احمد عبد الفتاح
مدافع عن حقوق الانسان
يتعرض “الأشخاص ذوي الإعاقة” في مصر إلى الوصم والتهميش بالإضافة إلى التمييز وعدم المساواة، فهي أفعال تؤول بهم/ن حتما إلى صعوبة اندماجهم/ن في المجتمع.
ويعد “الصم والبكم وضعاف السمع” واحدة من الإعاقات التي شملتها “اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة” وفق ما ورد من تعريف في نص المادة 2 والتي نصت على أن “يشمل مصطلح “ذوي الإعاقة” كل من يعانون من عاهات طويلة الاجل بدنية أو عقلية او ذهنية او حسية قد تمنعهم لدى التعامل مع مختلف الحواجز من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين”،
Maleni Chaitoo ، ممثلة التحالف الدولي للإعاقة ، تخاطب الاجتماع باستخدام لغة الإشارة خلال الحدث الخاص للاحتفال باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة (2015) Photo:صور الأمم المتحدة /Amanda Voisard
وتعود أهمية أن يكون هناك قانون خاص مثل، “قانون حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة”، وفي القلب منهم/ن “الصم والبكم وضعاف السمع” هي خطوة بالغة الأهمية، حيث أنها تعمل على ضمان حماية حقوقهم/ن ، كواحدة من “الأقليات” و”الفئات المهمشة و المستضعفة”في مصر. بالإضافة إلى تحقيق الالتزامات الدولية المنضمة لها مصر من معاهدات ومواثيق ذات الصلة بحقوق الأشخاص “ذوي الاعاقة”، وهو ما أكدت عليه نص المادة (4-4) من قانون 10 لسنة 2018، وجاء فيها “ضمان حقوقهم الواردة باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة وغيرها من المواثيق الدولية ذات الصلة النافذة في مصر، وعدم القيام بأي عمل أو ممارسة تتعارض مع أحكام هذه المواثيق.”.
كما ان اندماج “الصم والبكم وضعاف السمع”، يعود عليهم وعلى المجتمع بالنفع، ويصبحوا منتجين/ات وفاعلين/ات، حيث إنهم/ن لا يحتاجون إلى رعاية صحية أكثر من احتياجهم إلى المشاركة الفعالة وإظهار قدراتهم/ن ومواهبهم/ن في بناء المجتمع، ولا يجب تجاهل عددهم في مصر والذي يبلغ سبعة ملايين ونصف المليون نسمة تقريبا، طبقا لإحصائية اصدرتها “الامم المتحدة” عام 2018 مما يعني قرابة 10% من نسبة الصم والبكم في العالم.
صورة من الموقع الرسمي للأمم المتحدة
جدوي القانون:
على الرغم من أن المشرع المصري حاول في الكثير من المواضع تنظيم نصوص تعمل على دمج الاشخاص ذوي الاعاقة إلا أنها لم تعكس ما ورد فيها ، فأصبح القانون بلا جدوى، طالما لم يحقق الهدف الذي جاء من أجله،
ولا ينظر للاهمية النظرية للقانون بمعزل عن الأهمية التطبيقية والعملية، حيث أن أوضاع “الصم والبكم وضعاف السمع” في مصر ، مازالت في تدهور مستمر ، و”معاناة” ومصاعب عديدة تقييد مشاركتهم وتفاعلهم مع المجتمع، فنجد من ذلك المتعاملين مع الجمهور في المؤسسات الحكومية غير مؤهلين للتعامل مع “الصم والبكم وضعاف السمع” فيتكبد ذويهم عناء مرافقتهم في جميع المؤسسات والمصالح الحكومية لشرح وتوضيح المعاملات الراغبين في استيفائها، على الرغم من أن المادة ( 11-4) من قانون 10 لسنة 2018 نصت على، “بناء وتنمية قدرات المتعاملين مع الأشخاص ذوي الاعاقة في الأجهزة الحكومية وغير الحكومية، بما يجعلهم قادرين على التواصل مع الاشخاص ذوي الاعاقة ومؤهلين للتعامل معهم في جميع المجالات”.
