28-6-2016
أصدرت اليوم المفوضية المصرية للحقوق والحريات ورقة سياسات بعنوان “سياسات القبول بمؤسسات التعليم العالي. الأزمة والحل“. وخلُصت الورقة إلى توصيات تقدمها المفوضية المصرية للحقوق والحريات لصانعي القرار، وكذلك للمواطنين ليكونوا على اطلاع بسبل حل أزمة الثانوية العامة التي تسبب صداعاً مزمناً في رأس الأسرة المصرية.
تضمنت التوصيات ضرورة تغيير سياسة القبول بمؤسسات التعليم العالي الحالية واستبدالها بسياسة تمكن الطلاب من أن يمارسوا اختيارهم لمكان دراستهم ومحتوى ما يدرسونه، ويمكن للمؤسسات التعليمية فيها أن تمارس استقلاليتها في قبول الطلاب بما يتوافق مع أهدافها وقدراتها. وأهمية أن تعتمد سياسة الالتحاق الجديدة على معيارين (أ) نتيجة امتحان الثانوية العامة. (ب) نتيجة اختبارات قدرات الطلاب التي تعدها مؤسسات التعليم العالي لأن ذلك سيعمل على الحاق الطلاب بمجالات الدراسة المؤهلين ليها بشكل أكثر فاعلية من الاعتماد على امتحان مدرسي موحد. ويجب أن تتدخل الحكومة على الأقل في الفترات الأولى من تطبيق الجزء الخاص باختبارات القبول والتي تجريها مؤسسات التعليم العالي لضمان تحجيم الفساد والتحيز الذين من المرجح أن يحدثا.
وقد أرسلت المفوضية المصرية للحقوق والحريات نسخة من الورقة إلى السادة وزير التربية والتعليم، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، وأمين المجلس الأعلى للجامعات، وكذلك إلى رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب. وذلك في إطار الدور المنوط بالمجتمع المدني في التعريف بالمشكلات التي تواجه المجتمع وتوعية المواطنين بها وطرحها للنقاش العام إلى جانب المساهمة في محاولة حل هذه المشكلات عن طريق تقديم سياسات بديلة أو أفكار عملية للجهات التنفيذية المسؤولة من أجل دراستها والعمل على تطبيقها بهدف السعي لإحداث تغييراً إيجابياً في حياة المواطنين.
تتناول الورقة إشكاليات سياسة القبول بمؤسسات التعليم العالي في مصر، حيث تبدأ باستعراض وضع منظومة التعليم العالي والتي تشتمل على 23 جامعة حكومية و20 جامعة خاصة، بالإضافة إلى جامعة الأزهر والجامعة الأمريكية بالقاهرة والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا (جامعة ذات طبيعة خاصة)، وكذلك عدداً من الأكاديميات والمعاهد العليا الخاصة. فيما يبلغ إجمالي تعداد الطلاب المقيدين بالتعليم العالي 2.337.193 طالب (2 مليون و 337 ألف و 193 طالب) طبقاً لأخر تقرير أصدره للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في أكتوبر 2015. وتعاني منظومة التعليم العالي في مصر من ضعف جودة العملية التعليمية التي تقدمها تلك المؤسسات. بالإضافة إلى ضعف الإنفاق العام على التعليم العالي في ظل هذه الأعداد الكبيرة من الطلاب، حيث يبلغ متوسط مقدار الإنفاق على الطالب الواحد سنوياً بـ 7.735.6 جنية مصري.
وقد ناقشت الورقة إشكاليات سياسة الاعتماد على امتحان مدرسي موحد (امتحان الثانوية العامة) لتقييم قدرات الطلاب على الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي. وهو النظام الذي قضى تماماً على إتاحة فرص التعليم العالي حسب رغبات وقدرات الطلاب، بل يتيحها فقط حسب المجموع الذي يحصل عليه الطالب. وهو الأمر غير العادل ذلك لأن نتائج الامتحانات قد تعكس الاختلافات في العوامل المؤثرة على عملية الدراسة مثل الظروف الاجتماعية للطلاب، وجودة المؤسسة التعليمية التي يدرسون بها. بالإضافة إلى الخلل الذي أصاب المنظومة برمتها في السنوات الأربع الأخيرة، حيث كان يتم تسريب امتحانات الثانوية العامة على مواقع التواصل الاجتماعي. الأمر الذي استفحل سوءاً بتسريب الامتحانات ونماذج الإجابات النموذجية دون أن تستطيع السلطات المصرية إيقاف هذه التسريبات أو تعويض الطلاب المضارين من آثارها.
من هنا ناقشت الورقة ثلاثة نماذج لبدائل السياسات الحالية: 1-الاستمرار في الاعتماد على امتحان مدرسي موحد كوسيلة للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي، مع تطوير أقسام الثانوية العامة وإدخال أقسام أكثر تخصصاً وتنوعاً بدلا من القسم العلمي بنوعيه (العلوم والرياضيات) والقسم الأدبي. 2-الاعتماد على اختبارات القدرات و الاستعداد العامة التي تجريها المؤسسات التعليمية. 3-الاعتماد على سياسة قبول تعتمد على أكثر من مؤشر (الاعتماد على امتحانات الثانوية العامة كمؤشر أولي يُستكمل باختبارات القدرات التي تجريها مؤسسات التعليم العالي). وتناولت الورقة هذه البدائل من خلال عرض مميزات وعيوب كل سياسة بديلة.
إن العمل على تغيير سياسة القبول بمؤسسات التعليم العالي الحالية بسياسة أُخرى، سيعمل على تحسين وضع الاقتصاد المصري. وذلك بتوفير الهدر في الإنفاق الذي تتسبب فيه سياسة القبول الحالية من خلال قبول طلاب بتخصصات دراسية هم غير راغبين بالدراسة أو العمل بها. بالإضافة إلى عمل سياسة القبول الجديدة على الحاق الطلاب بالتخصصات الدراسية المؤهلين لها. سيسهم في توفير خريجين مؤهلين لسوق العمل.
للإطلاع على ورقة السياسات