تعرب المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان عن بالغ إدانتها لتنفيذ حكم الإعدام بحق 9 مدانين في قضية اغتيال النائب العام السابق المستشار هشام بركات، بعد محاكمة معيبة، افتقرت للحدود الدنيا لقواعد المحاكمات العادلة والنزيهة. كما ترفض المنظمات الموقعة التوظيف السياسي لأحكام الإعدام، والإصرار على سرعة تنفيذها بعد كل حادث إرهابي للتغطية على الإخفاق المستمر في مكافحة الإرهاب.
فبحسب تقارير صحفية، وبيانات رسمية من وزارة الداخلية، كان هناك تضارب واضح في خطاب الدولة فيما يتعلق بتحديد هوية المتورطين في جريمة الاغتيال، وادعاءات بالكشف عنهم ثلاث مرات على الأقل. إذ أنه وبعد يوم واحد فقط من الواقعة أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها عن تصفية 9 أشخاص، قالت انهم على علاقة بواقعة الاغتيال. ثم كشفت مصادر أمنية لعدد من وسائل الإعلام مصرية في تصريحات منشورة أن المدبر الرئيسي لعملية الاغتيال هو قائد تنظيم أنصار بيت المقدس هشام العشماوي. وبعد فترة نشرت الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية بياناً بتصفية أثنين أخرين، قالت أن واحداً منهم مؤسس الجناح المسلح في عملية اغتيال المستشار هشام بركات، في مواجهات بمنطقة البساتين. وفي مؤتمر صحفي لوزير الداخلية السابق أعلن اللواء مجدي عبد الغفار القبض على قتلة هشام بركات، وأن أفرادًا من حركة حماس وراء تنفيذ الجريمة، وأن الاغتيال تم بتكليف من قيادي أخواني هارب بتركيا.
هذا التضارب “المرعب” في تحديد هوية المتورطين في عملية الاغتيال، والذي –بحسب بيانات وتصريحات وزارة الداخلية-تضمن مقتل 10 أشخاص على الأقل في عمليات تصفية على أيدي رجال الشرطة بلا تحقيق أو محاكمة بدعوى التورط في مقتل النائب العام، حصد في 20 فبراير الجاري أرواح 9 متهمين أخرين، ولكن هذه المرة تمت التصفية على يد قضاة دوائر الإرهاب وقضاة محكمة النقض، الذين قضوا بإعدامهم بعد محاكمة هزلية افتقرت للقرائن وشابها العوار.
وبخلاف أن الدائرة المصدرة للحكم هي واحدة من دوائر الإرهاب، والذي تم اختيار قضاتها بالاسم لنظر قضايا معينة دون الاعتداد بأي معايير شكلية أو موضوعية. كما أن رئيس هذه الدائرة- المستشار حسن فريد- أحد أبرز “قضاة الإعدامات”، إذ أصدر وحده ما لا يقل عن 124 حكم بالإعدام من إجمالي 660 حكم إعدام صدر عن دوائر الإرهاب منذ تشكيلها في النصف الأخير من عام ٢٠١٣. هذا بالإضافة إلى العديد من الانتهاكات التي وقعت خلال المحاكمة، بداية من احتجاز المقبوض عليهم في أماكن غير معلومة – تبين فيما بعد أنها فروع لجهاز الأمن الوطني ومعسكرات قوات الأمن المركزي- مرورًا بتعرضهم لصنوف مختلفة من التعذيب منها الصعق بالكهرباء في معظم أنحاء الجسد، وهتك العرض، والربط بالحبال مجردين الملابس، والتهديد بالقتل وإيذاء العائلة، وصولاً إلى سماع أقوالهم في التحقيقات الأولية- وانتزاع اعترافاتهم- في غياب محاميهم وتحت التهديد. أما النيابة فقد تجاهلت أثار التعذيب على أجساد معظم المتهمين، ورفضت إحالتهم للطب الشرعي، مكتفية بإثبات وجود آثار للتعذيب في محاضر التحقيق دون تقارير تفصيلية موثقة، الأمر الذي تجاهلته المحكمة بدورها.
لقد نفذت السلطات المصرية خلال الشهر الجاري فقط حكم الإعدام بحق 15 متهمًا على الأقل، كان آخرهم المتهمين الـ 9 في القضية رقم 314 لسنة 2016 حصر أمن دولة والخاصة باغتيال النائب العام، والمنفذ فيهم حكم الإعدام أمس الأول الأربعاء 20 فبراير. وذلك بعد أيام قليلة من تنفيذ السلطات المصرية حكم الإعدام بحق 6 أشخاص أخرين، 3 منهم في القضية رقم 938 لسنة 2014 جنايات كرداسة المعروفة بـ“مقتل اللواء نبيل فراج”، و3 أخرين في القضية رقم 200 لسنة 2014 كلي جنوب المنصورة، المعروفة بـ “مقتل نجل المستشار.” بينما ينتظر 50 شخصًا على الأقل تنفيذ حكم الإعدام في أي وقت، بعد استيفائهم مراحل التقاضي وصدور أحكام نهائية بإعدامهم.
إن الاستمرار في تجاهل النداءات الحقوقية المحلية والدولية بوقف تنفيذ هذه العقوبة المصادرة للحق في الحياة، وتعمد إزهاق المزيد من أرواح المتهمين على خلفية محاكمات معيبة، مبنية على اعترافات تم انتزاعها بالقوة، وفي غياب تام للأدلة واعتماد مخل على أقوال وتحريات الأمن الوطني، لا يمثل فقط اعتداء على العدالة، وإنما هو بمثابة جريمة قتل يرتكبها هؤلاء القضاة برخصة القانون بتوجيه وإرادة سياسية من الحكومة المصرية.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مبادرة الحرية
- مركز النديم
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- مركز بلادي للحقوق والحريات
- مركز عدالة للحقوق والحريات
- المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
- كومتي فور چستس
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات