“لا تسقط بالتقادم” تصدر تقريرها “ما لا يمكن تحمله: عن الانتحار في أماكن الاحتجاز في مصر”
في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب..
تزامنًا مع اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب وسوء المعاملة، تطلق حملة لا تسقط بالتقادم تقريرها بعنوان “ما لا يمكن تحمله: عن الانتحار داخل أماكن الاحتجاز في مصر”.
وعلى الرغم من المطالبات المستمرة بضرورة تحسين أوضاع السجناء داخل أماكن الاحتجاز، وفي ظل افتقار أماكن الاحتجاز في مصر لأبجديات الرعاية الصحية، واستمرار وزارة الداخلية في ممارسة الانتهاكات بحق السجناء والمحتجزين. أصبح تدهور الصحة النفسية للسجناء أمرًا شائعًا إلى الحد الذي يدفع المحتجزين إلى محاولات إنهاء حياتهم للتخلص من الأوضاع القاسية والغير آدمية داخل السجون. وقد تم توثيق عدد من الحالات لسحناء سعوا لإنهاء حياتهم داخل أماكن الاحتجاز خلال السنوات الماضية.، منها حالة عمر عادل الذي أنهى حياته بعد التعسف ضده واحتجازه في زنزانة التأديب. وأيضًا حاله أسامة مراد والذي حاول إنهاء حياته عن طريق ذبح نفسه بعد تعرضه للضرب والإهانة من قبل الضباط القائمين على احتجازه.
ولم تتوقف محاولات الانتحار التي تنتجها الظروف المعيشية السيئة وسوء معاملة السجناء داخل السجون. فمع إعلان وزارة الداخلية في ديسمبر عام 2021 بدء التشغيل التجريبي لمركز الإصلاح والتأهيل بمدينة بدر ضمن الخطة التي أعلنتها الوزارة لاستبدال السجون العمومية بمراكز الإصلاح والتأهيل. وعلى عكس التصريحات المستمرة لمسؤولي وزارة الداخلية بأن هذه المراكز ستكون بداية الحل لأزمة سوء أوضاع الاحتجاز، إلا أنه ومنذ بداية نقل السجناء إلى مجمع سجون بدر، تواترت أخبار حول انتهاكات تتضمن سوء معاملة السجناء وتعرضهم لانتهاكات نفسية وبدنية عنيفة دفعت عدد من المحتجزين في أكتوبر 2022 بإعلان إضرابهم عن الطعام.
ناشد السجناء في مجمع سجون بدر المنظمات الحقوقية والدولية سرعة التدخل لإنقاذهم مما وصفوه “موتاً بطيئاً” ثم تواترت الأخبار حول محاولات انتحار للعديد منهم في مجمع سجون بدر بعد أن فقدوا الأمل في تحسن أوضاعهم في السجن أو في الإفراج عنهم.
في فبراير 2023 تم تسريب بيان من داخل سجن بدر 3 أعلن فيها المحتجزون عن تعرضهم لمجاعة قاتلة ومنع أدوية المرضى وكبار السن والحالات الحرجة وتواتر حالات الانتحار لتبلغ 55 حالة انتحار خلال 10 أيام سواء بالشنق أو قطع الشرايين أو ابتلاع الأدوية.
وفي ضوء هذا يستهدف التقرير تسليط الضوء على أسباب تحول السجون المصرية نتيجة الاستخدام الدائم للعنف والتهديد ومحاولات السيطرة على السجناء إلى بيئة خصبة لانتشار الاضطرابات النفسية والتدهور الحاد للصحة النفسية للمحتجزين الى الحد الذي قد يهدد حياتهم ويدفعهم إلى إنهائها سواء داخل أماكن الاحتجاز أو حتى بعد إطلاق سراحهم.
كما يتناول التقرير أوضاع السجون من ناحية بوصفها عامل أساسي في التأثير على الصحة النفسية والعقلية للمحتجزين في مؤسسات الاحتجاز في مصر على عدة مستويات: أولًا من ناحية تحليل الأوضاع العامة في السجون بدءًا من هيكلية السجون، والظروف المعيشية، ومدى تلبية الاحتياجات الأساسية للسجناء من المأكل والمشرب والرعاية الصحية. كذلك، طرق التعامل مع المحتجزين وآليات فرض السيطرة وتأثير ذلك على الصحة النفسية للمحتجزين. كما يناقش التقرير تأثير انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها المحتجزين مثل التعذيب وسوء المعاملة وغيرها من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والإهمال الطبي المتعمد والحبس الانفرادي غير محدد الأجل والمنع من الزيارة ومن التواصل مع العالم الخارجي، وتأثير هذه الانتهاكات على الصحة النفسية للمحتجزين.
كذلك يناقش التقرير مراحل تدهور الصحة النفسية للمحتجزين داخل السجون بدءًا من ظهور أعراض المرض النفسي كالصدمات النفسية الحادة والاكتئاب والقلق الشديد وغيرها من الاضطرابات النفسية وأعراضها ووصولًا إلى محاولات إيذاء النفس والانتحار. كما يناقش التقرير أثر الإهمال في التعامل مع حالات الاضطرابات النفسية بداية من العرض على النيابة، والكشف الطبي. ويسلط التقرير الضوء على التعامل السيء مع الاضطراب النفسي داخل السجون المصرية، بدءًا من التعامل العنيف والقسوة والعقاب، ووصولًا إلى منع المحتجزين من الوصول إلى الأدوية النفسية الموصوفة لهم من قبل الأطباء.
كذلك يُسلط التقرير الضوء على محاولات الانتحار داخل السجون وكيفية تعامل إدارة السجن معها. واستخدام إدارة السجن العقاب والتهديد والاحتجاز في عنبر التأديب ضد المحتجزين الذين يحاولون الانتحار، بدلًا من تقديم الرعاية الطبية أو نقلهم إلى أماكن الرعاية الصحية المتخصصة.
ويخلص التقرير إلى عدة توصيات منها ضرورة التزام النيابة العامة بعدم احتجاز المصابين باضطرابات نفسية شديدة ممن يؤدي بقائهم في السجن الى تفاقم حالتهم واتخاذ الإجراءات اللازمة لنقلهم إلى مرافق للصحة العقلية. كما يوصي التقرير بالتزام إدارات السجون بإجراء كشوف طبية شاملة للمحتجزين، وتحسين أوضاع الرعاية الصحية في أماكن الاحتجاز، وتوفير أطباء نفسيين في السجون. والتوقف الفوري عن كل صور اساءة المعاملة بحق المصابين باضطرابات نفسية وضمان حصول المحتجزين من ذوي الاضطرابات النفسية على أدويتهم النفسية بشكل مستمر ودائم. وتقديم الرعاية الطبية الفورية والعاجلة لأي محتجز حاول الانتحار في السجون المصرية ونقله الى مستشفيات خارجية على وجه السرعة لحين تحسن حالته الصحية.
للاطلاع على التقرير