بيانات صحفية

“لا تسقط بالتقادم” تجدد مطالبتها للسلطات المصرية بوقف جريمة التعذيب ومحاسبة مرتكبيها وإنصاف الضحايا

في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب وسوء المعاملة

في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، تؤكد حملة “لا تسقط بالتقادم”، على بذل كافة الجهود لمناهضة التوسع في ممارسة جريمة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو المهينة أو اللاإنسانية داخل أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، ومكافحة إفلات مرتكبي جرائم التعذيب من المساءلة والعقاب، وإنصاف ضحايا التعذيب وسوء المعاملة في مصر.

لا تزال الأجهزة الأمنية في مصر مستمرة في ممارسة جرائم التعذيب وسوء المعاملة بحق المحتجزين بحوزتها في مقرات الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، بدءًا من لحظة الاعتقال وإلقاء القبض، وحتى مرحلة المحاكمة، من خلال ممارسات ممنهجة وموسعة من ارتكاب جرائم الاختفاء القسري والتعذيب داخل مقرات الأمن الوطني، مرورًا بانتهاكات سوء المعاملة والإهمال الطبي المتعمد والحبس الانفرادي غير محدد الأجل والمنع من الزيارة والتواصل مع العالم الخارجي.

وفي ظل محاولات التعتيم على ما تشهده مقرات الاحتجاز غير الرسمية – مقرات الأمن الوطني – وكذلك أقسام الشرطة من جرائم تعذيب أثناء فترات الاختفاء القسري والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلى الوفاة، كذلك التقاعس عن اتخاذ إجراءات قانونية بشأن شكاوى التعذيب المقدمة من قبل الضحايا، الأمر الذي يساعد مرتكبي جرائم التعذيب وسوء المعاملة على الإفلات من المساءلة والعقاب، وهو ما يعطي تصريح ضمني للأجهزة الأمنية بارتكاب وممارسة جرائم التعذيب وسوء المعاملة دون خوف من الخضوع للمساءلة القانونية.

ففي 9 أبريل 2022 توفي الباحث الاقتصادي أيمن هدهود في ظروف غامضة، حيث تلقت أسرته اتصالًا هاتفيًا من أحد ضباط الشرطة يبلغهم بالتوجه لاستلام الجثمان من مشرحة مستشفى العباسية للصحة النفسية وذلك بعد أن فقدت الاتصال به قبل حوالي شهرين من تاريخ وفاته. وقامت أسرة الباحث هدهود باتخاذ إجراءات قانونية للكشف عن مكان احتجازه بعد فقدان الاتصال به وانتشار معلومات عن تعرضه للاختفاء القسري. تم إيداع هدهود مستشفى العباسية للصحة النفسية والتي استمرت في إنكار وجوده قرابة الشهر، بالإضافة إلى عدم معرفة مكان احتجاز هدهود لمدة 12 يومًا بين تاريخ اختطافه وبين تحويله لمستشفى العباسية برغم صدور قرار من النيابة بتحويله إلى مستشفى العباسية. الأمر الذي يشير إلى تعرض الباحث لانتهاكات جسيمة خلال تلك الفترة والتي انتهت بوفاته.

أيضًا، في واقعة قتل المحامي كريم حمدي جراء التعذيب في قسم شرطة المطرية، وإثبات الطب الشرعي تعرض المجني عليه للتعذيب. وأثبت فحص الطب الشرعي وجود إصابات في الجناح الأيمن للعظم الأمامي للرقبة، وكسر في الضلوع من الثاني للثامن، أحدثت تهتك بالرئة وكدمة بالقلب أدت إلى نزيف داخلي وإصابته أيضًا بنزيف وتورم في الخصيتين، أدى إلى صدمة عصبية وتوقف في عضلة القلب. وبالرغم من ذلك قضت محكمة جنايات القاهرة ببراءة الضباط المتورطين وإخلاء سبيلهم بكفالة مالية قدرها 10 آلاف جنيه.

أيضًا، واقعة مقتل عفروتو الذي لقي مصرعه نتيجة التعذيب في قسم شرطة المقطم في 2019، استبعدت المحكمة تهم التعذيب وقالت في حيثياتها أنها لم تطمئن لتهمة التعذيب وقضت بحبس المتهمين عام واحد بتهمة ضرب أفضى إلى موت. وفي عام 2020 قتل إسلام الأسترالي بقسم شرطة المنيب نتيجة التعذيب، وأمرت النيابة بإخلاء سبيل الضابط المتهم بكفالة 5 آلاف جنيه وحبس 4 من أمناء الشرطة على ذمة التحقيق.

وفي السياق ذاته، حكمت محكمة جنوب القاهرة في مارس 2019 بالحبس لمدة 6 أشهر فقط ضد الضابط المتهم في احداث عاهة مستديمة للضحية منير يسري وافقاده البصر في إحدى عينيه بعد ضربه وتعذيبه في سجن 15 مايو.

كذلك فإن استمرار وزارة الداخلية في ارتكاب ممارسة سوء المعاملة ضد السجناء إنما تعد مؤشرًا على التمادي في انتهاك حقوق المحتجزين، على الرغم من التصريحات المستمرة بتطوير البنية التحتية للسجون وأن مراكز الإصلاح والتأهيل تعتبر بداية جديدة لحل أزمة سوء أوضاع الاحتجاز إلا أن الانتهاكات داخل السجون لا تزال متصاعدة.

فبحسب الرسائل المُسربة وشهادات أهالي المحتجزين داخل سجن بدر 3، فإن الأوضاع داخل السجن “مميتة”، بدءًا من التكدس وأوضاع الاحتجاز غير الآدمية، مرورًا بحالات التعذيب الجسدي والنفسي، وكذلك الإهمال الطبي، فضلًا عن منع السجناء من استقبال زيارات ذويهم، وعدم السماح بدخول الكتب والأدوية، وغيرها من الانتهاكات التي اعتادت سلطات السجون ممارستها بحق السجناء لاسيما السياسيين منهم، الأمر الذي دفع عدد من سجناء بدر 3 إلى اللجوء للإضرابات الجماعية ومحاولات الانتحار سعيًا للخلاص من المعاملة القاسية داخل السجن.

كذلك لا تزال الأجهزة الأمنية تتعمد ترهيب أسر الضحايا لضمان التنازل عن حقوقهم وعدم اتخاذ إجراءات قانونية، فكانت قوات الأمن في 17 أبريل 2023 قد قامت باعتقال السيدة نعمة الله هشام زوجة المحامي الحقوقي محمد الباقر على خلفية استغاثتها بعد التعدي على زوجها بالضرب من قِبل مأمور سجن بدر 1، ففي 10 أبريل 2023 قامت إدارة سجن بدر 1 بالتعدي بالضرب وتكميم الأفواه على النشطاء أحمد دومة ومحمد الباقر ومحمد أكسجين أثناء محاولتهم الدفاع عن السجين حامد صديق، وتم تحويلهم إلى زنازين التأديب.

وعليه فإن الحملة تؤكد على أنها لن تدخر جهدًا في مساندة ضحايا التعذيب وسوء المعاملة داخل أماكن الاحتجاز، كما تؤكد الحملة على أن مناهضة جرائم التعذيب تستلزم إرادة حقيقية لوقف التعذيب ومحاسبة مرتكبيه، وجبر الضرر لضحايا التعذيب وسوء المعاملة.

كذلك  تكرر الحملة مطالبتها للسلطات المصرية للإيفاء بالتزاماتها الدولية تجاه مناهضة جريمة التعذيب وفقًا للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، كذلك تطالب الحملة السلطات المصرية بضرورة الإيفاء بالتزاماتها الدستورية وفقًا للمادة 52 من دستور 2014 التي أكدت أن التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم، وكذلك نص المادة 55 من الدستور التي ضمنت لكل من يقبض عليه أو يحاكم الحق في معاملة تحفظ كرامته، وجرمت أي محاولات أو ممارسات تنتهك إنسانيته والتي من بينها عدم تعرض المتهم أو المحتجز للتعذيب، سواء كان إكراها بدنيا أو نفسيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى