يتأثر أهالي السجناء خلال رحلتهم لزيارة ذويهم، بالسياسات التي تمارسها وزارة الداخلية، ممثلة في قطاع مصلحة السجون –قطاع الحماية المجتمعية حاليًا-، ما بين تغريب السجناء وبالتبعية قطع الأهالي مسافات طويلة لزيارة ذويهم، وسوء المعاملة ومدد الانتظار الطويلة على بوابات السجن، وعدم تجهيز أماكن انتظار ملائمة لهم، وصولًا إلى التفتيش المهين الذي يتعرضون لها.
لذلك تطلق حملة “لا تسقط بالتقادم” بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات تقريرها عن آليات وأوضاع الزيارات داخل السجون المصرية –من منظور الأهالي- وحالة السجن الثانوي الذي يتعرض له الأهالي خلال تلك الزيارات، والتي نبدأها ب تقرير “الطابور” عن آليات الزيارات داخل السجون المصرية “القديمة” كمحاولة توثيق ما حدث في أماكن احتجاز ستمحى من الوجود لكنها لن تمحى من ذاكرة الأهالي وبالتأكيد من ذاكرة السجناء. إذ نُقل السجناء في عدد كبير منها إلى السجون الجديدة أو “مراكز الإصلاح والتأهيل”. ففي أكتوبر من عام 2021 افتتح وزير الداخلية مجمع وادي النطرون الذي يضم 6 مراكز إصلاح وتأهيل، والصادر قرار رقم 2277 لسنة 2021 بإنشائه في الجريدة الرسمية وذلك بعد افتتاحه بشهرين في ديسمبر 2021. تباعًا صدر قرار بإنشاء مجمع بدر والذي يضم 3 مراكز إصلاح وتأهيل، تلاه مجمع آخر بالعاشر من رمضان و15 مايو وأخميم، وغيرهم بالمحافظات المختلفة.
وفي وقت سابق كانت قد وزارة الداخلية أعلنت أنه عقب التشغيل الفعلي لمجمع وادي النطرون سيتم غلق 12 سجنًا عموميا هي: استئناف القاهرة، ليمان طرة، القاهرة بطرة، بنها، الإسكندرية، طنطا العمومي، المنصورة، شبين الكوم، الزقازيق، دمنهور القديم، معسكر العمل بالبحيرة، والمنيا العموم، والتي تمثل 25 % من إجمالي عدد السجون العمومية في مصر. وبهذا يمكن اعتبار اللحظة التي نعيشها هي تدشين مرحلة جديدة من السجون ونمط بنائها في مصر، والتي سنعمل على إصدار سلسلة تقارير متصلة حول وضع وآليات الزيارات بها خلال الفترة المقبلة.
نسعى في هذا التقرير إلى تسليط الضوء على التحولات التي طالت الزيارات داخل السجون المصرية كانعكاس لما يواجه الأهالي من متاعب عديدة للوصول إلى الزيارة من طول الطريق والانتظار والتفتيش والمعاملة المهينة من قبل إدارة السجن، ويطرح تصورًا حول فكرة سجن العائلة في الزيارات، بسبب تعرض الأهالي لما يمكن اعتباره لحالة من “السجن الثانوي” خلال المراحل المختلفة التي يمرون بها. من خلال الاستناد على قراءة نظرية، و38 مقابلة شخصية لسجناء سابقين، وذوي سجناء حاليين في سجون (طرة شديد الحراسة1، القناطر نساء، الفيوم العمومي “دمو”، الوادي الجديد، أسيوط، سوهاج، برج العرب، ليمان 440 وادي النطرون، ليمان430 وادي النطرون، الكيلو عشرة ونص، الزقازيق) ومقابلات مع محامين مدافعين عن حقوق الإنسان، وطبيبة نفسية. وينتهي التقرير بتقديم توصيات على المستويات التشريعية والإدارية وتصميم السجن للحد من الانتهاكات التي يتعرض لها الأهالي، وتحسين تجربة الزيارة بشكل عام سواء على السجناء، او ذويهم.
ينقسم التقرير إلى ثلاثة أجزاء تسلط الضوء على المراحل التي يمر بها السجناء وذويهم. ففي الجزء الأول يشير إلى مرحلة ما قبل الزيارة التي تتضمن التحضير للزيارة، والطريق إلى السجن، والتفتيش الذي يتعرض له الأهالي، فضلًا عن مكان الانتظار. ويتناول الجزء الثاني “الزيارة” بما فيها من تصميم مكان الزيارة، الذي يحدد شكل التواصل والتفاعل بين السجين وذويه، والتحولات التي طرأت على شكل وآليات الزيارات منذ الثالث من يوليو، بالإضافة إلى مدة الزيارة مقارنة بما يسمح به قانون تنظيم السجون ولائحته الداخلية، ومدى دورية الزيارة، فضلًا عن المراقبة/الخصوصية في الداخل، وتأثير كل ذلك على جودة الزيارة وتأثيرها النفسي على السجناء والأهالي. أما الجزء الثالث فهو معني بمحاولة عرض التكلفة الكلية لعملية الزيارة، تكلفة المواصلات، والمأكولات، والملابس، والأموال التي تدفع للعاملين بالسجن، بالإضافة إلى عرض الآثار النفسية الواقعة على الأهالي بسبب زيارة ذويهم داخل السجون.