لم يقتصر الأمر عند هذا الحد فاستخدام المرافق العامة مثل محطات القطارات ومواقف النقل العام بالنسبة “للصم والبكم وضعاف السمع” بالغة الصعوبة، حيث أنها تفتقر إلى التدابير اللازمة التي تسهل عليهم كيفية استخدامها بوضع لافتات بلغة الإشارة حتى يتسنى لهم معرفة قواعد المرافق وتحديد احتياجاتهم ، وهو ما نصت عليه المادة (4-12) من ذات القانون المذكور وجاء فيها “اتخاذ التدابير اللازمة التي تكفل إمكانية وصول واستخدام الاشخاص ذوي الاعاقة للبيئة المادية المحيطة، ولوسائل النقل والمعلومات والاتصالات والتكنولوجيا، بما يعظم قدراتهم ومهاراتهم، وإجراء وتعزيز البحوث المرتبطة بمجالات حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، وكفالة نفاذ ذوي الاعاقة لوسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتعزيز توفيرها واستعمالها، على أن تكون الأولوية للتكنولوجيا المتاحة بأسعار معقولة”
أما ما ورد في المادة( 22) من قانون رقم 10 لسنة 2018، والمعنية بتحديد نسبة تعيين وتوظيف نسبة 5% من الاشخاص ذوي الاعاقة بالمؤسسات الحكومية والغير حكومية طالما تخطي عدد العاملين بها 20 موظف وعامل، فاغلب المستفيدين من هذه النسبة لا يتم الاعتماد عليهم بشكل فعلي وحقيقي، فأغلب المؤسسات الخاصة تقوم بتوظيف الأشخاص ذوي الاعاقة إما بشكل ورقي فقط ولا تسند لهم أي مهام وظيفية، ويذهبون إلى مقار أعمالهم/ن مرة واحد خلال الشهر في موعد توزيع الرواتب والتي في الغالب تكون زهيدة، واما تسند لهم مهام غير متوافقة مع طبيعة نسبة الإعاقة لهم/ن، وبذلك تفقد الغرض الرئيسي من نص المادة وهو دمج الأشخاص ذوي الإعاقة والاستفادة من قدراتهم ليكونوا فاعلين في المجتمع.
دمج الأصحاء:
ولكي نكون جادين في تطبيق وتحقيق “العدل والمساواة” وضمان عدم “التمييز ” وتمكين”الصم والبكم وضعاف السمع” من المشاركة في جميع مناحي الحياة فيجب علينا جميعا أن نعمل على إيجاد السبل التي تمكننا من التواصل معهم، والتعرف على ثقافتهم، فالصم والبكم يندمجوا بشكل فعلي مع المجتمع ولكن الحاجة الحقيقية هي دمج الأصحاء لكي يتفاعلوا معهم/ن.
رفع الوعي:
يعاني الأصحاء من قلة الوعي بالتحديات والصعاب التي يواجهها الصم والبكم في مصر، ولذلك يجب تفعيل انشطة وفعاليات للعمل على رفع الوعي لدى الأصحاء،وتغيير نظرتهم للصم والبكم والتوقف عن الممارسات والسلوكيات التي تؤثر عليهم بالسلب كالتنمر والتميز، بالإضافة إلى التفاعل معهم والاهتمام بقضاياهم/ن، وهي أولى الخطوات وأهم الأدوات التي يمكن الاعتماد عليها في دمج الأصحاء مع الصم والبكم.
صورة | نالاندا بيهار، الهند، فتيات يستخدمن لغة الإشارة للتواصل في الفصل الدراسي. UNICEF / Vishwanathan. صورة من الموقع الرسمي للأمم المتحدة
لغة الإشارة:
تعليم ونشر ثقافة الصم والبكم وتدريس لغة الاشارة يساهم في تسهيل اندماج الأصحاء مع “الصم والبكم”، حيث أن اللغة تساعد وتساهم في بناء الجسور وخلق بيئة للتواصل والحوار، واللغة ليست مجرد ثقافة يتم التعارف عليها، فلها أبعاد تتعلق بحقوق الإنسان ومن أهم هذه الحقوق، هو الحق في تلقي الرعاية الصحية فكيف للأشخاص الصم والبكم بوصف معاناة الالم والمرض لطبيب لا يعلم من اللغة ما يسمح له بفهم وإدراك شكوى مرضي الصم والبكم.
#عيونك_تسمع_ايادينا
#لغة_الاشارة
#الصم_والبكم_وضعاف_السمع