اصدارات

22 شهرًا من الحبس الاحتياطي واتهامات تصل عقوبتها للمؤبد عقابًا على مبادرة شبابية لمواجهة مأساة أطفال الشوارع في مصر

25منظمة حقوقية: قضية مؤسسة بلادي تعد شاهدًا على أن المبادرات الفردية والمجتمعية لن تواجه سوى بالقمع وتلفيق الاتهامات
عرب المنظمات الموقعة أدناه عن بالغ إدانتها لاستمرار الحبس الاحتياطي لكل من أية حجازي وزوجها محمد حسانين، وخمسة آخرين هم شريف طلعت محمد، أميرة فرج، إبراهيم عبد ربه، كريم مجدي، محمد السيد محمد، لمدة تقترب من650يوم، في قضية “مؤسسة بلادي – أطفال شوارعنا”، والتي تعتبرها المنظمات استمرارًا لقمع العمل التطوعي، وتضييق الخناق على المبادرات الشبابية والمجتمع المدني. وتطالب المنظمات بإطلاق سراح جميع المتهمين المحبوسين حاليًا على ذمة القضية، وإسقاط كافة الاتهامات الموجه لهم.
في 13 فبراير الجاري، تحل الجلسة الرابعة للقضية، والتي بدأت أولى جلساتها في 14مارس 2015، ولم يتمكن الدفاع من المرافعة في الجلستين السابقتين، اللتين انتهيتا بالتأجيل –لأسباب إجرائية– مع استمرار الحبس الاحتياطي للمتهمين لمدة وصلت لـ 22 شهر، دون مبرر، كوسيلة للتنكيل وإطالة فترة حبسهم احتياطيًا.
كانت قوات من الشرطة قد اقتحمت مقر مبادرة “بلادي” مساء يوم 1 مايو 2014، بناءً على بلاغ –تم تحريره بعد الاقتحام– من أحد الأفراد أدعى احتجاز ابنه –المتغيب لأكثر من 15 يومًا– بمقر “بلادي” في شارع محمد محمود، رغم أن “المُبلغ” كان قد حضر ومعه مجموعة كبيرة من البلطجية قبل ساعة من الاقتحام للمقر، وبحث عن ابنه ولم يجده، فانصرف بعدما بعثر محتويات المقر، وتعدى ومن معه على الموجودين فيه –الذين طلبوا النجدة لأكثر من 15 مرة ولم تحضر– وتوعد القائمين على المبادرة بالانتقام. وفي غضون أقل من ساعة عاد “المُبلغ” وبصحبته قوة من قسم عابدين، للتفتيش –دون إذن النيابة– وتم القبض على أية وزوجها واثنين آخرين من المتطوعين بالمبادرة، ومعهم 17 طفلًا تواجدوا بالمقر لحظة الاقتحام. كما تمت مصادرة أجهزة الحاسب الآلي والأوراق الموجودة بالمقر، وأُغلق المكان بالشمع الأحمر. ولم تكتف قوات الأمن بذلك، وإنما اتبعت الإجراء نفسه بعد أيام قليلة بمنزل أية حجازي، وزوجها محمد حسانين، وصادرت بعض أغراضهما، وأوراق إثبات الشخصية، وتم “تشميع” المنزل. وفي وقت لاحق ضمت تحريات النيابة للقضية متطوعين آخرين بالمبادرة، واثنين من أصدقاء محمد حسانين، لم يكن لهما أية صلة بالمؤسسة، وصدر بحقهم جميعًا –المتهمين الثمانية– أمر الإحالة من نيابة وسط القاهرة الكلية لمحكمة عابدين في 8 سبتمبر 2014، في القضية رقم 4252 لسنة 2014 جنايات عابدين.
ظل المتهمون محتجزين في مكان غير معلوم، لحين بدأت التحقيقات ليلًا في 3 مايو 2014، بنيابة وسط القاهرة الكلية، والتي وجهت للمتهمين الثمانية مجتمعين سبعة اتهامات رئيسية، هي –وفقًا لنص قرار الإحالة الصادر من النيابة– تأسيس وإدارة جماعة إجرامية بغرض الاتجار بالبشر، وهتك عرض أطفال، واستعمال القوة والعنف والتهديد والاختطاف والاحتيال والخداع ضدهم، والاستغلال الجنسي للأطفال في تصوير مواد إباحية، والمشاركة في التظاهرات وجمع التبرعات، فضلًا عن احتجاز الأطفال في مكان “قصي عن الأعين” وتعذيب بعضهم بدنيًا، والتعدي عليهم بالضرب لإجبارهم على ممارسة الفجور والجنس. وهي الاتهامات التي دحض معظمها تقارير الطب الشرعي، والثابت بها عدم وجود أثار تعذيب أو انتهاك جنسي أو هتك عرض لأي من الأطفال في الفترة محل الواقعة، فضلًا عن شهادات شهود النفي –والموثقة بالشهر العقاري– من المتطوعين والمترددين على المقر، ممن أقروا بأن الأطفال كانوا يعامَلوا معاملة إنسانية كريمة.
هذا بالإضافة لما هو مثبت من أن خطوات إجرائية كانت قد بدأت منذ ديسمبر 2013 لتسجيل مبادرة بلادي – أطفال شوارعنا، كمؤسسة أهلية تتبع وزارة التضامن الاجتماعي، تحمل الاسم نفسه، علمًا بأن المؤسسة قد تابعت الإجراءات وتم فتح حساب بنكي باسم المؤسسة، إلا أن التعقيدات البيروقراطية والأمنية على مدى 5 شهور، حالت دون حصول المؤسسة على رقم الإشهار قبل الواقعة في مايو 2014، فيما أقرت وزارة التضامن لاحقًا –في خطاب رسمي للمؤسسة في 13 مايو 2014– تجميد عملية التسجيل لحين البت في القضية، والتحقق مما ورد عن أهداف المؤسسة في الإعلام وفقًا لنص الخطاب. كما رفضت الوزارة تسليم المحامين ملف المؤسسة وما يثبت اتباعها معظم الإجراءات المطلوبة لعملية التسجيل، وأنها كانت على وشك الحصول على رقم الإشهار، الأمر الذي دفع المحامين لتقديم طلب رسمي للمحكمة لطلب الملف من الوزارة.
جدير بالذكر، أن تعنت وزارة التضامن والجهات الأمنية في منح مؤسسة بلادي رقم الإشهار، قد جاء بالمخالفة للقانون 84 لسنة 2002 المنظم لعمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية، والذي يعطي الحق للجمعية أو المؤسسة في مباشرة عملها ما لم تتلق ما يفيد رفض جهة الإدارة –وزارة التضامن– لعملية التسجيل خلال 60 يوم من بدء عملية القيد، على أن تحصل المؤسسة أو الجمعية على رقم الإشهار بعد مرور هذه المدة.  وقد أدى هذا التعنت إلى توجيه اتهام لكافة المتهمين في القضية بممارسة عمل من أعمال الجمعيات دون اتباع أحكام القانون، ومن خلال كيان غير مشهر.
أطفال شوارعنا، هي أحد مشروعات مبادرة “بلادي – جزيرة الإنسانية”، وهي مبادرة شبابية خالصة، أقدمت عليها أية حجازي وزوجها محمد حسانين وآخرين، بعد 25 يناير 2011، تستهدف بشكل أساسي خدمة المجتمع وتنميته، بجهود ورؤى شبابية بمعزل عن أي توجهات أو انتماءات سياسية. وكانت البداية في يناير 2013 بمبادرة جمع القمامة من الشوارع وتنظيفها، والتي على إثرها أسس محمد حسانين شركة “بلادي للتجميل والنظافة”، ثم مبادرة فرسان ضد التحرش، والتي كانت تستهدف مقاومة التحرش في الميادين العامة، ثم تنظيم فعاليات رياضية تضم كل التيارات والتوجهات والأعمار لتحقيق التقارب ونبذ الخلاف في مارثون “اجري من السياسية” الذي نظمته “بلادي” في 31 ديسمبر 2013، بموافقة من وزارة الداخلية، واشترك فيه عدد من الشخصيات العامة واحتفت بيه العديد من وسائل الإعلام القومية والخاصة. وأخيرا جاءت فكرة “بلادي – أطفال شوارعنا” في مطلع 2014، والتي تستهدف إعادة تأهيل أطفال الشوارع بالتعليم والفن والرياضة وتنمية الإبداع والمواهب والإمكانيات، وهي المبادرة التي لاقت احتفاءً مجتمعيًا وإعلاميًا كنموذج يُحتذى به للعمل التطوعي والمبادرات الشبابية.
ورغم أن معظم الاتهامات الموجة لأية وزملائها بالمؤسسة هي اتهامات جنائية بالأساس، كنوع من التشهير، صورت وزارة الداخلية والإعلام مؤسسة “بلادي – أطفال شوارعنا” على أنها عصابة لتجنيد الأطفال للخروج في المظاهرات ضد الجيش والشرطة، وفي انتهاك قانوني ومهني سمحت الداخلية لوسائل الإعلام بالتسجيل مع الأطفال القصر واستجوابهم حول مشاركتهم في مظاهرات والهتاف ضد الجيش والشرطة، بتحريض من القائمين على المؤسسة.
قضية مؤسسة بلادي تعكس استمرار تعقب الشباب وتلفيق الاتهامات لهم، وتعد نموذجًا لسياسات التضييق والقمع لحرية التنظيم وممارسة العمل الأهلي والتطوعي، واستمرارًا لاستخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة. ومن ثم تجدد المنظمات طلبها بإخلاء سبيل المتهمين في القضية، وإسقاط التهم الموجه لهم، بل وتطالب الدولة –وجهاتها المعنية– بتمكين شباب مؤسسة بلادي من متابعة هدفهم في القضاء على ظاهرة خطيرة لطالما اشتكت الدولة من عدم قدرتها منفردة على مقاومتها، وحاجتها لطاقات شبابية متخصصة للقضاء عليها، وتحذر المنظمات من إن مثل هذه السياسات القمعية –خاصةً ضد الشباب– تمثل تهديد صريح لمستقبل هذا البلد.
المنظمات الموقعة:

  1. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
  2. الائتلاف المصري لحقوق الطفل
  3. الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون
  4. الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية
  5. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
  6. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
  7. مركز الأرض لحقوق الإنسان
  8. المركز المصري لدراسات السياسة العامة
  9. المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
  10. مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب
  11. مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
  12. مركز حابي للحقوق البيئية
  13. مركز عدالة للحقوق والحريات
  14. مركز هشام مبارك للقانون
  15. مركز وسائل الاتصال من أجل التنمية (أكت)
  16. مصريون ضد التمييز الديني
  17. المفوضية المصرية للحقوق والحريات
  18. المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
  19. مؤسسة الحقانية للحقوق والحريات
  20. مؤسسة المرأة الجديدة
  21. المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة
  22. مؤسسة حرية الفكر والتعبير
  23. مؤسسة ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري
  24. مؤسسة قضايا المرأة المصرية
  25. نظرة للدراسات النسوية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى