اصدارات

خواطر/ حداد الوطن بقلم/ هناء التونسي

مجلّد أسود يحتوي عبارات أليمة ، طالت صفاحاته و لزالت  تطول امتلأ بالألم و الحرقة و الدموع و الفراق 

‎فهرس الكتاب طويل و طويل دونته إسرائيل ختمه القادة العرب و سجله التاريخ كتب عنوانه بالخط العريض حداد الوطن

‎وصمة عار و عيب على كل من ساهم في كتابته و لو من بعيد تحتوي أسطره صرخة أم و حرقة كبدها ، بين الكلمة و التي تاليها سقطت أحلام  و قصف شباب و غابت ابتسامة ، بين السطر و الذي يليه غلقت أبواب و محقت تطلعات ، بين النقطة والرجوع للسطر لوعة أم ودعت فلذة كبدها فكم من ضهر انقسم و كم من قلب انكسر و كم من روح تعطشت للقاء فقيدها 

‎أي ضوء هذا يزيدنا ضلمة

‎و أي حياة هذه  تزيدنا موت

‎كم من ابن تيتم و كم من أم أنهكت و كم من بيت هدم

‎كم من عمر قصف و حلم اندثر و تعب راح سدا و بريق أمل انطفأ كم من حياة اغتيلت و كم من روح عبرت .. 

‎أعيش في عالم ،  المراة أغتصبت عذبت و انقتلت 

‎أعيش في زمن ،  الطفولة فيه شردت غرقت و دفنت 

‎أعيش في عالم  الشاب فيه كالملح ذاب وحلق قبل الآوان

‎تصادفك الموت لحضات بعد ان كنت تتخبط في بطن أمك لهفتك للحياة تدوم قصيرا فيصدمك واقع الموت 

‎أعيش في عالم مات فيه الجنين و الصغير والشاب و الطبيب و العامل و الطالب والعجوز و كل من أراد الحياة 

‎ألم يقل الشابي اذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ؟ 

‎قُتِل وقُتِل وقُتِل ، و لن أقول مات فالموت قدر فهل قدر فتاة في عمر الورود أن تموت في مجاري مياه ؟ وهل قدر جنين لم يرتشف من الحياة قطرة أن ينتهي عمره قبل أن يبدأ ؟ هل قدر شاب تبرق عيناه أملا للمستقبل أن يموت قصفا ؟ هل قدر فتيات أن يسقط عمرهن في دموس مظلم ؟ هل قدر جميلة الجميلات أن يسلب عمرها في لمح البصر ؟ هل قدر ملاك الرحمة أن ترحل روحه إلى السماء و يسقط جسده أرضا فيغرد كالعصفور الحزين و هو ينزف ؟ 

‎أي قدر أنهكنا و أرهقنا هذا ؟ قدر نديناه فلم يلبينا أو قدر نسي ذكرنا بين البشر ؟ 

‎لم أعد أشتم رائحة التراب الفضيلة رائحة الخضراء فرائحة الموت تعم الأرجاء رائحة مخيفة تفقدني رغبتي في الحياة ، شعور مضلم داخلي يعتري كل جسدي أخذ بصيص الأمل الذي كان يملأ روحي ألم ، فراق ، فقدان دموع و شوق ، لم تعد تصادفني هاته الكلمات في القصائد و الكتب و الروايات بل أصبحت قهوتي كل صباح أسمعها في ومضة الأخبار  أتقيأها بين اليوم و الآخر 

‎ ما السبيل للعيش في عالم لم تدركه دناسة البشر بعد ؟

‎من ينعتني على أرض أستطيع العيش فيها دون الخوف من مستقبل مضلم أو مصير مجهول أرض عفيفة لا تفتك فيها الأعمار و لا الأرواح و لا الأحلام تحتضنني كما تحتضنني أمي أحبها كما أحب  فلسطين فحب الوطن عزيز أفتخر و أتغنى به  أحيا فيه ولا أفنى، أعيش و لا أتعايش، أعتاده ولا أتعود عليه أغني فيه الحياة وليس الرثاء أقيم الأعراس لا العزاء و الفرح لا الفناء  ففي وطني حتى و لو طالت الأعمار نعيش موت الوجدان و الإنسانية بكافة أصنافه و تضاريسه ؟ فهل من عالم يضخ فينا حب الحياة و يتقي الله في شعوبه  ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى