مقتل سبعة مسيحيين عند دير الأنبا صموئيل يؤكد استمرار تخاذل حكومات السيسي عن حماية المواطنين المسيحيين
4 نوفمبر 2018
تدين المفوضية المصرية للحقوق والحريات بأشد العبارات العمل الإرهابي الذي استهدف مواطنين مسيحيين يوم الجمعة 2 نوفمبر 2018 في محيط دير الأنبا صموئيل المُعترِف بمحافظة المنيا لما يؤكد احتقار من أقدموا على هذا العمل من أفراد أو جماعات لقيمة الحياة وقدسية النفس البشرية. أودى هذا العمل الإجرامي الحقير بحياة سبعة أشخاص بينهم ستة من أسرة واحدة هي أسرة يوسف شحاتة حيث قتل ثلاثة من أبناءه، كمال ورضا ونادي يوسف شحاتة، وثلاثة من أحفاده، بيشوي رضا وماريا كمال وبوسي ميلاد يوسف شحاتة، والسابع هو أسعد فاروق لبيب غالي – كما أصيب آخرين حيث كانوا على متن أتوبيسات على طريق غير ممهد بين الدير والمنيا.
كما تدين المفوضية المصرية للحقوق والحريات استمرار فشل السلطات المصرية في حماية أرواح المواطنين المصريين في أحداث استهداف للمسيحيين قد سبق وحدثت بنفس النمط وفي نفس المكان العام الماضي. إن توفير الحماية اللازمة للمواطنين المسيحيين كي يتمكنوا من ممارسة معتقداتهم الدينية بحرية وأمان يتطلب من الحكومة المصرية اتخاذ سياسات وإجراءات أكثر جدية وذات فاعلية فيما يتعلق بتأمين حياة المواطنين، وبخاصة المسيحيين، وضمان ممارستهم لمعتقداتهم الدينية وزيارة أماكنهم المقدسة من كنائس وأديرة بحرية تامة. ومن بين هذه الإجراءات تأمين الرحلات الدينية وتأمين الطرق المؤدية للأديرة ودور العبادة ورصفها وانارتها وتوفير خدمات الطوارئ بها والتأكد من تغطية شبكات الاتصالات فيها. كما تطالب المفوضية المصرية للحقوق والحريات السلطات القضائية والتنفيذية بتحويل المسؤولين عن التقصير الأمني الذي أدي لتعريض حياة المواطنين للخطر لتحقيق عاجل وشفاف لبيان أوجه القصور ومحاسبة المسؤولين عنها.
وتشير المفوضية إلى أنه منذ تولي عبد الفتاح السيسي مهام رئيس الجمهورية، استمرت أوضاع المسيحيين على نفس النهج شديد السوء ما بين الهجمات الطائفية على الكنائس والمنازل والممتلكات الخاصة بهم، إلى عمليات إرهابية استهدفت العديد من الكنائس والأفراد. ورغم حرص الرئيس السيسي على الحفاظ على علاقة وطيدة مع البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ومغازلة أصوات الناخبين المسيحيين في أكثر من مناسبة، إلا أن الوقائع تشير إلى غياب الجدية والفاعلية في إتباع سياسات وإجراءات من شأنها حماية حقوق المسيحيين في حرية الاعتقاد وتعزيز الأمن والأمان على أنفسهم.
فقد تمكنت المفوضية المصرية للحقوق والحريات من رصد 31 واقعة عنف طائفي، على الأقل، وقعت تحت ولاية الرئيس السيسي منذ تولية مهام منصبة في يونيو 2014 وحتى اللحظة، حدث فيها اعتداءات جماعية على منازل المسيحيين وممتلكاتهم الخاصة من قبل بعض مسلمي القرى والنجوع. واتسم رد فعل السلطات المصرية في أغلب الوقائع، باستثناءات محدودة، بالنزوع إلى الحلول العرفية للأزمات وغياب تطبيق القانون وإفلات الجناة مع العقاب. كما تمكنت من رصد 16 واقعة تم فيها منع المسيحيين من ممارسة معتقداتهم الدينية من قبل سلطات الأمن، بحجة عدم وجود تراخيص للصلاة أو رضوخًا لمطالب بعض المتشددين بالقرى بعدم السماح للمسيحيين بالصلاة، وذلك بعد صدور قانون بناء الكنائس الجديد في سبتمبر 2016. كما رصدت أربع هجمات أخرى قُتل فيها خمسة من المسيحيين من قبل أفراد متطرفين.
وفيما يتعلق بالأحداث التي استهدفت فيها جماعات إرهابية مسيحيين، فقد رصدت المفوضية المصرية للحقوق والحريات وقوع 10 حوادث إرهابية منذ تولي الرئيس السيسي مهام رئيس الجمهورية. قٌتل في تلك الحوادث 114 شخص على الأقل من المسيحيين، من بينها أحداث استهداف وقتل ثمانية من مسيحيي العريش في مطلع عام 2017، والتي نتج عنها نزوح جماعي قسري للمواطنين المسيحيين من مدينة العريش في شمال سيناء، في حادثة هي الأولي من نوعها في العصر الحديث.
وتنوه المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن تلك الإحصاءات هي مجموع ما تمكن باحثوها من رصده أو توثيقه والتأكد من صحة وقوعه وتفاصيل أحداثه ونتائجه، ولا تمثل بالضرورة حصر كامل بكل الأحداث التي وقعت في تلك الفترة، بل هي معبر فقط عن الأحداث التي تمكنا من الوصول إلى معلومات مؤكدة بصددها.
وفي جميع الأحداث التي قمنا برصدها أو توثيقها، لاحظت المفوضية المصرية للحقوق والحريات غياب سياسة جدية وفعالة لحكومات الرئيس السيسي لوقف أو منع تكرار وقوع هذه الأنماط من الحوادث وتوفير الحماية اللازمة للمسيحيين لممارسة شعائرهم الدينية وزيارة أماكنهم المقدسة. بل على العكس، يشير حادث استهداف المسيحيين في محيط دير الأنبا صموئيل المعترف للمرة الثانية، بنفس النمط وفي نفس المكان، إلى تجاهل سلطات الأمن للدور الأساسي المنوط بها في حماية المواطنين والحفاظ على حياتهم. كما يشير تكرار وقائع العنف الطائفي على نحوٍ متماثل، إلى غياب الرغبة الحقيقية أو الكفاءة المطلوبة لمنع تكرار هذه الأحداث. بل ويشير أيضا إلى تعنت شديد في بعض الأحيان وتراخي في إعمال قانون بناء الكنائس والمماطلة في تطبيقه بشكل ينتقص من حق المسيحيين في الصلاة وإقامة دور العبادة.
وتؤكد المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن سياسات الحكومة المصرية منذ تولي الرئيس السيسي في التعامل مع غالبية هذه الوقائع تمثل إخلالًا جسيما بالتزامات مصر الدستورية تجاه حماية حقوق المواطنين المسيحيين في الحياة الآمنة وفقًا للمادة 59 من الدستور المصري، وكذلك الحق في حرية الدين والمعتقد وممارسة الشعائر الدينية وفقاً للمادة 64 من الدستور المصري. وتعيد المفوضية المصرية للحقوق الحريات تذكير حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتزاماتها الدولية تجاه الحق في حرية الاعتقاد والضمير والدين وفقاً للمادة 18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966.