رغم أن النيابة العامة تُعد قانونيًا الجهة المسؤولة عن حماية حقوق الأفراد والتحقيق في جرائم التعذيب، إلا أن دورها أحيانًا يثير القلق فيما يتعلق بالإفلات من العقاب. هذا الدور قد يُضعف من نزاهتها ويؤثر على مصداقيتها. بدلًا من استخدام سلطاتها لمحاسبة المتورطين في انتهاكات التعذيب، قد تتجنب النيابة اتخاذ إجراءات حازمة ضد أفراد الأجهزة الأمنية، مما يساهم في تكريس الانتهاكات بشكل غير مباشر.
لذلك، تعلن المفوضية المصرية للحقوق والحريات، وحملة “لا تسقط بالتقادم”، إطلاق حملة “نيابة بلا تواطؤ” التي تدعو من خلالها إلى ضرورة تغيير هذا الواقع المظلم من خلال اتخاذ خطوات جدية لضمان محاسبة المسؤولين عن جرائم التعذيب وتفعيل دور النيابة العامة في حماية حقوق الإنسان فعليًا.
الحملة تُحذر من أن استمرار النيابة في هذا النهج يعزز ثقافة الإفلات من العقاب ويزيد من جرائم التعذيب التي تتم داخل مراكز الاحتجاز. إن صمت النيابة أو تباطؤها في التحقيق في هذه الجرائم هو بمثابة خيانة لدورها في إنفاذ العدالة، مما يجعلها شريكًا مباشرًا في هذه الانتهاكات الجسيمة.
تطالب الحملة بتعديل التشريعات الحالية لتتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وذلك من خلال إلغاء الثغرات القانونية التي تتيح الإفلات من العقاب، وإلغاء الحصانات الممنوحة لأفراد الأجهزة الأمنية التي تحول دون محاسبتهم. كما تدعو إلى تفعيل رقابة صارمة على ممارسات النيابة العامة، وضمان شفافية التحقيقات في جميع قضايا التعذيب.
حملة “نيابة بلا تواطؤ” تؤكد على ضرورة إلغاء قوانين الطوارئ التي تُستخدم كذريعة لارتكاب الانتهاكات وتبرير التجاوزات الأمنية. كما تدعو إلى توفير حماية فعالة للشهود والضحايا لضمان قدرتهم على الإدلاء بشهاداتهم دون خوف من الانتقام أو الترهيب.
إن استمرار هذا الوضع يشكل تهديدًا مباشرًا لمنظومة العدالة في مصر، ويجعل من النيابة العامة جهة غير قادرة على تحقيق العدالة. إن مسؤولية النيابة الآن هي أن تثبت للشعب المصري أنها قادرة على ممارسة دورها الحقيقي في حماية حقوق الإنسان ومحاسبة المسؤولين عن التعذيب. حان الوقت لتغيير هذا المسار الكارثي وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب.
في الختام، ندعو الجميع للانضمام إلى حملة “نيابة بلا تواطؤ” والمساهمة في دعم حقوق الإنسان والمطالبة بالعدالة. كل صوت مؤثر، وكل مشاركة تساعد في إيصال رسالتنا إلى النيابة العامة وأصحاب القرار. معًا، يمكننا أن نحقق التغيير ونعمل على إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب. انضموا إلينا في الدفاع عن كرامة الإنسان وتحقيق العدالة.