مجلة حق ومعرفة (10) – كبسولات حقوقية.. حقوق النساء ذوات الهمم
تمكين النساء والفتيات ذوات الإعاقة- مصدر الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة
يعيش 80% من أصل مليار شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في البلدان النامية، وفق موقع الأمم المتحدة، الذي يشير إلى أنه يُحتمل أن تعاني واحدة من كل خمس نساء من عوق ما في أثناء حياتها، بينما يعاني واحد من كل عشرة أطفال من العوق.
يبلغ عدد الأشخاص ذوي الهمم/ الاحتياجات الخاصة في مصر نحو 12 مليون مواطن مصري، أي ما يقارب 15٪ من إجمالي عدد السكان. وتواجه النساء ذوات الهمم في مصر تحديات متعددة ومتشابكة، تتقاطع فيها الإعاقة مع الجندر، مما يزيد من حدة هذه التحديات ويحد من فرصهن في الحياة، ولهذا من المهم أن تعمل الدولة على ضمان حقوق ذوي الهمم بشكل عام وفي القلب منهم النساء ذوات الهمم، لأننا عندما نضمن حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، فإننا نقرب عالمنا من التمسك بالقيم والمبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة.
تواجه العديد من النساء ذوات الهمم فى مصر العدد من المشكلات منها: التمييز والنظرة الدونية، حيث تتعرض النساء ذوات الهمم لتمييز مزدوج، حيث يعتبرهن المجتمع أقل قدرة وقيمة من الرجال، كما يواجهن نظرة سلبية تجاه إعاقتهن. كذلك يواجهن قيود على التعليم والعمل وصعوبات في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة، بسبب نقص التوعية بأهمية الرعاية الصحية لذوي الإعاقة وعدم توفر الخدمات المتخصصة.
تواجه بعض النساء ذوات الهمم في مصر لعنف قائم على النوع الاجتماعي، حيث يتعرضن للعنف الأسري والجنسي بنسبة أعلى من النساء غير المعاقات، بسبب ضعفهن وقلة قدرتهن على الدفاع عن أنفسهن.
من التحديات التي تواجهها النساء ذوات الهمم في مصر الحواجز المادية، التي تتمثل بشكل رئيسي في عدم توفر البنية التحتية المناسبة مما يحد من حركتها واستقلاليها. كما أن غياب التمثيل بشكل كافٍ في صنع القرار على المستويات المختلفة، يؤدي إلى إهمال قضاياهن، فضلا عن أن قلة الوعي المجتمعي بحقوق ذوي الإعاقة بشكل عام، وحقوق النساء ذوات الهمم بشكل خاص يمثل تحديا كبيرا يجب التعامل معه.
تؤكد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتي صدقت عليها مصر في العام 2008 بجانب 179 دولة أخرى، أن النساء والفتيات ذوات الهمم غالبا ما يواجهن خطرا أكبر في التعرض، سواء داخل المنزل أو خارجه، للعنف أو الإصابة أو الاعتداء، والإهمال أو المعاملة غير اللائقة، وسوء المعاملة أو الاستغلال،
تشمل اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على عدة مبادئ أساسية أهمها: المساواة بين الرجل والمرأة؛ عدم التمييز؛ كفالة مشاركة وإشراك الأشخاص ذوي الإعاقة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع؛ احترام الفوارق وقبول الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من التنوع البشري والطبيعة البشرية؛ تكافؤ الفرص؛ واحترام كرامة الأشخاص المتأصلة واستقلالهم الذاتي بما في ذلك حرية تقرير خياراتهم بأنفسهم واستقلاليتهم.
مصدر الصورة: البنك المصري الخليجي
بموجب المادة (6) من الاتفاقية تقر الدول الأطراف بأن النساء والفتيات ذوات الإعاقة يتعرضن لأشكال متعددة من التمييز، وأنها ستتخذ في هذا الصدد التدابير اللازمة لضمان تمتــعهن تمتعا كاملا وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وتتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الملائمة لكفالة التطور الكامل والتقدم والتمكين للمرأة، بغرض ضمان ممارستها حقوق الإنسان والحريات الأساسية المبينة في هذه الاتفاقية والتمتع بها.
تنص المادة 9 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بشأن إمكانية الوصول على أنه “لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من العيش في استقلالية والمشاركة بشكل كامل في جميع جوانب الحياة، تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة التي تكفل إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، على قدم المساواة مع غيرهم، إلى البيئة المادية المحيطة ووسائل النقل والمعلومات والاتصالات، بما في ذلك تكنولوجيات ونظم المعلومات والاتصال، والمرافق والخدمات الأخرى المتاحة لعامة الجمهور أو المقدمة إليه، في المناطق الحضرية والريفية على السواء. وهذه التدابير، التي يجب أن تشمل تحديد العقبات والمعوقات أمام إمكانية الوصول وإزالتها”.
لضمان عدم تعرض النساء ذوات الهمم للاستغلال والعنف والاعتداء، على السلطات المصرية بموجب المادة (16) من الاتفاقية، أن تتخذ جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية وغيرها من التدابير المناسبة لحماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، داخل منازلهم وخارجها على السواء، من جميع أشكال الاستغلال والعنف والاعتداء، بما في ذلك جوانبها القائمة على نوع الجنس، وأن تضع تشريعات وسياسات فعالة، من ضمنها تشريعات وسياسات تركز على النساء والأطفال، لكفالة التعرف على حالات الاستغلال والعنف والاعتداء التي يتعرض لها الأشخاص ذوو الإعاقة والتحقيق فيها، وعند الاقتضاء، المقاضاة عليها.
تنص المادة (81) من الدستور المصري المعدل في العام 2019 على أن “تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام، صحياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وترفيهياً ورياضياً وتعليمياً، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالاً لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص”.
ينص قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (10) لعام 2018 على عدم التمييز بسبب الإعاقة أو نوع جنس الشخص المعاق، وضمان المساواة الحقيقية في التمتع بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية في جميع الميادين، واحترام اختياراتهم وكيفية التعبير عنها بإرادتهم المستقلة، وحق الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم في الحصول على جميع المعلومات التي تهمهم من جميع القطاعات.
تنص المادة (4) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (10) لعام 2018 على أن تلزم الدولة بحماية حق الأشخاص ذوي الإعاقة في عدم التمييز بسبب الإعاقة أو نوعها أو جنس الشخص ذوي الإعاقة، وتأمين المساواة الفعلية في التمتع بجميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في كافة الميادين، وإزالة جميع العقبات والمعوقات التي تحول دون تمتعهم بهذه الحقوق. كما تلتزم الدولة بتوفير البيئة الأمنة للأشخاص ذوي الإعاقة، وعدم تعريضهم للاستغلال الاقتصادي أو السياسي أو التجاري أو العنف أو الاعتداء أو التعذيب أو الإيذاء أو الإهمال أو التقصير أو المعاملة المهينة أو التأثير على أي حق من حقوقهم، والتحقيق فيما يتعرضون له من إساءة. وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والحماية اللازمة التي تتناسب مع قدراتهم، ووضع الإجراءات الكفيلة بحمايتهم وتأمينهم من الأخطاء التي قد يتعرضون لها في كافة الظروف بما في ذلك ظروف الأوبئة والكوارث وغيرها من الظروف الطارئة والحالات التي تتسم بالخطورة.
تلتزم الدولة بموجب المادة 20 من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بضمان حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الحصول على فرص متكافئة للعمل تتناسب مع مؤهلهم الدراسي وإعدادهم المهني، كما تلتزم بعدم إخضاعهم لأي نوع من أنواع العمل الجبري أو القسري، وعليها توفير الحماية لهم في ظروف عمل عادلة بالمساواة مع الآخرين، والسعي لفتح أسواق العمل لهم في الداخل والخارج، وتعزيز فرص العمل الخاصة بهم من خلال مباشرة العمل الحر عن طريق أنشطة التنمية الشاملة ومشروعاتها في ضوء السياسيات الاجتماعية للدولة.
أخيرا، بعد استعراض الاتفاقيات والنصوص الدستورية والقانونية التي تنص على حماية حقوق النساء ذوات الهمم، لا بد من الإشارة إلى أهمية تطبيقها على أرض الواقع بأن تتخذ الدولة الإجراءات اللازمة لحماية حقوق هؤلاء النساء، وضمان توفير الخدمات الصحية والتعليمية المتخصصة لهن وتوعية المجتمع بحقوقهن، وتمكينهن اقتصادياً من خلال توفير فرص عمل مناسبة وضمان مشاركتهن في صنع القرار.