تستنكر المفوضية المصرية للحقوق والحريات تعدي السلطات الصارخ على حرية الرأي والتعبير والحق في التجمع السلمي مع بداية العام الجديد.
فلم تمض سوى أيام قليلة على استقبالنا لعام 2017، حتى قامت قوات الأمن يوم الإثنين الماضي الموافق 2 يناير بفض وقفة لبعض النشطاء أمام نقابة الصحفيين والتعدي عليهم والقبض على 12 منهم.
كانت مجموعة من النشطاء والشباب قد دعوا لوقفة احتجاجية في ذلك اليوم أمام نقابة الصحفيين اعتراضا على موافقة مجلس الوزراء على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين المصرية والسعودية، والمتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية واحالتها للبرلمان، وذلك على الرغم من حكم محكمة القضاء الاداري ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على الاتفاقية.
وقد قامت قوات الأمن وأفراد بزي مدني بالاعتداء على الوقفة الاحتجاجية والقبض على اثنا عشر متظاهرا وترحيلهم إلى قسم الجمالية وهم:
“محمد وجدي محمد – رأفت محمد – ياسين جمال – محمد سيد اسماعيل – حازم أحمد ضياء – أحمد محمد مصطفى – محمود أحمد سيد – اسلام طلعت – محمد عزت – محمد توفيق – محمد سيد اسماعيل وشريف هلال”
وقد تم عرضهم يوم الثلاثاء 3 يناير على نيابة قصر النيل في القضية رقم 30 لسنة 2017 جنح قصر النيل، ووجهت إليهم تهم التظاهر والتجمهر والبلطجة وقطع الطريق وحيازة اسلحة بيضاء واتلاف ممتلكات عامة والتعدي على موظف عام واحراز سلاح وتكدير السلم العام . وقررت نيابة قصر النيل حبس الشباب 4 أيام على ذمة التحقيق.
وتم تجديد حبسهم 15 يوما أخرى على ذمة التحقيقات، في جلسة الخميس 5 يناير. وبالتزامن مع تلك الوقفة الاحتجاجية، قامت الناشطة عبير الصفتي من الأسكندرية بحمل لافتة مكتوب عليها “تيران وصنافير مصرية” والتجول بها في شوارع الأسكندرية. فقامت قوات الأمن بإلقاء القبض عليها وترحيلها إلى قسم العطارين. وفي النيابة تم التحقيق معها في القضية رقم 237 لسنة 2017، ووجهت اليها تهم التظاهر بدون ترخيص والتجمهر والبلطجة وقطع الطريق وحيازة لافتات مكتوب عليها تيران وصنافير مصرية. وقد قررت نيابة العطارين، يوم الأربعاء 4 يناير، اخلاء سبيلها بكفالة قدرها 1000 جنيه.
لم يتوقف انتهاك الحقوق والحريات في الأسبوع الأول من العام الجديد عن هذا الحد. فقد أتم الناشط السياسي أحمد ماهر، مؤسس حركة شباب السادس من ابريل، يوم الثلاثاء 3 يناير الماضي، مدة حبسة كاملة، وهي 3 سنوات وشهر،. ولكن ورغم قضائه فترة حبسه كاملة في قضية واهية وملفقة، إلا أن الأجهزة الأمنية أبت أن يعود لمنزله بأسرع وقت.. فقد تعرض ماهر للاحتجاز بدون وجه حق لمدة يومان على الرغم من صحة الافراج عنه.
فتم نقله أولا إلى قسم عابدين ثم قسم أول مدينة نصر ثم قسم ثالث القاهرة الجديدة على مدار الأيام الماضية حتى تم الافراج عنه فجر اليوم الخميس 5 يناير. بل وينتظر أحمد ماهر ثلاثة أعوام أخرى من العقوبة التكميلية وهي المراقبة بالتواجد يوميا من 6 مساء إلى 6 صباحا بقسم الشرطة.
أيضا في اليوم السابع من نوفمبر الماضي، نشبت مشادة بين مجموعة من السيدات في خط المترو المرج – حلوان نتيجة حديث فتاتين، هم أمل صابر وياسمين نادي، عن غلاء الأسعار والظروف المعيشية. فقامت سيدة بافتعال مشاجرة معهما واصطحابهما لأمن محطة الملك الصالح والابلاغ عنهما بتهمة التحريض.
وقد قام أمن المحطة بتسليمهما إلى قسم مصر القديمة، وتم عمل محضر للفتاتين برقم 8257 اداري مصر القديمة، ووجهت للفتاتين تهم الانتماء لجماعة ارهابية والتحريض على مؤسسات الجيش والشرطة. ومن ثم عرضت الفتاتين على نيابة مصر القديمة وكان يتم التجديد لهما بالحبس منذ ذلك الحين إلى أن قضت محكمة جنح مستأنف مصر القديمة بإخلاء سبيلهما في جلسة 26 ديسمبر الماضي.
ولكن النيابة أبت أن تمنح الفتاتين حريتهما رغم عدم ارتكابهم أية جريمة من الأساس وقامت بالاستئناف على قرار اخلاء السبيل، وتم قبول الاستئناف واستمرار حبسهما 45 يوما حتى ميعاد الجلسة القادمة. وحاليا لا تزال الفتاتان محتجزتان بقسم مصر القديمة. يذكر أن أمل صابر مريضة بمرض مناعي وهو الذئبة الحمراء، وهو الأمر الذي لا يجعل ظروف حبسها ملائمة لوضعها الصحي.
ورغم تقديم الأوراق الطبية التي تثبت ذلك، إلا أنه لم يتم أخذ ذلك في الاعتبار. ويعد احتجاز أمل وياسمين مثالاً قاطعاً على تعطيل الدستور المصري – على ارض الواقع – واهدار احكامه. فقدت نصت المادة 65 من الدستور على الحق في حرية الرأي والتعبير وهو ما مارسته الفتاتان بشكل لا يختلف نهائياً عن أحاديث المصريين اليومية وشكواهم من غلاء الأسعار.
لا تبشر بداية العام الجديد بأي نية للإصلاح واحترام الحقوق الدستورية من حرية الرأي والتعبير والحق في التجمع السلمي. وعليه تطالب المفوضية بالافراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي، وعدم مخالفة الدستور بمثل تلك الانتهاكات لحقوق وحريات المواطنين المصريين.