في الأيام الأخيرة، عادت الإضرابات مجددًا للظهور على السطح، إذ جدد السجناء داخل مركز بدر3 إضرابهم عن الطعام، وهي إضرابات شبه مستمرة، بشكل أساسي داخل مراكز بدر 1 وبدر3، وإضرابات متفرقة ما بين وادي النطرون، وغيرها من مراكز الإصلاح.
نسعى للإجابة عن تساؤل “لماذا يضرب السجناء ؟”، من خلال تتبع/ إلقاء الضوء على الظروف التي يعايشها السجناء في الداخل، وفي المقابل عرض معاناة الأهالي خلال الزيارات.
ونبدأ ذلك بالحديث عن أوضاع الرعاية الطبية داخل المراكز الجديدة بصورة موجزة.
هل البنية التحتية هي المشكلة الوحيدة في الرعاية الطبية داخل السجون؟
فيديو للمركز الطبي بمجمع مراكز بدر: للاطلاع أضغط هنا
ما الذي ينظم تقديم الرعاية الطبية داخل السجون؟
“إذا لم تتوافر أسباب علاج مسجون بمستشفى السجن ورأي طبيب السجن ضرورة علاجه بمستشفى خارجي، وجب عليه أن يرفع تقريرا إلى الإدارة الطبية بمصلحة السجون لتقرير ما تراه.
أما في الحالات الطارئة أو المستعجلة فلطبيب السجن أن يتخذ ما يراه ضروريا للمحافظة على صحة المسجون مع موافاة المصلحة بتقرير طبي عاجل منه.
وإذا رأي الطبيب أن حالة المريض تستوجب أخذ رأي طبيب أخصائي وجب عليه استئذان مصلحة السجون في ذلك ويؤخذ الإذن تليفونيا في الحالات المستعجلة، ولطبيب السجن أن يأمر بقبول الأدوية التي ترد للمسجون من الخارج إذا رأى ضرورة لذلك”.
المادة (37) من اللائحة الداخلية لتنظيم السجون.
تنص المواد 33 إلى 37 من قانون تنظيم السجون-مراكز الإصلاح والتأهيل- كما تنص اللائحة الداخلية لتنظيم السجون في المواد من 24 إلى 44 على مبادئ أساسية للرعاية الطبية داخل السجون، بداية من وجود طبيب داخل كل سجن مسؤول عن صحة السجناء والكشف عليهم بمجرد وصولهم السجن، مرورًا بنقل السجناء لمستشفيات خارج السجن في حال عدم توفر الإمكانيات داخل مستشفى السجن.
وصولًا إلى دور الصيدلي في حفظ الأدوية ومنحها بحسب إرشادات طبيب السجن.
الإهمال الطبي أو الامتناع عن تقديم العلاج هو أحد الانتهاكات الممنهجة التي يتعرض لها السجناء داخل السجون المصرية، بسبب الإهمال والتعنت من قبل مسؤولي السجن من جهة، ومن الجهة الأخرى المستشفيات التي تفتقر إلى الحد الأدنى من البنية الأساسية-في السجون القديمة-، إلى جانب التعنت في النقل إلى مستشفيات خارج السجن.
ولكن هل تغير الوضع بعد نقل السجناء إلى مراكز الإصلاح الجديدة خاصة مع وجود مراكز طبية مجهزة؟.
نستطيع الإجابة من خلال عاملين شديدي الأهمية كمؤشر على أوضاع الرعاية الطبية داخل تلك المراكز:
أولًا: الحالات الطبية الطارئة
“الوضع دة بيبقى مأساة في حالات الطوارئ، بيقعدوا يخبطوا بالساعات علشان حد يرد عليهم من السجن”.
شهادة شقيقة سجين في بدر1.
هل يوجد ما ينظم كيفية تقديم الرعاية الطبية داخل قانون تنظيم السجون ولائحته الداخلية في حالات الطواريء؟
بحسب المادة (37) من اللائحة الداخلية تعتمد السجون في التعامل مع الحالات الطارئة بصورة أساسية على طبيب السجن، وبصرف النظر عن سلطاته المقيدة من قبل إدارة السجن، إلا أن الوصول إلى طبيب السجن من الأصل في حالات الطوارئ هو أمر من الصعوبة تحققه، خاصة مع نقل السجناء إلى مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة، إذ ازداد الأمر سوءًا فيما يخص التعامل مع الحالات الطبية الطارئة لا سيما مع التقليص المتطرف للتعامل البشري داخل تلك المراكز، -إذ يتعامل السجناء مع الإدارة من خلال انتركوم مثبت داخل الزنازين، وتتعامل الإدارة من خلال سماعات داخل الزنازين أيضًا-، وعادة لا تستجيب الإدارة لاستغاثات السجناء في حال وجود حالات طبية طارئة، فبحسب أهالي السجناء قد تستجيب الإدارة بعد نداءات واستغاثات السجناء ب 6 ساعات على أقل تقدير، وهو ما يساهم -جزئيًا-في ارتفاع في أعداد الوفيات والتي تقدر بحوالي 131 حالة في الفترة ما بين عام 2022 إلى أكتوبر 2024 -بحسب المفوضية المصرية للحقوق والحريات-.
ثانيًا: الأدوية
“لا يصرف الصيدلي أي دواء من الأدوية إلا بناء على أمر مكتوب من طبيب السجن”
المادة 42 من اللائحة الداخلية لتنظيم السجون.
تشير المادة السابقة إلى دور الصيدلي في حفظ الأدوية، كما تشير إلى أهمية دور الطبيب في الكشف على السجناء لكي يتمكن من تشخيصهم وبالتبعية التوصية بالدواء المناسب، أو حتى السماح بدخول الأدوية من خلال زيارات الأهالي.
إلا أنه وبحسب مقابلات أجرتها المفوضية المصرية للحقوق والحريات مع ذوي سجناء حاليين داخل مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة، في العادة لا يقوم الطبيب بالكشف على السجناء عند دخولهم السجن، دون الالتفات إلى ما تنص عليه المادة 27 من اللائحة الداخلية من ضرورة الكشف على السجناء بمجرد دخولهم، ومتابعة حالة المرضى منهم.
كما رووا لنا عن معاناة السجناء في تناول الأدوية في المواعيد المحددة، إذ لا تسمح إدارات السجون للسجناء بدخول الأدوية داخل الزنازين لتناولها بأنفسهم، بل تقوم الإدارة بوضع الأدوية داخل صيدلية السجن، ويتم صرفها حسب رؤية إدارة السجن وليس بحسب احتياج السجين أو توصية الطبيب، وقد يتم معاقبة السجناء -حسب تصنيفهم في الداخل- بالحرمان من الأدوية “الدوا بيتمنع بالأيام عن بعض المساجين كنوع من أنواع العقاب، الفكرة في طريقة التعامل والإهمال الطبي، وهو قعد يتكلم تحديدا على ن.س، بيقول ان هما يعاقبوه ان هما مش بيدولوا أدويته.
وهو عنده القلب واكتر من مرض مزمن.
موضوع الأدوية دة بيبقى على حسب الشخص، لان بعد الاضرابات الاخيرة الناس كانوا بيدخلوا لها الادوية بتاعتها جوة.
بس مفيش تلاجات في الزنازين فالأنسولين والحاجات اللي زي دي اللي بتحتاج تتحفظ بتفضل مع الإدارة.
وفيه ناس حتى أدوية الصداع مش بيدخل معاهم.
وفيه أهالي اشتكوا ان الادوية بتتاخد منهم في السجن في الأمانات، بس الأدوية ما بتوصلش للسجناء جوة خالص”.