Site icon المفوضية المصرية للحقوق والحريات

على السلطات المصرية الإيفاء بالتزامها الدستوري بإعادة سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية

بيان صحفي

22-11-2016

تؤكد المفوضية المصرية للحقوق والحريات على تضامنها مع المواطنين المصريين من أهالي النوبة في مطالبهم العادلة بالعودة إلى أراضيهم على ضفاف النيل –الذي ترتبط به خصائصهم الثقافية وأنماط حياتهم اليومية -تعويضا عن قراهم الغارقة في قاع بحيرة ناصر منذ أكثر من نصف قرن. وتطالب السلطات المصرية بضرورة الوفاء بالتزاماتها الدستورية وفقاً لنص المادة 236 من دستور 2014 والتي نصت صراحة على “مسؤولية الدولة في وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية وتنميها”. كما أكدت المادة على مسؤولية الدولة في تنمية المناطق الحدودية – خاصة مناطق النوبة وسيناء والصعيد ومطروح -بالاشتراك مع سكانها، بجانب إعطاء أولوية لهم في الاستفادة من المشروعات التنموية التي تقام في تلك المناطق.

كما تؤكد على حقهم في التجمع السلمي، وإقامة التظاهرات والاعتصامات السلمية للمطالبة بحقوقهم. حيث قام نوبيون بتنظيم “قافلة العودة” التي انطلقت من نصر النوية بمحافظة أسوان واتجهت إلى منطقة توشكى في 19 نوفمبر 2016 بهدف التأكيد على حق العودة واحتجاجا على قرارات صدرت بشأن أراضيهم. والتي أوقفتها قوات الأمن على الطريق أسوان-أبو سنبل. وتشدد المفوضية المصرية للحقوق والحريات على ضرورة السماح بوصول المستلزمات الأساسية من أدوية وأطعمة وخلافة وعدم استخدام القوة مع المعتصمين السلميين؛ وتدين ما ورد من أنباء عن استخدام القوة الذي أسفر عن اصابات بين صفوف متظاهرين نوبيين بأسوان بأعيرة نارية أطلقتها قوات الأمن وتناشدها بضبط النفس وحماية حق المتظاهرين في التعبير عن مطالبهم سلميا.

لقد خاض النوبيون المصريون نضالاً ممتداً طوال العقود الماضية من أجل حق العودة لأراضيهم؛ وقد ترجم هذا النضال في إقرار الدستور الحالي بالتعددية الثقافية وحق العودة للنوبيين المصريين. ولكن جاءت قرارات السلطات المصرية لتفرغ المادة 263 من مضمونها. حيث أعتبر النوبيين أن القرار الجمهوري رقم 444 لسنة 2014 بشأن تحديد المناطق المتاخمة للحدود، والذي فرض قيود شديدة على حرية التنقل والإقامة ببعض المناطق بالجنوب، بمثابة تعدي على حقهم الدستوري بالعودة لأراضيهم. كذلك أثار القرار الجمهوري رقم 355 لسنة 2016 بشأن تخصيص 992 فدان لصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لإنشاء مجتمع عمراني جديد (امتداد مدينة توشكى الجديدة)، غضب النوبيين وذلك لعزم الدولة إقامة مشروعات وبيع أراضي يعتبرونها ضمن “مناطقهم الأصلية” التي أشار الدستور إلى حق العودة إليها.

إن المفوضية المصرية للحقوق والحريات تعيد التأكيد على حق المواطنين النوبيين الأصيل في العودة إلى أراضيهم؛ بجانب ضرورة مشاركة السكان المحليين في الإجراءات المتخذة من قبل السلطات المصرية في المشروعات التنموية المختلفة بالمناطق الحدودية؛ وخاصة بمناطق النوبة وسيناء ومطروح والصعيد. مع مراعات الأنماط الثقافية والبيئية بالمجتمع المحلي. وذلك عملاً بنص المادة 263 من الدستور المصري والإيفاءً بالتزامات مصر الدولية تجاه حقوق الأقليات والشعوب الاصلية.

وعن التزامات مصر بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، تضمن المادة 27 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 الحق في التمتع بالثقافة الخاصة لجماعات الأقليات الاثنية والشعوب الأصلية كلغتهم وطريقة معيشتهم، بما في ذلك أريطاهما بالأرض واستخدام مواردها، كما أوضحته لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية في تعليقها العام رقم 23 لسنة 1993. وكذلك المادة 11 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 والمعنية بالحق في مستوى معيشي كاف ومن ذلك الحق في السكن الملائم. ومن ضمن معايير ملائمة السكن معيار الملائمة الثقافية وذلك حسب تفسير لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها العام رقم 4 لسنة 1991.

والجدير بالذكر أن النوبيين قد تعرضوا لعددٍ من موجات التهجير منذ مطلع القرن الماضي مع بناء خزان أسوان عام 1902 والذي نتج عنه غرق قرى نوبية ظل عددها في ازدياد مستمر مع التعلية الأولى والثانية لخزان أسوان، وحتى عام 1964 مع بناء السد العالي وبحيرة ناصر والتي أدت إلى اغراق كامل للقري النوبية في مصر وجزء من القري النوبية في السودان. وتم نقل الأسر المُهجرة عام 1964 إلى هضبة نصر النوبة بمحافظة أسوان؛ والتي – بحسب نشطاء نوبيين – لم تكن ملائمة لنمط الحياة والثقافة النوبية؛ الأمر الذي ساهم في ازدياد معاناة العديد من الأسر النوبية التي تركت أراضيها ومساكنها وهاجرت إلى مدن أخرى.

Exit mobile version