- الخاتمة

ترى المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية كارثي في الكثير من جوانبه، رغم ما يقدمه من تحسينات شكلية في القليل من الأمور وهو ما يعكس توجهاً تشريعياً قد يحمل في طياته أخطارً عديدة على مستوى الحقوق والحريات الأساسية. فبينما تزعم الدولة أن الهدف من التعديلات هو تسريع إجراءات التقاضي وتحقيق العدالة الناجزة، هناك تخوفات جدية من أن تؤدي النصوص المقترحة؛ والتي تم تقديمها إلى مجلس النواب دون إجراء حوار مجتمعي شامل مع مؤسسات المجتمع المدني والنقابات المهنية وفي مقدمتها نقابة المحامين المعنية بشكل رئيسي بمعظم التعديلات المطروحة، إلى تعزيز هيمنة السلطات التنفيذية على حساب الحقوق الدستورية للأفراد. من بين أكثر النقاط إثارة للجدل هي التوسعات المقترحة في سلطات الضبط القضائي، والتي قد تُفسح المجال لمزيد من الانتهاكات تحت غطاء القانون.

بالإضافة إلى ذلك، تثير التعديلات المتعلقة بزيادة الغرامات والتكاليف القانونية قلقاً خاصاً بشأن إمكانية الوصول إلى العدالة للفئات الأقل دخلاً. وفي حين أن تقليص مدة الحبس الاحتياطي يُعتبر خطوة إيجابية، إلا أن النصوص المقترحة قد لا تكون كافية لضمان عدم إساءة استخدام هذه الأداة القانونية. كما أن هناك قلقاً من إمكانية استخدام بعض النصوص لتقييد حرية الصحافة والإعلام، خاصة فيما يتعلق بتغطية المحاكمات ذات الطابع السياسي.

كما تشدد المفوضية المصرية على أن عدم وجود إرادة سياسية لحل إشكالية الحبس الاحتياطي المطول وتدوير المحاكمات لن يتم معالجته بتقليص مدد الحبس الاحتياطي في القانون الحالي إذ أن مشروع القانون المقترح ورغم تقصيره لتلك المدد إلا أنه لا يضمن تطبيق المدد الجديدة وفقاً له ولا يحول دون استمرار ممارسات تدوير المتهمين في قضايا جديدة ليقبعوا قيد الحبس الاحتياطي لمدد قد تصل إلى سنوات بالتحايل على القانون.

ختاماً، فإن تحقيق توازن حقيقي بين تحسين كفاءة النظام القضائي وضمان حماية الحقوق الدستورية يتطلب مراجعة دقيقة وشاملة للتعديلات المقترحة، مع الأخذ بعين الاعتبار آراء منظمات المجتمع المدني والخبراء القانونيين والشركاء في تحقيق العدالة أي المحامين والصحفيين والحقوقيين. من الضروري أن يكون الهدف الرئيسي من هذا المشروع هو تعزيز العدالة بكل أبعادها والتصدي للانتهاكات الحقوقية الحالية وليس زيادتها، بما في ذلك العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وليس فقط تسريع وتيرة المحاكمات. إننا نوصي بإعادة النظر في البنود المثيرة للجدل أعلاه وغيرها، وتبني مقترحات تضمن حماية الحقوق والحريات وحقوق المتهم وحقوق الدفاع واستقلال السلطة القضائية لضمان أمن واستقرار المجتمع​.

 

 

 

 

 

[1] تنص المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية الحالى على أن ” ومع ذلك فلا يجوز للمدعي بالحقوق المدنية أن يرفع الدعوى إلى المحكمة بتكليف خصمه مباشرة بالحضور أمامها في الحالتين الآتيتين:

أولاً:- إذا صدر أمر من قاضي التحقيق أو من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى ولم يستأنف المدعي بالحقوق المدنية الأمر في الميعاد أو استأنفه فأيدته محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة.

ثانياً:- إذا كانت الدعوى موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات “.
كذلك تنص الفقرة الرابعة من المادة 226 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد على أن “ومع ذلك لا يجوز للمدعي بالحقوق المدنية أن يرفع الدعوى إلى المحكمة بتكليف خصمه مباشرة بالحضور أمامها  إذا صدر أمر من قاضي التحقيق أو النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ولم يستأنف المدعي بالحقوق المدنية هذا الأمر في الميعاد أو استأنفه فأيدته محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة، أو إذا كانت الدعوى موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات” .

[2] تنص الفقرة الأولى من المادة 162 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية على أن ” يجوز للمتهم وللمدعي بالحقوق المدنية استئناف الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى، ما لم يكن صادراً في تهمة موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المنصوص عليها في المادة 123 من قانون العقوبات “.
كذلك تنص المادة 162 من قانون الإجراءات الجنائية الحالي على أن ” للمدعي بالحقوق المدنية استئناف الأوامر الصادرة من قاضي التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى إلا إذا كان الأمر صادراً في تهمة موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات”.

كذلك تنص الفقرة الأولى من المادة 210 من قانون الإجراءات على أن ”  للمدعي بالحقوق المدنية الطعن في الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى إلا إذا كان صادراً في تهمة موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات*.” .

[3] تنص المادة 9 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية على أن ”  لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية في الجرائم المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً (أ) من قانون العقوبات، إلا من النائب العام أو المحامي العام. وفيما عدا الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات لا يجوز رفع الدعوى الجنائية ضد موظف عام أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها إلا من رئيس نيابة على الأقل”.
وتنص المادة 8مكرر من قانون الإجراءات الجنائية على أن ” لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية في الجرائم المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً (أ) من قانون العقوبات، إلا من النائب العام أو المحامي العام “.
كذلك تنص المادة 63 فقرة 3 من قانون الإجراءات الجنائية على أن ” وفيما عدا الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات لا يجوز لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها” .

[4] تنص المادة 44 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية على أن” يجوز للنائب العام ولأعضاء النيابة العامة ولرؤساء محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية حق دخول الأماكن المخصصة لإيداع المحبوسين الكائنة في دوائر اختصاصهم، وذلك للتأكد من عدم وجود محبوس بصفة غير قانونية، ومن أن أوامر التحقيق وأحكام وقرارات المحاكم يجرى تنفيذها على الوجه المبين بها وطبقاً للأحكام المقررة قانوناً، ولهم أن يطلعوا على الدفاتر، وعلى أوامر التنفيذ، والقبض والحبس، وأن يأخذوا صوراً منها وأن يتصلوا بأي نزيل، ويسمعوا منه أي شكوى “.
وتنص المادة 42 من قانون الإجراءات الجنائية على أن ” لكل من أعضاء النيابة العامة ورؤساء ووكلاء المحاكم الابتدائية والاستئنافية زيارة مراكز الإصلاح والتأهيل العامة والجغرافية الموجودة في دوائر اختصاصهم والتأكد من عدم وجود محبوس بصفة غير قانونية ولهم أن يطّلعوا على دفاتر مركز الإصلاح وعلى أوامر القبض والحبس وأن يأخذوا صوراً منها وأن يتّصلوا بأي محبوس ويسمعوا منه أي شكوى يريد أن يُبديها لهم  “.

[5] تنص المادة 7 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية على أن ” تتولى النيابة العامة التحقيق، وتحريك، ومباشرة الدعوى الجنائية ولا تتخذ هذه الإجراءات من غيرها إلا في الأحوال المحددة في القانون “.
كذلك تنص المادة 62 من المشروع على أن ” يجب على النيابة العامة أن تجري تحقيقاً في الجنايات، ولها أن تجريه في الجنح أو غيرها إذا رأت محلاً لذلك.ويجري التحقيق طبقاً للأحكام المنصوص عليها في هذا الباب”.
بالإضافة إلى المادة 172 من المشروع تنص على أن ” إذا رأت النيابة العامة في مواد الجنايات أو الجنح أن تحقيق الدعوى بمعرفة قاضى التحقيق أكثر ملاءمة بالنظر إلى ظروفها الخاصة، جاز لها في أية حالة كانت عليها الدعوى أن تطلب من رئيس المحكمة الابتدائية المختصة ندب أحد قضاتها لمباشرة هذا التحقيق، ويكون الندب بقرار من الجمعية العامة للمحكمة أو من تفوضه في ذلك في بداية كل عام قضائي، و في هذه الحالة يكون القاضي المندوب هو المختص دون غيره بإجراء التحقيق من وقت مباشرته له “.
كذلك تنص المادة 68 من مشروع القانون على أن ” يجوز لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يدعي بحقوق مدنية أثناء التحقيق في الدعوى، وتفصل النيابة العامة فى قبوله بهذه الصفة فى التحقيق خلال ثلاثة أيام من تقديم هذا الادعاء “.

[6] تنص المادة 407 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية وكذلك المادة 418 مكرر 8 من قانون الإجراءات الجنائية على أن ”  إذا كان الحكم صادرا حضوريا بعقوبة الإعدام، ولم يجر استئنافه خلال الميعاد المقرر قانونا، وجب على النيابة العامة اتباع حكم المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959″.

[7]  راجع الفقرة ب / 3 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[8] راجع الفقرة د/ 3 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[9] راجع الفقرة 1 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[10]   المادة 73 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية ” يجوز للمتهم وللمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية وللمسئول عنها ولوكلائهم أن يحصلوا على نفقتهم أثناء التحقيق على صور من الأوراق أياً كان نوعها، إلا إذا اقتضت مصلحة التحقيق غير ذلك”

[11]  المادة 69 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية “يجوز للمتهم وللمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية وللمسئول عنها ولوكلائهم أن يحضروا جميع إجراءات التحقيق، ويجوز لعضو النيابة العامة أن يجري التحقيق في غيبتهم متى رأى ضرورة ذلك لإظهار الحقيقة وفور انتهاء تلك الضرورة يمكنهم من الاطلاع على التحقيق.”

[12] المادة 72 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية  ” يجوز للخصوم ولوكلائهم أن يقدموا إلى عضو النيابة العامة الدفوع والطلبات التي يرون تقديمها، وفيما عدا ذلك لا يجوز لوكيل الخصم الكلام إلا إذا أذن له عضو النيابة العامة، فإذا لم يأذن وجب إثبات ذلك في المحضر.”

[13]  الفقرة الثالثة من المادة 92 من مشروع قانون  الإجراءات الجنائية “ويجوز لعضو النيابة العامة دائماً أن يرفض توجيه أي سؤال للشاهد يكون غير متعلق بالدعوى أو يكون في صيغته مساس بالغير، وعليه أن يمنع عن الشاهد كل كلام بالتصريح أو بالتلميح، وكل إشارة مما ينبني عليه اضطراب أفكاره أو تخويفه.”

[14] المادة 143 من مشروع  قانون الإجراءات الجنائية  ” في الأحوال التي تقوم فيها من التحقيق أدلة كافية على جدية الاتهام في أي من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وغيرها من الجرائم التي تقع على الأموال المملوكة للدولة أو الهيئات والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، وكذا في الجرائم التي يوجب القانون فيها على المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها برد المبالغ أو قيمة الأشياء محل الجريمة أو تعويض الجهة المجني عليها، وقدرت فيها النيابة العامة أن الأمر يقتضي اتخاذ تدابير تحفظية على أموال المتهم، بما في ذلك منعه من التصرف فيها أو إدارتها، وجب عليها أن تعرض الأمر على المحكمة الجنائية المختصة طالبة الحكم بذلك ضماناً لتنفيذ ما عسى أن يقضي به من غرامة أو رد أو تعويض.

