بيانات صحفيةبيانات صحفية-الحق في السكن

السياسات الحضرية والإسكان العشوائي في مصر، مقاربة حقوقية وتنموية

١٥ مايو ٢٠١٧

 

تمثل ظاهرة الإسكان العشوائي إحدى القضايا الحضرية الكبرى التي تواجه مصر، حيث تشكل نسبة كبيرة من النسيج العمراني للمدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية. تعكس هذه الظاهرة تداخل عوامل متعددة، منها النمو السكاني السريع، وغياب سياسات إسكانية عادلة، وضعف التخطيط العمراني، مما أدى إلى انتشار العشوائيات وتزايد أعداد السكان الذين يعيشون في مساكن غير رسمية تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الأساسية.

يقدم الباحث إبراهيم عزالدين، الباحث بملف الحق في السكن بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، تحليلا للسياسات الحضرية التي تبنتها الحكومة المصرية لمواجهة الإسكان العشوائي، حيث تتباين هذه السياسات بين الإزالات القسرية، وبرامج تطوير العشوائيات، ومشروعات الإسكان الاجتماعي. تمثل الإزالات القسرية أحد أكثر التدخلات المثيرة للجدل، إذ تؤدي غالبًا إلى تهجير السكان دون توفير بدائل مناسبة، مما يزيد من حدة الأزمة السكنية ويعمّق مشكلات الفقر والتشرد. في المقابل، تركز برامج تطوير العشوائيات على تحسين البنية التحتية والخدمات داخل المناطق غير الرسمية، لكنها تواجه تحديات تتعلق بالتمويل والتنفيذ. أما مشروعات الإسكان الاجتماعي، فهي تهدف إلى توفير وحدات سكنية بأسعار مدعومة، لكنها تعاني من مشكلات تتعلق بملاءمة الأسعار والمواقع بالنسبة للفئات المستهدفة.

يواجه تنفيذ هذه السياسات العديد من التحديات التي تؤثر على فاعليتها، من بينها نقص التمويل المخصص لمشروعات تطوير العشوائيات، وغياب التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة، وعدم إشراك السكان المحليين في عمليات التخطيط والتنفيذ. كما أن السياسات الحالية غالبًا ما تفتقر إلى رؤية شاملة توازن بين متطلبات التنمية الحضرية وحقوق السكان في السكن اللائق، وهو ما يؤدي إلى استمرار المشكلة بدلاً من حلها بشكل جذري. بالإضافة إلى ذلك، فإن عمليات الإزالة القسرية غالبًا ما تُنفّذ دون مراعاة التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية على السكان المتضررين، مما يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية تفاقم الأزمة بدلاً من الحد منها.

تسعى هذه الدراسة إلى تقديم مجموعة من البدائل التي يمكن أن تسهم في تحسين أوضاع الإسكان العشوائي في مصر. من بين هذه البدائل، ضرورة تبني سياسات إسكان ميسر تتناسب مع القدرات الاقتصادية للفئات الأقل دخلًا، بحيث يتم توفير وحدات سكنية بأسعار معقولة وفي مواقع تتناسب مع أماكن عمل السكان. كما أن تعزيز النهج التشاركي في التخطيط العمراني يُعدّ أمرًا ضروريًا لضمان نجاح أي سياسات جديدة، حيث إن إشراك السكان في عمليات التخطيط والتنفيذ يمكن أن يؤدي إلى حلول أكثر استدامة وفاعلية. كذلك، فإن تحسين التشريعات الحضرية لضمان توزيع عادل للأراضي والبنية التحتية يعد خطوة أساسية نحو معالجة جذور المشكلة بدلاً من التعامل مع نتائجها فقط.

في الختام، تؤكد الدراسة على ضرورة إعادة النظر في سياسات الإسكان العشوائي في مصر، بحيث تتبنى نهجًا أكثر شمولًا واستدامة يراعي الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لهذه الظاهرة. إن تطوير المناطق العشوائية يجب أن يتم بالتوازي مع توفير بدائل سكنية مناسبة وميسورة التكلفة، مع التركيز على تحقيق التوازن بين التنمية الحضرية وحقوق السكان في السكن اللائق. هذا النهج من شأنه أن يسهم في الحد من انتشار العشوائيات، وتحقيق بيئة حضرية أكثر استدامة وعدالة.

للإطلاع علي الورقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى