الاجندة الحقوقية من مجلة “حق ومعرفة” العدد 8

مايو 

يونيو

يوليو

مصر وحرية الصحافة.. فخ كبير من القمع يبتلع المهنة والمجتمع

(1)

يحتفل العالم في الثالث من مايو من كل عام، باليوم العالمي لحرية الصحافة، لتسليط الضوء على ما تعانيه المهنة من انتهاكات وقيود، وللتذكير بحق المجتمع في صحافة حرية، ولكن ربما يأتي هذا اليوم في مجتمعات تشعر بالفخر كونها تحمي الصحافة والصحفيين والمهنة، ولكن في بلادنا، يأتي هذا اليوم ليذكرنا بما يتعرض له المجتمع ككل وفي القلب منه الصحافة من قمع وتقييد.

(2)

الصحافة الحرة حق أصيل لكل مواطن، يستطيع من خلالها مراقبة السلطة وحماية مصالحته والتأكد من أن كل مسئول يقوم بدوره دون فساد أو تكاسل، ما يعني أن قمع الصحافة هو في الأصل عداء للمجتمع كله وليس للمهنة وممتهنيها فقط، لأن غلق منافذ الحرية يحرم المواطن من حقه في المعلومة والحقيقة، قمع الصحافة هو قمع للمجتمع.

(3)

خلال السنوات الماضية، واصلت السلطة الحالية عملياتها الممنهجة لقمع الصحافة، واتخذت أشكالا لم يكن يتخيلها أكتر المتشائمين، بدأت بسلسلة طويلة من اعتقال الصحفيين وحبسهم في قضايا رأي ونشر ممنوع فيها الحبس بموجب القانون والدستور الذي منع الحبس في قضايا النشر، ثم حجب المواقع الإلكترونية الصحفية من جهات غير معلومة، وصولا إلى تقنين الانتهاك من خلال إصدار قوانين تشرعن الحجب ومنع الظهور، مثل قانون المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.

(4)

بحسب الأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني، أعلنت الجمعية العامة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ديسمبر 1993، بناء على توصية من المؤتمر العام لـ اليونسكو. ومنذ ذلك الحين يُحتفل بالذكرى السنوية لإعلان ويندهوك في جميع أنحاء العالم في 3 مايو باعتباره اليوم العالمي لحرية الصحافة، حيث يعود تاريخ اليوم العالمي لحرية الصحافة إلى مؤتمر عقدته اليونسكو في ويندهوك في عام 1991. وكان المؤتمر قد عُقد في الثالث من مايو باعتماد إعلان ويندهوك التاريخي لتطوير صحافة حرّة ومستقلّة وتعدديّة.

(5)

رصدت مؤسسات حقوقية مصرية من بينها المفوضية المصرية للحقوق والحريات وحملة “أنقذوا حرية الرأي”، العديد من الانتهاكات التي ارتكبت ضد الصحافة والإعلام خلال العام الماضي، أبرزها استمرار حبس عدد من الصحفيين سواء أعضاء بالجمعية العمومية لنقابة الصحفيين أو من غير الأعضاء.

إلى جانب الحبس واستمرار الاحتجاز خارج إطار القانون (في حالة استمرار الحبس لأكثر من عامين دون إحالة للمحاكمة)، رصدت التقارير الحقوقية أشكالا أخرى للانتهاكات، تمثلت في صدور قرارات بحجب مواقع إلكترونية والمنع من الظهور على القنوات الفضائية، وهو ما تم توثيقه في 6 مناسبات وقرارات مختلفة خلال العام الماضي وفقا لتقرير حرية الصحافة الصادر من حملة “أنقذوا حرية الرأي”.

أيضا كان هناك نوعا جديدا من الانتهاكات ضد الصحفيين، تمثل في الإدراج على قوائم الإرهاب وما يترتب عليه من آثار متمثلة في المنع من السفر والمنع في التصرف في الأموال والمنع من ممارسة الحياة السياسية، مثلما جرى مع عدد من الصحفيين بينهم الصحفي وسجين الرأي السابق هشام جعفر، الصحفي هشام فؤاد، والصحفي رهن الحبس الاحتياطي حتى الآن توفيق غانم.

اخر تقرير عن اوضاع حرية الصحافة فى مصر- المصدر:المفوضية المصرية للحقوق والحريات

(6)

تراجع تصنيف مصر في مؤشر حرية الصحافة الذي تصدره مؤسسة “مراسلون بلا حدود” سنويا في اليوم العالمي لحرية الصحافة، لتصبح في المركز الـ170 من أصل 180 دولة يشملها المؤشر، ما يعني المزيد من الانتهاكات والتضييق رصدته المؤسسة خلال العام المنصرم دفع بمصر إلى هذا الترتيب المتأخر جدا.

وعلى الرغم من وجود تحفظات على هذا التنصيف وتحديدا في عامه الحالي، إلا أنه المؤشر الوحيد تقريبا الذي قد يكشف عن مركز مصر فيما يتعلق بحرية الصحافة، ويشاور على القيود التي تفرضها السلطة.

خلفية:

جاءت تحفظات كاتب هذا المقال على مؤشر حرية الصحافة الصادر عن مراسلون بلا حدود، بسبب عدم استبعادها لدولة الاحتلال الإسرائيلي من القائمة هذا العام كنوع من أنواع الاحتجاج على عملية قتل واستهداف الصحفيين في فلسطين منذ بداية الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023. فعلى الرغم من مقتل 119 صحفيا على ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى جانب اعتقال عشرات الصحفيين ومراسلين القنوات واقتحام المقرات، تراجعت إسرائيل مركزين فقط في مؤشر مراسلون بلاد حدود!، بدلا من استبعادها تماما وإدانة أفعالها في المؤشر السنوي.