المفوضية المصرية للحقوق والحريات

“فرحة” الفيلم الذي أغضب مسئولين إسرائيليين

مقدمة لابد منها:

ربما قبل الحرب على غزة كان فيلم “فرحة” سيعد من الأفلام الأكثر تجسيدا لما حصل عشية النكبة الفلسطينية الاولى من تهجير قسري وقتل ولكن مع الأسف، فإن العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة نجحت بشكل لا مثيل له في إعادة تجسيد جرائم نكبة 1948 على الأرض مجددا ، وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع، وفي ضربة قوية لقوانين حقوق الإنسان، والقوانين الدولية، التي أرستها الأمم المتحدة لتفادي تكرار فظائع الحروب العالمية، التي عصفت بالإنسانية.

ويبدو أن  تلك القوانين التي اتفقت عليها الإنسانية في لحظة ما، فشلت في تجاوز شريعة الغاب، فلم يتعلم الإنسان من أخطائه والآن يعود إلى سيرته الأولى.

“فرحة”..على وقع النكبة الأولى

في 1 ديسمبر 2022، أطلقت نتفليكس فيلم فرحة، وهو أول فيلم روائي طويل للمخرجة دارين سلام وبداية علاقة السينما الأردنية بجوائز الأوسكار.

صورة من الحساب الرسمي لفيلم فرحة على منصة (X)

ودارين سلام هي شابة فلسطينية ابنة عائلة هجرها الاحتلال كحال الآلاف منذ العام 1948، وكما يقولون ما حك لحمك إلا ظفرك، فالقصة وقائعها حقيقية تماما، حكتها والدة دارين لابنتها.

يحكي الفيلم قصة الفتاة فرحة قبل طرد ونزوح الفلسطينيين عام 1948. كانت فرحة البالغة من العمر 14 عامًا تلعب مع فتيات أخريات في قرية فلسطينية. 

وبينما تتحمس الفتيات الأخريات لزواج صديقتهن، تحلم فرحة بمتابعة التعليم والذهاب إلى المدرسة في المدينة مثل صديقتها المفضلة فريدة. 

صورة من الفيلم 

تطلب فرحة من والدها تسجيلها في المدرسة، لكن والدها يريدها أن تتزوج بدلاً من ذلك، تصمم الابنة حتى يوافق الوالد المحب، ولكن يافرحة ماتمت.

تصل الجماعات الصهيونية المسلحة  إلى أطراف قرية والد فرحة الذي يعمل كمختار لها، وبينما تحتفل فرحة بخبر موافقة والدها مع صديقتها المفضلة فريدة، سمعت أصوات القنابل من بعيد. 

تركض فرحة وفريدة إلى القرية ليجداها في حالة اضطراب مع أصوات مكبرات الصوت العسكرية التي تطلب من سكان القرية الإخلاء، وبينما يبقى والد فرحة للدفاع عن قريته ترفض فرحة المغادرة.

يعيدها والدها إلى منزلهم ويسلح نفسه ببندقية ويغلق فرحة في المخزن ويطلب منها البقاء مختبئة. أخبرها أنه سيجمعها عندما يكون الوضع آمنًا. 

وبينما فرحة محتجزة في مخزن المؤن لعدة أيام دون أي أخبار من والدها، تستمر في سماع أصوات القنابل وطلقات الرصاص من بعيد ولا تستطيع إلا أن تنظر من خلال فتحة في مخزن المؤن إلى فناء المنزل.

تجد عائلة فلسطينية مكونة من أبو محمد وأم محمد وطفليهما الصغار تدخل منزلها، حيث تلد الأم طفلها في باحة منزل فرحة. 

تطلب فرحة من أبو محمد السماح لها بالخروج، لكن قبل أن يتمكن من ذلك، تتوقف دورية عسكرية إسرائيلية خارج المنزل وتطالب الأسرة بالخروج والاستسلام. يخرج أبو محمد إلى الخارج ويواجه قائد الدورية ومخبراً فلسطينياً يرتدي قناعاً.

 ويبدو أن المخبر الفلسطيني يعرف سكان القرية، وأخبر القائد المحتل أن أبو محمد من قرية أخرى.

 يقوم القائد بتفتيش المنزل بحثاً عن أسلحة ويجد عائلة أبو محمد مختبئة في المنزل. 

أب وأم أنجبت للتو وابنتان قُتلوا جميعًا بدم بارد على يد الجنود بناءً على أوامر قائدهم السادي، بعد لحظات قليلة من تهديده بفتح معدة الأم للتحقق من وجود جنين حيث كانت بطنها ممتلئة. 

يُترك الطفل المولود نفسه ليموت بعد أن تلقى أحد الجنود أمرًا بإنهاء حياته ولكن “دون إضاعة رصاصة”. 

فرحة العاجزة تستمع إلى صرخات الطفل الذي ترك ملقى على الأرض تحت أشعة الشمس الحارقة. البكاء المفجع الذي استمر حوالي دقيقة. ثم الصمت. 

 يرى المخبر الفلسطيني فرحة من فتحة المخزن ويتعرف عليها وينادي باسمها لكنه لا يكشف للجنود الإسرائيليين عن مكان وجودها.

تكافح فرحة لفتح باب المخزن المغلق للوصول إلى الطفل لكن محاولاتها تفشل، حتى تجد مسدسًا مخفيًا تستخدمه لإطلاق النار على قفل الباب.

 بعد الخروج من المخزن، وجدت فرحة الطفل ميتًا، تغادر قريتها وهي تسير في حالة من الألم واليأس. 

 


البوستر الرسمي للفيلم

تظهر خاتمة تذكر أن فرحة لم تجد والدها أبدًا وأن مصيره بعد الشتات لا يزال مجهولاً، ويعتقد أنه قُتل في أحداث النكبة، تشق فرحة طريقها في النهاية إلى سوريا وتروي قصتها التي تناقلتها الأجيال.

تم تصوير الفيلم في الأردن، وهو يعد من أفلام الصورة، والملابس الجيدة جدا، وهو من تصوير راشيل عون، حيث تذكر مخرجة الفيلم في مقابلاتها التلفزيونية لاحقا، أن أفراد الطاقم كانوا يبكون خلف الشاشات، فأخيرا يشاهدون مأساتهم تتجسد، وهم الذين طالما سمعوا عنها من أجدادهم.

“فرحة”..محاولات المنع

حين عرض الفيلم هاجمته جماعات صهيونية واتهمته بالتلفيق، وحاولت منعه أو حتى الهجوم عليه عبر مواقع تقييم الأفلام العالمية كموقع IMDB، ولكن نجحت إسرائيل في إثبات ما سعت لنفيه عبر سنوات، وأطلقت الدعاية والتي منها عربية بالمناسبة القائلة بأن الفلسطينيين هم من باعوا أرضهم.

أصدرت الأردنيات مخرجة فيلم “فرحة”، دارين سلّام، ومنتجتاه ديمة عازر وآية جردانه، بيانًا رددن فيه على “الهجوم العنيف” من مسؤولين في الحكومة الاسرائيلية، ووسائل إعلامية.

جردانة وسلّام وطاهر وعازر (من اليسار إلى اليمين) (Getty Image)

وجاء في بيان سلّام وعازر وجردانه الذي نشر على الصفحة الرسمية لفيلم “فرحة” على “إنستجرام”، أنه “خلال الـ48 ساعة الماضية، تعرض فيلمنا فرحة لهجوم عنيف من قبل مسؤولي الحكومة الإسرائيلية ووسائل الإعلام الإسرائيلية وكذلك من قبل أفراد إسرائيليين على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات”.

دانت المخرجة والمنتجتان “كل الاتهامات لتشويه سمعة فرحة، والحملة المنظمة ضده على موقع IMDb لخفض تقييمه بشكل كبير، ومحاولات وقف عرض الفيلم في مسرح سرايا يافا، والتهديدات بإلغاء اشتراكات منصة نتفليكس في حالة بدء عرض الفيلم عليها”.

كان وزير المالية الإسرائيلي آنذاك، أفيجدور ليبرمان، قد شن هجوما على الفيلم، وقال في بيان نشره على تويتر، إنه “من الجنون أن تبث نتفليكس فيلما هدفه خلق ذريعة كاذبة والتحريض على كراهية الجنود الإسرائيليين”.

أضاف الوزير “لن نسمح بتشويه سمعة جنود الجيش الإسرائيلي”، مضيفا: “وجهت القيادة المهنية في وزارة المالية لاتخاذ إجراءات لسحب الميزانية عن مسرح السرايا في يافا الذي اختار عرض الفيلم “.

واعتبر وزير الثقافة الإسرائيلي، حيلي تروبر، أن “تقديم مسرح إسرائيلي منصة لهذه الأكاذيب والتشهير هو وصمة عار”، داعيًا إدارة المسرح “إلى العدول عن قرارها عرض الفيلم” غير أن المسرح عرض الفيلم مساء الأربعاء.

 

صورة من حساب انستجرام الخاص بفيلم فرحة

عرض فيلم “فرحة” لأول مرة في مهرجان تورونتو السينمائي وتم عرضه لاحقًا ليحظى بإشادة النقاد في روما وبوسان وجوتنبرج وليون، حصل الفيلم أيضًا على تمويل ما بعد الإنتاج من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، كما تم عرضه في الدورة الافتتاحية للمهرجان في جدة في ديسمبر 2021، ثم فلسطين رام الله، وحصل على جائزة أفضل فيلم روائي طويل للشباب في حفل توزيع جوائز شاشة آسيا والمحيط الهادئ لعام 2022، كما ترشح لفئة أفضل فيلم روائي عالمي في حفل توزيع جوائز الأوسكار الخامس والتسعين.

بطاقة تعريف للفيلم 

اسم الفيلم : فرحة

جهة الإنتاج : الأردن
تاريخ العرض: سبتمبر 2021
مدة الفيلم: 92 دقيقة
يمكنك مشاهدة الفيلم عبر شبكة نتفلكس 

https://www.netflix.com/jo/title/81612982

 

1 ربما قبل الحرب على غزة كان فيلم “فرحة” سيعد من الأفلام الأكثر تجسيدا لما حصل عشية النكبة الفلسطينية الأولى ولكن مع الأسف، فإن الاحتلال الإسرائيلي نجح بشكل لامثيل له في إعادة تجسيد جرائمه على الأرض مرة جديدة وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع
2 أب وأم أنجبت للتو وابنتان قُتلوا جميعًا بدم بارد على يد الجنود بناءً على أوامر قائدهم السادي، بعد لحظات قليلة من تهديده بفتح معدة الأم للتحقق من وجود جنين حيث كانت بطنها ممتلئة. 

يُترك الطفل المولود نفسه ليموت بعد أن تلقى أحد الجنود أمرًا بإنهاء حياته ولكن “دون إضاعة رصاصة”. 

3 دانت المخرجة والمنتجتان “كل الاتهامات لتشويه سمعة فرحة، والحملة المنظمة ضده على موقع IMDb لخفض تقييمه بشكل كبير، ومحاولات وقف عرض الفيلم في مسرح سرايا يافا، والتهديدات بإلغاء اشتراكات منصة نتفليكس في حالة بدء عرض الفيلم عليها”.
4 كان وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي آنذاك، أفيغدور ليبرمان، قد شن هجوما على الفيلم، وقال في بيان نشره على تويتر، إنه “من الجنون أن تبث نتفليكس فيلما هدفه خلق ذريعة كاذبة والتحريض على كراهية الجنود الإسرائيليين”.

 

Exit mobile version