في 18 ديسمبر 2023 أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي، بولاية رئاسية ثالثة تستمر حتى عام 2030، بعد حصوله على 39 مليوناً و702 ألف 451 صوتاً بنسبة 89.6% من إجمالي الأصوات الصحيحة، في الانتخابات التي أجريت في الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر الماضي.
وقالت الهيئة في مؤتمر صحافي، إن نسبة التصويت في الانتخابات، هي الأعلى في تاريخ مصر، مشيرة إلى أنه لم يتم تسجيل أي خروقات شابت العملية الانتخابية، كما لفتت إلى أن تلك الانتخابات هي الأقل من حيث الإنفاق على الدعاية الانتخابية.
وبلغ عدد الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات 44 مليوناً و777 ألفاً و668 ناخباً بنسبة مشاركة 66.8%، من إجمالي المقيدين في جداول الناخبين، والبالغ عددهم نحو 67 مليون فوق سن 18 عاماً، من إجمالي عدد السكان البالغ 104 ملايين نسمة.
ووفق الهيئة، فإنه تم تسجيل 44 مليوناً و88 ألف صوت صحيح بنسبة 98.9% من إجمالي عدد الأصوات.
وحصل رئيس حزب الشعب الجمهوري، حازم عمر، على مليون و986 ألفاً و352 صوتاً بنسبة 4.5% من الأصوات الصحيحة، بينما حل في المرتبة الثالثة رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فريد زهران، على مليون و776 ألفاً و952 صوتاً بنسبة 4% من الأصوات الصحيحة.
وجاء في المرتبة الرابعة، رئيس حزب الوفد، عبد السند يمامة، إذ حصل على 822 ألفاً و606 أصوات بنسبة 1.9% من إجمالي الأصوات الصحيحة. وسبق التصويت في الداخل، اقتراع المصريين بالخارج، أيام 1 و2 و3 ديسمبر، في 137 سفارة وقنصلية في 121 دولة حول العالم.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية السابقة قبل 4 أعوام 41,5% مسجلة انخفاضا مقارنة بنسبة مشاركة الناخبين في انتخابات 2014 التي بلغت حينها 47%. وكان السيسي قد وصل السيسي إلى سدة الحكم في انتخابات الرئاسة 2014 التي جرت بعد ثورة 30 يونيو التي أطاحت بالرئيس الأسبق محمد مرسي. وفاز السيسي في انتخابات عامي 2014 و2018، بأكثر من 96% من الأصوات. وبعد ذلك أجرى مجلس النواب المصري في 2019 تعديلا دستوريا لتصبح الولاية الثانية للسيسي ست سنوات بدلا من أربع، والسماح له بالترشح بعدها لفترة جديدة مدتها ست سنوات أخرى تنتهي في العام 2030.
وجاءت الانتخابات الأخيرة في وقت تعيش فيه مصر واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية منذ عقود، بعدما سجل معدل التضخم مستوى قياسيا مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية، ونقص العملة الأجنبية في بلد يستورد غالبية حاجاته الغذائية، فضلا عن تزايد حجم الدين الخارجي.
الانتخابات الرئاسية في الإعلام الغربي
وسلّطت وسائل إعلام غربية الضوء على الانتخابات المصرية، التي رأت أن عملية التصويت تجري في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، و”تردي حالة حقوق الإنسان”، مما فوت الفرصة على إجراء انتخابات “حقيقية”، على حد وصفها.
وأشار موقع فرنسا 24 إلى “تزايد السخط العام قبل الانتخابات المصرية”، التي تتم خلال “أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ مصر”، وهو ما اتفقت فيه جريدة الجارديان البريطانية وموقع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي. وبينت الجارديان ارتفاع معدلات الفقر في مصر خلال السنوات الأخيرة، إذ تجاوزت نسبة التضخم الـ40%، ويقدر أن ثلث عدد السكان في مصر يعيشون في فقر.
وحسب بي بي سي، فإن “الكثير من المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر يعتقدون أن الحكومة نسيتهم، وأنها تعطي الأولوية لمشاريع البنية التحتية والإصلاحات الاقتصادية ومشروع العاصمة الجديدة التي تصل تكاليفها إلى مليارات الدولارات، بينما يواجه المصريون صعوبات في شراء الضروريات الأساسية “.
محاكمة الطنطاوي والهجوم عليه
وفي تقرير الجارديان، أشار المحلل السياسي تيموثي كالداس من معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، إلى تدهور الوضع الاقتصادي خلال السنوات العشر الماضية. وأضاف التقرير أن السلطات المصرية “تحاكم السياسي المصري المعارض والمرشح الرئاسي السابق، أحمد الطنطاوي، وأعضاء من حملته الانتخابية، انتقاما من ممارستهم لحقوقهم في المشاركة السياسية وحرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها”.
وعلى المستوى الإعلامي هاجم الإعلامي مصطفى بكري والمؤيد بشدة للنظام الحالي المرشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي عبر حسابه بموقع تويتر. وكتب مصطفي بكري: “يا تري ما هو موقف المرشح المحتمل أحمد الطنطاوي من بيان البرلمان الأوروبي، وما رأيه في تدخله في الشئون الداخلية المصرية، هل ستدين وترفض الاستقواء بالخارج أم ستصمت كما صمت ورفضت إنكار دعمك لعودة جماعة الإخوان الإرهابية”.
وعلى هذا المنوال سار الإعلامي نشأت الديهي والمؤيد أيضا للنظام الحالي واتهم طنطاوي بالتخطيط مع جماعة الإخوان المسلمين من أجل عودتهم للمشهد السياسي وقال: “طنطاوي لا وزن له”.
الإعلام والانتهاكات أثناء التصويت
ووثقت بعض المواقع الإعلامية والفيديوهات وجود مخالفات انتخابية لصالح المرشح عبد الفتاح السيسي. وحشد حزب النور السلفي، أعضاءه بالمحافظات، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، معلنين تأييدهم للرئيس عبد الفتاح السيسي.
ومن خلال غرفة عمليات متابعة تصويت المصريين بالخارج التابعة لحملة المرشح الرئاسي فريد زهران قالت أنها: “لاحظت الحملة من خلال الصور والفيديوهات التي وافانا بها مندوبيها في عواصم الدول الأجنبية أن بعض الناخبين يحملون صورا لأحد المرشحين أمام وداخل مراكز الاقتراع، الأمر الذي يخل بمبدأ المساواة بين سائر المرشحين ويخالف أحكام القوانين والقرارات المنظمة للعملية الانتخابية”.
وناشدت الحملة كل من الهيئة الوطنية للانتخابات ووزارة الخارجية وقف هذه المظاهر التي تعصف بفكرة التنافسية الحقيقية وتخالف القانون.
كما رصدت حملة المرشح فريد زهران داخل مصر: ” بعض حالات من التصويت الجماعي وزيادة كبيرة في وجود وقائع شراء أصوات ورشاوى مادية وعينية من قبل بعض الأشخاص للتأثير على إرادة الناخبين الأمر الذي يعكس خرقا واضحا للقوانين يستوجب المساءلة القانونية”. وقالت حملة المرشح الرئاسي فريد زهران، إنه تم منع مندوبيه من متابعة عملية الفرز في سائر اللجان الفرعية على مستوى الجمهورية.
وأضافت الحملة في بيان لها: “تعرب الحملة عن بالغ الاستياء من منع وكلاء المرشح حضور عمليات الفرز أو حضور تسليم النتائج للجان العامة، على سند من أن توكيلات الوكلاء للمرشح الصادرة من الهيئة الوطنية للانتخابات لا تجيز لهم حضور ذلك، على الرغم من السماح لوكلاء المرشحين الآخرين بذات التوكيلات بنفس صيغتها وفحواها بحضور إجراءات الفرز وتسليم النتائج.
وذكرت رويترز، أن مراسل الوكالة شاهد خلف مراكز الاقتراع توزيع الدقيق والأرز على الأشخاص الذين يظهر الحبر الفسفوري أنهم أدلوا بأصواتهم، وأعرب بعضهم لمراسل “رويترز” عن خيبة أملهم، أن الأكياس لا تحتوي على السكر، الذي ارتفع سعره بحدة في الآونة الأخيرة.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن حافلات ترعاها أحزاب موالية للرئيس عبد الفتاح السيسي، نقلت الناخبين بالعشرات في مراكز الاقتراع، كما أعطت شركات موظفين إجازة للتصويت.
ونقلت وكالة “نوفا” الايطالية عن معتز الشناوي المتحدث باسم حملة المرشح الرئاسي فريد زهران، أن الحملة رصدت بعض المخالفات، بشكل يؤثر على إرادة الناخب، وأنهم تقدموا بهذه التقارير للهيئة الوطنية للانتخابات. وأشارت الوكالة إلى انتشار فيديوهات على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، تشير إلى نقل حزب الأغلبية مستقبل وطن، والمؤيد للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي المواطنين مجانًا إلى مقار اللجان الانتخابية.
موقع قناة “دويتش فيله” الألمانية، نقل عن بعض المشاركين في الانتخابات، أن أصحاب عملهم أجبروهم على المشاركة في الانتخابات، والتصويت للسيسي. وأضافت القناة في تقريرها، أنه شوهد خلف مراكز الاقتراع أكياس الطحين والأرز وسلع أساسية أخرى، توزع على الأشخاص الذين ظهرت آثار الحبر على أصابعهم.