المفوضية المصرية للحقوق والحريات

نتائج مسابقة ECRF الفن وحقوق الإنسان

العمل الفني الفائز بالمركز الثاني
حكاية إسماعيل الشاعر
إمتي أمريكا و أوروبا يبقوا زي مصر

“إمتى أمريكا وأوروبا يبقوا زي مصر”

كتير بسأل نفسي السؤال ده، لما بمشي في شوارع مصر واسكندرية، لما بشوف الانفتاح اللي عندنا بين الأديان السماوية واللي مش سماوية كمان، بيبقى نفسي العالم كله يتعلم من مصر والبلاد العربية، من فترة قريبة وأنا ماشي في بحري، لقيت شاب حاطط ترابيزة على الرصيف عليها كتب صغيرة، وبيبصلي وبيبتسم، قربت منه لقيته بيقول لي: “تحب تاخد كُتَيِّب؟” قلتله ده كتيب إيه معلش؟

= كتيب بيتكلم عن الدين المسيحي

– إنت حسيت إن أنا مسيحي يعني؟

= أيا كان دينك، هي ممكن تبقى بالنسبالك رؤية مختلفة كثقافة جديدة، يا تلاقي فيها حاجة تحبها وتتفق معاها.. يا تختلف معاها وتلاقي فيها حاجة تحبها، ويمكن ما تلاقيش بس تكون قريت شيء مختلف.

– قصدك حسيت إني مش مسيحي بقى؟

= صدقني مالهاش ضرورة، ربنا ممكن نشوفه من خلال كل الأديان

– تمام، بكام الكتيب

= لأ دي دعوة بسيطة كهدية مالهاش مقابل، إبقى صليلي بس وانت بتدعي ربنا

أخدت الكتيب وشكرته ومشيت

بعديها بشوية سمعت المغرب بيأدن قلت ادخل اصلي واكسب ثواب الجماعة، دخلت الجامع حطيت جزمتي على ستاند خشب، وحطيت كتيب الدين المسيحي جنب المصاحف اللي على الدولاب لحد ما اخلَّص صلاة وارجع اخدُه

وقفت وظبطت نفسي ناحية القبلة بتاعة السُنة، وكان جنبي شخص قِبلِتُه منحرفة بشكل بسيط عن قبلتي، عرفت إن هو شيعي بعد ما سلمنا على بعض لما خلصت الصلاة

وانا طالع من الجامع لقيت ولد عنده حاجة وعشرين سنة، قاعد على كرسي وجنبه كتب وبيشاورلي ويسلم، سلمت عليه وبعدها قال لي:

= لو حابب تاخد كتيب اتفضل

– كتيب عن إيه

= ده كتيب عن أهم سمات الديانة اليهودية

– ومين قالك إني ممكن أكون يهودي مثلاً؟

= ومين قالك ان ربنا بنشوفه من ديننا بس؟

– لأ طبعاً، ماحدش قال، أنا حابب آخُد الكتيب بكام

= ده فور فري (مجاني)… مني ليك.

رَوَّحت البيت، حطيت الكُتيبين على الترابيزة اللي في الليڤنج (الصالة)، ودخلت المطبخ اشوف حاجة تتاكل، لقيت اخويا وهو طالع من الأوضة بيسألني …

= إيه يابني الكتب دي

– دي كتب أخدتها وانا في بحري واحد عن الدين المسيحي والتاني عن الدين اليهودي، عايز ابقى اقراهُم بإذن الله 

قعدنا ناكُل مع بعض وف وسط ماكنت بحكيلُه يومي ماشي ازاي، رن الجرس، محمد اخويا: خالُه وصل …

و لقيته فجأة بينط من مكانُه وبيديلي الكتب: خش جوة بسرعة خشخشخشخش

آااااه خالو بقى جي من أمريكا ولو شاف كتب زي دي عندنا حيديلنا محاضرة في التعصُّب

طبعا خالو ما حسش بحاجة وانا كنت دخَّلت الكتب في مكتبي، والقعدة كانت لطيفة جداً، ما عدا حاجة واحدة، خالُه وحسام ابنه طول القعدة كانوا زي ما يبانوا كدة … متجنِّبين بعض

فِ نُص القعدة كدة انا لمَّحت لمحمد انه ياخد حسام كدة ويفسَّحُه شوية في البيت، واقعد انا وخالوا نتسامر مع بعض

– إيه يا حبيبي، مالك انت وحسام، مش حاسسكم حلوين مع بعض

= لا أنا بس لسة معنِّفُه شوية قبل ما نيجي

– خير بس ده حسام غلبان عنِّفتُه ليه

= غلبان والله بس السن ده أنت عارفُه يا إسماعيل، ده انا اكتشفت النهاردة انه عامل آكاونت على فيسبوك 

– آه طبعا آكاونت على فيس بوك يستاهل واد قليل الأدب … فيس بوك ايه يا خالوا احنا حنهرج؟؟ فين الجريمة اللي الواد ارتكبها 

= هو في أكتر من كدة جريمة؟؟؟؟؟ يابني حرام عليييييك، الفيسبوك ده مليان ملحدييييييييييين، أنا ماهداليش بال غير لما خليته يمسحُه قدامي

– يا خالو صلي ع النبي بس، حسام شاب متدين وياما اتناقشت معاه في الدين، هو بسم الله ما شاء الله عقيدته مش هشة يعني علشان لو اتكلم مع كام ملحد خلاص يقوم يلحد يعني

= وأنا إيه اللي يخليني استنى لما يتكلم معاهم ويقابلهم على سوشيال ميديا، لا تلقوا بأنفسكم في التهلكة

– معلش يا خالو هو يعني لو ماقابلش ملحدين ع الفيس، مش ممكن يقابلهم في الكلية مثلاً ولا في المواصلات ولَّا في أي حتة؟

= حبيبي، أنا راجل اتولدت في أمريكا واتربيت على عاداتها، وما عنديش الانفتاح اللي انت بتتكلم بيه ده في بيتي، أنا بيتي يمشي على العادات الأمريكية .. أنا واحد جاي من مجتمع غربي، التفكير الأوبن مايند ده عندكم هنا في مصر والمجتمعات العربية يا بابا

قبل ما أمر بالتجارب دي في حياتي وغيرها كتير، ما كنتش لسة فهمت سر إصرار كتير من المصريين لما حد يدعوهم لزيارتُه في أمريكا انهم يهربوا من الموضوع أو يرفضوا السفر من أساسُه، بس لما لقيت خالو قبل ما ينزل من عندنا بيسألني، مش ناوي بقى يا سمعة تيجي تزورنا في أمريكا الصيف الجي

– لا والله شكرا يا خالو، أنا حابب افضل هنا، ما عنديش رغبة اجرب التجربة الأمريكية

Exit mobile version