وللنائب العام عند الضرورة أو في حالة الاستعجال أن يأمر مؤقتاً بمنع المتهم من التصرف في أمواله أو إداراتها، ويجب أن يشتمل أمر المنع من الإدارة على تعيين من يدير الأموال المتحفظ عليها، وعلى النائب العام في جميع الأحوال أن يعرض أمر المنع على المحكمة الجنائية المختصة خلال سبعة أيام على الأكثر من تاريخ صدوره، بطلب الحكم بالمنع من التصرف أو الإدارة وإلا اعتبر الأمر كأن لم يكن…..”

[15] راجع الفقرة 5 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

[16] راجع المادة (419 مكررا 9) من قانون الإجراءات الجنائية

[17] تنص المادة 63 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية على أن “يجوز تكليف أحد معاوني النيابة العامة لتحقيق قضية بأكملها.

كما يجوز لعضو النيابة العامة من درجة مساعد نيابة عامة على الأقل أن يندب أحد مأموري الضبط القضائي للقيام بعمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم. ويكون لمأمور الضبط القضائي المندوب في حدود ندبه كل السلطات المخولة لمن ندبه، وله أن يُجرى أي عمل آخر من أعمال التحقيق وأن يستجوب المتهم في الأحوال التي يخشى فيها فوات الوقت متى كان متصلا بالعمل المندوب له ولازماً في كشف الحقيقة “.

[18] تنص الفقرة الأخيرة من المادة 123 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية على أن ” وفي جميع الأحوال، لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا تجاوز أربعة أشهر في الجنح واثنا عشر شهراً في الجنايات، وثمانية عشر شهراً إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام “.

[19] تنص المادة 116 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية على أن ” يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة سلطة الإذن بأمر مُسبب لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً، بضبط الخطابات والرسائل والبرقيات والجرائد والمطبوعات والطرود، وبمراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي ومحتوياتها المختلفة غير المتاحة للكافة، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية أو المسموعة أو المصورة على الهواتف والأجهزة وأي وسيلة تقنية أخرى، وضبط الوسائط الحاوية لها، أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة.  ويجوز تجديد الأمر المشار إليه في الفقرة الأولى من هذه المادة مدة أو مدداً أخرى مماثلة.

كما يكون لهؤلاء الأعضاء في تحقيق الجنايات المشار إليه في الفقرة الأولى من هذه المادة عدا الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات سلطة القاضي الجزئي فيما يتعلق بمدة الحبس الاحتياطي.

ويكون لهم فضلاً عن ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة، المنصوص عليها في المادة 122 من هذا القانون عند تحقيق الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات بشرط ألا تزيد مدة الحبس في كل مرة على خمسة عشر يوماً

وتنص المادة 206 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية الحالي على أن “يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل – بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة – سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات. ويكون لهم فضلاً عن ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة المبينة في المادة (143) من هذا القانون في تحقيق الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني المشار إليه بشرط ألا تزيد مدة الحبس في كل مرة عن خمسة عشر يوماً.

ويكون لهؤلاء الأعضاء من تلك الدرجة سلطات قاضي التحقيق فيما عدا مدد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في المادة (142) من هذا القانون، وذلك في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات  “.

[20] المادة (71): يجب على كل من المجني عليه والمدعى بالحقوق المدنية والمسئول عنها أن يعين له موطناً مختاراً في المكان الكائن فيه مقر النيابة التي يجري فيها التحقيق، أو أن يعين رقم هاتف محمول أو بريدًا إلكترونيًا لإعلانه عليه.

ويجب على المتهم عقب مثوله في أي إجراء تتخذه سلطة التحقيق أن يعين له موطنا مختارا، أو رقم هاتف محمول أو بريدًا إلكترونيًا لإعلانه عليه.

وإذا لم يعين أي من الأشخاص المنصوص عليهم في الفقرتين الأولى والثانية من هذه المادة، البيانات المبينة بهما، أو كان هذا البيان ناقصا أو غير صحيح أو طرأ عليه تغيير ولم يُخطر بها، فيكون إعلانه في قلم الكتاب صحيحًا.

وتنص المادة (235) من المشروع على أن: “إذا لم يحضر الخصم المكلف بالحضور حسب القانون في اليوم المبين بورقة التكليف بالحضور بشخصه أو لم يحضر وكيل عنه جاز الحكم في غيبته بعد الاطلاع على الأوراق، إلا إذا كانت ورقة التكليف بالحضور قد سلمت لشخصه أو على النحو المنصوص عليه بالفقرتين الأولى والثانية من المادة (71) من هذا القانون وتبين للمحكمة أنه لا مبرر لعدم حضوره، فيعتبر الحكم حضورياً.”

وتنص المادة (238) على أن: ” في الأحوال المنصوص عليها في المواد 235، 236، 237 من هذا القانون التي يعتبر فيها الحكم حضورياً يجب على المحكمة أن تحقق الدعوى أمامها كما لو كان الخصم حاضراً”.

[21] تنص المادة 376 من المشروع على أن: “تقبل المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح، وذلك من المتهم أو من المسئول عن الحقوق المدنية في خلال العشرة الأيام التالية لإعلانه بالحكم الغيابي خلاف ميعاد المسافة المنصوص عليه في قانون المرافعات المدنية والتجارية، ويجوز أن يكون هذا الإعلان بملخص على نموذج يصدر به قرار من وزير العدل، و في جميع الأحوال لا يعتد بالإعلان لجهة الإدارة.

ومع ذلك إذا كان إعلان الحكم لم يحصل لشخص المتهم، فإن ميعاد المعارضة بالنسبة إليه فيما يختص بالعقوبة المحكوم بها يبدأ من يوم علمه بحصول الإعلان وتكون المعارضة جائزة حتى تنقضي الدعوى بمضي المدة.

ويجوز أن يكون إعلان الأحكام الغيابية والمعتبرة حضورية بواسطة أحد رجال السلطة العامة وذلك في الأحوال المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة (61) من هذا القانون.”

[22] تنص الفقرة الأولى من المادة 238 على أن: “فى الأحوال المنصوص عليها فى المواد 235، 236، 237 من هذا القانون التي يعتبر فيها الحكم حضورياً يجب على المحكمة أن تحقق الدعوى أمامها كما لو كان الخصم حاضراً.”

وتنص الفقرة الأولى من المادة رقم 235 على أن: “إذا لم يحضر الخصم المكلف بالحضور حسب القانون فى اليوم المبين بورقة التكليف بالحضور بشخصه أو لم يحضر وكيل عنه جاز الحكم فى غيبته بعد الاطلاع على الأوراق، إلا إذا كانت ورقة التكليف بالحضور قد سلمت لشخصه أو على النحو المنصوص عليه بالفقرتين الأولى والثانية من المادة (71) من هذا القانون وتبين للمحكمة أنه لا مبرر لعدم حضوره، فيعتبر الحكم حضورياً”.

وتنص المادة رقم 71 من المشروع على أن: “يجب على كل من المجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها أن يعين له موطناً مختاراً فى المكان الكائن فيه مقر النيابة التي يجري فيها التحقيق، أو أن يعين رقم هاتف محمول أو بريدًا إلكترونيًا لإعلانه عليه.

ويجب على المتهم عقب مثوله فى أي إجراء تتخذه سلطة التحقيق أن يعين له موطنا مختارا، أو رقم هاتف محمول أو بريدًا إلكترونيًا لإعلانه عليه.

وإذا لم يعين أي من الأشخاص المنصوص عليهم فى الفقرتين الأولى والثانية من هذه المادة، البيانات المبينة بهما، أو كان هذا البيان ناقصا أو غير صحيح أو طرأ عليه تغيير ولم يُخطر بها، فيكون إعلانه فى قلم الكتاب صحيحًا”

[23] تنص المادة (147) من المشروع على أنه: يجوز للنائب العام أو من يفوضه من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوي الشأن، ولقاضي التحقيق المختص، عند وجود أدلة كافية على جدية الاتهام في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس أن يصدر أمراً مسبباً بمنع المتهم من السفر خارج البلاد أو بوضع اسمه على قوائم ترقب الوصول لمدة سنة قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة، لأمر تستلزمه ضرورات التحقيقات أو حسن سير إجراءات المحاكمة، وضمان تنفيذ ما عسى أن یقضي به من عقوبات.

ويجوز للنائب العام أو من يفوضه من تلقاء نفسه أو بناء على طلب كل ذي شأن أن يصدر أمراً مسبباً بالإدراج على قوائم الممنوعين من السفر أو ترقب الوصول للمحكوم عليهم المطلوب التنفيذ عليهم، والمتهمين والمحكوم عليهم ممن تطلب الجهات القضائية الأجنبية المختصة تسليمهم أو محاكمتهم.

[24] تنص المادة (148) من المشروع على أن: “يجوز للممنوع من السفر، وللمدرج على قوائم ترقب الوصول أو وكيله أن يتظلم من هذا الأمر أمام المحكمة الجنائية المختصة منعقدة في غرفة المشورة، خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علمه ولا يجوز إعادة التظلم من أمر المنع أو الإدراج قبل مضي ثلاثة أشهر من تاريخ رفض التظلم السابق عليه.

ويحصل التظلم بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة الجنائية المختصة، وعلى رئيس المحكمة أن يحدد جلسة لنظر التظلم يعلن بها المتظلم والنيابة العامة، وعلى المحكمة أن تفصل في التظلم خلال مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ التقرير به بحكم مسبب بعد سماع أقوال المتظلم أو وكيله والنيابة العامة، ولها في سبيل ذلك أن تتخذ ما تراه من إجراءات أو تحقيقات ترى لزومها في هذا الشأن”.

[25] تنص المادة (149) من المشروع على أن: “يجوز لسلطة التحقيق مصدرة الأمر ابتداء في كل وقت العدول عن الأمر الصادر منها، كما يجوز لها التعديل فيه برفع اسمه من على قوائم المنع من السفر أو ترقب الوصول لمدة محددة إذا دعت الضرورة لذلك.

وللنائب العام للاعتبارات التي يقدرها ومن بينها الظروف الصحية منح أي من المدرجة أسماؤهم على قوائم الممنوعين من السفر بناء على طلبه أو وكيله أو أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة تصريحاً للسفر إلى دولة أو دول معينة لمدة محددة، إذا قدم الضمانات الكفيلة بالعودة إلى البلاد عند انتهاء مدة التصريح.

و في جميع الأحوال، ينتهي المنع من السفر بصدور قرار بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أيهما أقرب”.

[26] تنص المادة (518) من المشروع على أن: “يجوز للشاهد بناء على إذن النيابة العامة، أو قاضي التحقيق المختص أن يتخذ من قسم الشرطة التابع له محل إقامته أو من مقر عمله عنواناً له”.

[27] تنص المادة (519) من المشروع على أن: ” في الأحوال التي يكون فيها من شأن سماع أقوال أي إنسان تعريض حياته، أو سلامته، أو أحد أفراد أسرته للخطر، يجوز لمحكمة الموضوع أو للمحامي العام، أو قاضي التحقيق بناء على طلب هذا الشخص أو أحد مأموري الضبط القضائي الأمر بسماع أقواله دون ذكر بياناته، على أن ينشأ ملف فرعي للقضية يتضمن تحديداً لشخصيته وبياناته.

[28] تنص المادة (520) من المشروع على أن: ” في الأحوال التي يكون فيها الكشف عن هوية الشخص لا غنى عنها لمباشرة حقوق الدفاع يجوز للمتهم أو وكيله الطعن على الأمر الصادر من المحامي العام أو قاضي التحقيق بإخفاء بياناته أمام محكمة جنايات أول درجة منعقدة في غرفة مشورة، خلال عشرة أيام من تاريخ مواجهته بفحوى هذه الشهادة، وتفصل المحكمة في الطعن بعد سماع ذوي الشأن بقرار نهائي مسبب، وذلك دون إخلال بحق محكمة الموضوع في إلغاء هذا الأمر، أو استدعاء هذا الشخص لسماع أقواله”.

[29] تنص المادة (521) من المشروع على أن: “يجوز للمتهم أثناء المحاكمة أن يطلب مواجهة، أو مناقشة الشخص الصادر أمر بإخفاء بياناته، بما لا يكشف عن شخصيته، وذلك كله وفقاً لإجراءات التحقيق والمحاكمة عن بعد المنصوص عليها في هذا القانون”.

[30] تنص المادة (522) من المشروع على أن: “يعاقب كل من أدلى بأي بيانات عن الشخص الصادر أمر بإخفاء هويته بالحبس والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة السجن المشدد إذا ارتكبت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابي، و في كل الأحوال تكون عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد إذا نجم عن الفعل موت شخص”.

[31] تنص المادة (526) من المشروع على أن: “يجوز لجهة التحقيق أو المحاكمة المختصة بحسب الأحوال اتخاذ كل أو بعض إجراءات التحقيق أو المحاكمة عن بعد مع المتهمين، والشهود، والمجني عليه، والخبراء والمدعي بالحقوق المدنية، والمسئول عنها والمنصوص عليها في هذا القانون.

ويجوز لها اتخاذ تلك الإجراءات فيما يتعلق بالنظر في أمر مد الحبس الاحتياطي والتدابير والإفراج المؤقت واستئناف أوامرها.

ولها بحسب الأحوال أن تقرر منع الكشف عن الشخصية الحقيقية للشهود بكافة وسائل وتقنيات الاتصال الحديثة المناسبة أثناء الإدلاء بأقوالهم، وذلك كُله مع مراعاة المادة 520 من هذا القانون”

[32] تنص المادة 530 من المشروع على أن: “يجوز للمتهم في أول جلسة بأي درجة من درجات التقاضي الاعتراض على عدم مثوله شخصياً أمام المحكمة المختصة، وعليها الفصل في الاعتراض بقبوله أو رفضه.”

[33] قرار وزير العدل  رقم 8901 لسنة 2021 .

[34] على سبيل المثال فإن المتهمين والسجناء في سجن بدر يتعرضون للعديد من الانتهاكات داخل السجن ويتم تجديد حبسهم بواسطة تقنية الفيديو كونفرنس مع تجاهل القضاة تماماً شكاويهم وإدلائهم بما يتعرضون إليه من انتهاكات وقد وصل الأمر إلى محاولة انتحار العديد من هؤلاء المتهمين نتيجة ما يتعرضون له من انتهاكات في ظل منعهم من التواصل مع العالم الخارجي حتى أثناء تجديد الحبس وجلسات التقاضي.

[35] الفقرة الثانية من المادة 266 مشروع قانون الإجراءات الجنائية ” ولا يجوز نقل وقائع الجلسات أو بثها بأي طريقة كانت إلا بموافقة كتابية من رئيس الدائرة بعد أخذ رأي النيابة العامة”

[36] تنص المادة 267 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية على أن ” لا يجوز نشر أخبار أو معلومات أو إدارة حوارات أو مناقشات عن وقائع الجلسات أو ما دار بها على نحو غير أمين أو على نحو من شأنه التأثير على حسن سير العدالة.

ويحظر تناول أي بيانات أو معلومات تتعلق بالقضاة أو أعضاء النيابة العامة أو الشهود أو المتهمين عند نظر المحكمة لأي من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم 94 لسنة 2015.

ويعاقب كل من يخالف أحكام هذه المادة بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 186 مكرراً من قانون العقوبات”.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى