للمرة الأولى منذ عقود نقيب الصحفيين ووكيل وسكرتير عام النقابة يتم احتجازهم بسبب دفاعهم حقوق الصحفيين
في تطور خطير وغير مسبوق على صعيد الأزمة بين نقابة الصحفيين -ممثلة عن الجماعة الصحفية- والسلطات المصرية؛ يتم إحتجاز نقيب الصحفيين يحيى قلاش ووكيل النقابة خالد البلشي وسكرتير عام النقابة جمال عبد الرحيم على خلفية التحقيقات التي تجريها النيابة العامة ضدهم بسبب قيامهم بعملهم المشروع بالدفاع عن الصحفيين. كانت نيابة وسط القاهرة الكلية قد قررت فجر اليوم إخلاء سبيلهم بكفالة عشرة آلاف جنيه وهو القرار الذي رفضه النقيب وزملاؤه وامتنعوا عن تسديد الكفالة وحرروا بذلك محضرًا بقسم قصر النيل وذلك لعدم إستجابة النيابة لطلبهم بانتداب قاضي تحقيق في الواقعة. الجدير بالذكر أن النيابة قد وجهت لهم تهمتي إيواء شخصين مطلوبين أمنيًا أمام الجهات القضائية، وإشاعة أخبار كاذبة تتعلق بواقعة اقتحام مقر نقابة الصحفيين من قبل قوات الشرطة في الأول من مايو الجاري وذلك بعد تحقيقات استمرت قرابة 14 ساعة متواصلة.
كان نقيب الصحفيين وزملاؤه قد رفضوا دفع الكفالة إنطلاقًا من موقفهم إزاء رفض النيابة العامة بانتداب قاضي تحقيق في هذه الواقعة، يأتي ذلك بعد أن أصدر النائب العام بياناً في 3 مايو الجاري يشتمل على تهديدات باتهامات قضائية ضدهم وينتصر لوزارة الداخلية في واقعة اقتحامها لمبنى النقابة، وهو ما يعد استباق لنتيجة التحقيقات مما يطعن في حيادية النيابة العامة التي جعلت من النقابة -ممثلة في الثلاثة السابق ذكرهم- متهم وليس مجني عليه. وهو الأمر الذي يؤكد على استمرار إنحياز النيابة العامة للسلطة التنفيذية على حساب العدالة، المدهش أن بيان النائب العام لم يرى في اقتحام وزارة الداخلية لمقر نقابة الصحفيين انتهاكًا لنص المادة 70 من قانون نقابة الصحفيين، والتي نصت على عدم جواز تفتيش مقار نقابة الصحفيين العامة أو الفرعية إلا في وجود نقيب الصحفيين أو النقابة الفرعية أو من ينيب يمثلهما.
تُعد واقعة اخلاء سبيل نقيب الصحفيين ووكيل وسكرتير عام النقابة بكفالة مالية هي الأولى من نوعها في تاريخ نقابة الصحفيين منذ إنشائها في نهاية الأربعينيات، ليصبح عام 2016، وتحديدًا شهر مايو، شاهدًا على انتهاكات هي الأسوأ والأخطر فيما يتعلق بحرية الصحافة والاعتداء على النقابات المهنية في مصر. حيث قامت وزارة الداخلية باقتحام مقر نقابة الصحفيين في 1 مايو الجاري بدعوى القبض على الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا، واللذين أعلنا اعتصامهما بمقر نقابة الصحفيين اعتراضًا على مداهمة الشرطة لمنازلهما على خلفية قرار من النيابة العامة بضبطهما وإحضارهما، وقامت نقابة الصحفيين بدورها المهني في حمايتهم وضمان مثولهما أمام جهات التحقيق دون التعدي عليهم.
إن التهم الموجهة للنقيب ووكيل وسكرتير النقابة تتعلق إحداهما بنشر أخبار كاذبة وهي التهمة التي لا يجوز معها وفقًا لدستور (2014م) الحبس الاحتياطي أو الكفالة. بينما كانت التهمة الثانية إيواء شخصين مطلوبين للعدالة، وهي في حقيقة الأمر تهمة هزلية وعبثية ولا تعبر سوى عن إرادة للتنكيل بممثلي النقابة المنتخبين على خلفية موقفهم المهني في حماية المهنة وكرامة ودور الصحفي الذي كفله الدستور وتتباطؤ الدولة والجهات المعنية في إصدار القوانين المنظمة لذلك.
إن واقعتي اقتحام النقابة ومن بعدها حبس نقيب الصحفيين ووكيل وسكرتير عام النقابة على ذمة التحقيقات -في حال الإصرار على موقفهم بعدم دفع الكفالة- يشير إلى مرحلة جديدة من المواجهة بين السلطات المصرية وجماعة الصحفيين، مرحلة تتجلى فيها إرادة السلطة بإعادة إمساك قبضتها على النقابة وهو ما ينذر باحتمالية تكرار هذا مع نقابات مهنية أخرى في حال قيامها بدورها بالدفاع عن أعضائها. كما أن تلك الواقعة تعبر عن سياسة عامة تسعى لتدجين كل أشكال الصحافة الحرة والمهنية والمستقلة في إطار عملية تأميم واسعة لكل المنافذ الصحفية والإعلامية، وتشير -أيضًا- إلى إقحام النيابة العامة ومنظومة العدالة بشكل عام كطرف أصيل في الخصومة مع الصحفيين.
إن المؤسسات الموقعة أدناه تعلن كامل دعمها وتضامنها مع الجماعة الصحفية المصرية ونقابة الصحفيين، ممثلة في نقيبها ووكيل وسكرتير عام النقابة. وتطالب بالإفراج الفوري غير المشروط عنهم ووقف تلك الهجمة الشرسة والبربرية بحق حرية الصحافة واحترام الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحماية الصحفيين والتزام الدولة باحترام وصيانة حقوقهم باعتبارهم ناقلي الحقيقة ومرآة المجتمع. وتؤكد المؤسسات أن توجُّه السلطات المصرية لإسكات الصحافة المستقلة والمهنية وانتهاك حرية التعبير ومحاولات تكميم الأفواه لن تمر بسلام. وتدعو كل مؤمن ومدافع عن حرية الصحافة في مصر إلى الوقوف إلى جانب نقابة الصحفيين باعتبارها الممثل المنتخب والأصيل للجماعة الصحفية. وتؤكد أن ما يحدث بحق حرية الصحافة في مصر لم يكن له سابقة في تاريخ الصحافة المصرية وأن مواجهة هذه الهجمة التي يديرها عقل أمني قمعي يدفع بالبلاد إلى مستنقع شديد الخطورة يهدد استقرار المجتمع أصبح ضرورة لا مفر منها.
المنظمات الموقعة :
الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون
الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية
الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
مرصد صحفيون ضد التعذيب
مركز الأرض لحقوق الإنسان
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتأهيل
مركز هشام مبارك للقانون
مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية
مصريون ضد التمييز الديني
المفوضية المصرية للحقوق والحريات
المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة
مؤسسة حرية الفكر والتعبير
مؤسسة قضايا المرأة
نظرة للدراسات النسوية