كثيرا ما يشار إلى الحق في معرفة الحقيقة في سياق الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان والتجاوزات الجسيمة للقانون الإنساني. فضحايا الإعدام بلا محاكمة والاختفاء القسري، والأشخاص المفقودون، والأطفال المختطفون، وضحايا التعذيب، يطالبون أو يطالب ذووهم بمعرفة ماذا حدث لهم أو لأقاربهم. ويعني الحق في معرفة الحقيقة، ضمنا، معرفة الحقيقة كاملة ودون نقصان في ما يتعلق بالوقائع التي يكشف عنها، والظروف المحددة التي أحاطت بها، ومن شارك فيها، بما في ذلك معرفة الظروف التي وقعت فيها الانتهاكات، وكذلك أسبابها.
في أحد تقارير منظمة العفو الدولية، وٌصف الاختفاء القسري في مصر باللفظة الإنجليزية
“officially, you don’t exist” والتي تعني ترجمتها الحرفية “رسميا أنت غير موجود”، ولكن الحقيقة ربما يكون لفظ “كأن لم تكن” هو المعنى الأوقع في حكاياتنا عن واحد من أشهر ضحاياه، وهو البرلماني الواعد مصطفى النجار، الذي يتم عامه الخامس، ولازال يحمل اسمه وسم #مصطفى_النجار_فين.
في منتصف أكتوبر عام 2018، بدأ التساؤل حول اختفاء البرلماني السابق وطبيب الأسنان مصطفى النجار يطرح، وبحسب زوجته فأن آخر اتصال هاتفي بينها وبين مصطفى النجار كان يوم 28 سبتمبر 2018. أخبرها بتواجده في أسوان ثم انقطع التواصل معه بعدها.
“هقعد على قهوة ارتاح وأشوف هعمل إيه وأرجع أكلمك”
من مضمون مكالمة مصطفى الأخيرة لزوجته في 2018 التي لم تسمع منه حتى الساعة
كيف بدأ الأمر ولماذا؟ وكيف؟ وأين ذهب مصطفى؟ أسئلة يرد على بعضها السطور التالية:
برلماني شاب بل للحقيقة أصغر برلماني، يفوز في أول انتخابات لمجلس الشعب بعد الثورة، أواخر عام 2011، انتهى به المطاف مطاردا من قبل تنفيذ الاحكام، وكما يقول في مقاله الأخير الذي نشر بعد اختفائه بأسبوعين “جريمة وتهمة كاتب المقال أنه صدق أن الثورة قد نجحت وأصر على أن يكون صوتا معبرا عن عشرات الألاف الذين انتخبوه وعن شعب تاق للحرية وانتظر مني ومن أمثالي أن نتحدث بما يتحدثون به وننقل آراءهم و همومهم وأحلامهم تحت قبة البرلمان”.
صدق مصطفى الثورة، والعملية الانتقالية الديمقراطية، فأخذه حماسه، وإخلاصه للحديث عن حقوق الشهداء، فاتهم النيابة العامة بـ “الإهمال”، بعد أن قدمت قضية فارغة للمحكمة، والأدلة “عُبث بها”، في قضية قتل المتظاهرين.
وهو ما سطره القاضي أحمد رفعت في حيثيات حكمه حينها، إذ قال “إن النيابة قدمت القضية دون شهود وأدلة ومستندات، ولا قدمت أحرازا، وأن الشهود المقدمين أحدهما كان متهما بالشهادة الزور وآخر كان متهماً بإتلاف الأدلة، ولم تقدم النيابة فوارغ طلقات، ولم تقدم مستندات أو أدلة”.
مصطفى النجار – المصدر “أرشيف الصحف المصرية”
منطق حديث مصطفى كان حقيقة سطرها قاضي قضية قتل المتظاهرين، كما يحميها قبة البرلمان، أي محصن بشكل قانوني لا لغط في، حيث لا يمكن محاكمة النائب عن مواقفه تحت القبة جنائيا أو عسكريا.
ومع ذلك فوجئ مصطفى، وبعد أحداث 2013، وأفول شمس الثورة، بمحاكمته بأثر رجعي، حيث بدأت محاكمته بما عرف بقضية اهانة القضاء، بناءا على تصريح له سابق تحت قبة البرلمان، حينها بدت القضية كفخ للنشطاء وبعض الإعلاميين، وضمت العديد من الأسماء، فيما بدا عقاب جماعي للثوار.
القضية الفخ تسببت في الحكم عليه وآخرون بالسجن لثلاث سنوات، ومليون جنيه غرامة عام 2017 غيابيا، وضرب بعرض الحائط أي معنى لمفهوم الحصانة البرلمانية.
حينها شعر مصطفى بأن الأمر القضائي نزل عليه كالصاعقة، تحكي لنا زوجته عن تلك الفترة، فتقول رغم أن القضية كانت تنظر بالمحاكم لسنوات، لم يعرها مصطفى أي اهتمام، كان لا يصدق أن محاكمته عن تصريحات جرت تحت قبة البرلمان من الممكن أن تنتهي إلى شيء خطير، ولكنه فوجئ بالحقيقة المرة.
خرج ولم يعد..مصطفى النجار فين؟
عن تلك الفترة أيضا تروي شيماء زوجة مصطفى وأم أطفاله الثلاث عن تسعة أشهر قبل الاختفاء في أسوان فتقول ” تغير مصطفى تماما خلال تلك الفترة، في البداية تركنا، وانتقل إلى الإسكندرية للعيش مع والدته، أصبح ملازم للمنزل لفترات طويلة، مكتئب، صامت، وذلك بعكس طباعة المرحة، وحبه للحركة بشكل مستمر، ومزاولة الأنشطة المختلفة، يخرج من المنزل صباحا يعود من عيادته متأخرا”.
أثر الوضع الجديد على نفسية مصطفى، وعلى أسرته أيضا المستقرة في القاهرة، وأثقل الحمل زوجته خصوصا، عن تلك الفترة تقول: ” كنا نضطر للسفر إلى الإسكندرية كل يوم خميس، حيث أجازة الأبناء من المدارس، وعطلتي من عملي كمدرسة، فأعود من المدرسة مع الأولاد و أهرع إلى موقف الإسكندرية أقضي الساعات على الطريق ذهابا وإيابا، وأعود باقي الأسبوع أمارس مهامي كأم، وأب في آن واحد، وفي غياب مصطفى، وكنت أتابع عمل العيادة أيضا، حيث يعمل الأطباء فيها خلال غياب مصطفى”.
ظلت الأسرة، ومصطفى يعيشان على أمل نقض الحكم، واستئنافه، والانتهاء من ذلك الكابوس، ولكن الجو العام لم يكن مبشرا أبدا، فالجميع كان يشعر بأن خطة العقاب لكل ما يمت للثورة بصلة تسير على أكمل وجه، كما أن الخسائر السياسية للثورة كانت على أشدها في عام 2018.
فبدأت الشكوك تحيط بقضية مصطفى ومآلاها، كما أن بعض المقربين منه، أبلغوه أن هناك قضية أخرى تحضر له، فسافر مصطفي أخيرا من الإسكندرية إلى أسوان، وأبلغ زوجته بوصوله، ووعدها بمكالمة بمجرد أن يستريح قليلا على قهوة شعبية في أسوان.
ولكن مصطفى الذي لم تسمع زوجته صوته حتى اليوم، لم يعاود الاتصال، واختفى تماما، ظلت زوجته تنتظر عل هناك ما شغله عنها، ولكن كما يقول المثل المصري “لا حس ولاخبر”، فأعلنت الخبر على وسائل التواصل الاجتماعي.
مصطفى النجار في عيادته – صورة شخصية
تواصلت في أعقاب ذلك مع محامي المفوضية المصرية في أسوان، فبادر بالإبلاغ عن الواقعة، وتقدم إلى النيابة لاتخاذ الإجراءات اللازمة، فكان يواجه بالتعطيل أو الرفض في كل خطوة يخطوها، ولكنه نجح في النهاية في تقديم البلاغ، وإثبات الواقعة.
وسابقا قامت الأسرة يوم 12 أكتوبر 2018 بعمل تلغراف للنائب العام بخصوص اختفائه، فضلا عن بلاغ لنيابة أسوان يوم 31 أكتوبر حمل رقم 1010 لسنة 2018 عرائض كلي أسوان، بينما سارعت الهيئة العامة للاستعلامات لإصدار بيانًا في 18 أكتوبر 2018 تنكر فيه قيام الأجهزة الأمنية بالقبض على مصطفى النجار.
وفي أعقاب أسبوع واحد فقط تم حفظ القضية، وهو إجراء غير معتاد في تلك البلاغات، وغير قانوني أصلا”، وحول الخطوة يقول محامي المفوضية “لم يسبق لقضية تَغيُب أن تتخذ منحى الحفظ وبهذه السرعة، فعادة ما يستمر المحضر لسنوات، وتقوم التحريات بتجديد بياناتها عن الشخص المتغيب بسؤال أهله عنه كل عام، إلا حالة مصطفى الشديدة الغرابة”.
يزيد الأمر غرابة أن النيابة أبلغت محامي المفوضية أنها سوف تأمر المباحث بالبحث والتحري عنه وهو المتبع في هذه المحاضر وهو ما لم يحدث لكن تم حفظ المحضر، ما يثير التساؤل حول جديتها في البحث، وإلا لماذا أغلقت القضية في ظرف أسبوع.
استمرت الزوجة المتألمة في سؤال محامي المفوضية عن أي أخبار كل أيام أو أسبوع تقريبا، ولكن كما يقول مصطفى، بلا جدوى، فالوضع لم يتغير تماما.
أما شيماء نفسها التي لازالت بانتظار مصطفى، تقول لم أترك بابا إلا طرقته، حتى أعثر على إجابة لسؤال العمر، أين زوجي مصطفى؟
تعددت الروايات ومرارة الغياب واحدة
عبر سنوات ست ظلت الروايات المتضادة ترافق شيماء في رحلتها للبحث عن زوجها، أولها كانت من الإعلام التابع للسلطة حين أعلن أحمد موسى في برنامجه على قناة صدى البلد القبض على مصطفى النجار من قبل تنفيذ الاحكام، وبالتزامن مع ذلك قامت جريدة الدستور بنشر نفس الخبر، ثم عاد موسى لنفي الخبر في اليوم التالي، كما أن عدد الجريدة نفسه اختفى من على الانترنت”.
أما ثاني تلك الروايات فهو الأغرب وذلك حين اتصل بشيماء وبحسب روايتها شخصا ادعى أنه والد سائق كان يقل الدكتور في أسوان وتم القبض عليه ومعه 14 آخرين لنفس السبب، حينها أبلغ السائق والده أن الدكتور اتضرب بالرصاص، الغريبة أن السائق ومعه 14 آخرين على نفس الخط، تم القبض عليهم مرة أخرى، واخفاءهم، وحتى وقت قريب لا أحد كان يعلم عن السائق شيئا، حتى جاء لوالده اتصال يفيد بأنه نجله لازال على قيد الحياة، هو وسبعة سائقين آخرين، فيما وضع السبعة الآخرين في مكان آخر غير معروف، بحسب رواية الأب، لشيماء، التي تواصلت معه أكثر من مرة علها تصل على معلومات مفيدة تخص مصطفى، والتي تضيف “بقينا بس بنسأل اذا عايشين ولا لا”.
أحد الروايات التي وصلت إلى شيماء من أحد المحامين، والسياسيين تفيد بوفاته، وهي الرواية التي ترفضها تماما، فكما تقول “لن أصدق موته حتى أرى بعيني، لذا لن أكف من البحث عنه”.
منذ عام ونصف أيضا أبلغها أحد الأقارب أن قريبا لقريب شاهد الدكتور في عرض للنيابة، ولكنه لم يعرف أي تفاصيل تخصه، حيث كان العرض سريعا، ولم يكن هناك فرصة للكلام.
بنفس الأمل والتصميم سارعت أسرة مصطفى لرفع قضية على وزارة الداخلية لإجبارها على الإفصاح عن مكان مصطفى، وقضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بقبول الدعوى، وبحسب محامي المفوضية المصرية للحقوق والحريات، قضت دائرة الحقوق والحريات بمجلس الدولة 20 يناير 2020 بـ “وقف تنفيذ القرار السلبي وإلزام وزير الداخلية بالكشف عن مكان احتجاز الدكتور والبرلماني السابق مصطفى النجار”. جاء ذلك في الدعوى رقم 56032 لسنة 73 ق، والتي أقامتها شيماء علي عفيفي زوجة الدكتور مصطفى النجار.
وكان المجلس الحاكم للاتحاد البرلماني الدولي قد أصدر قرارًا في نوفمبر 2020 بشأن اختفاء مصطفى النجار، أعرب فيه عن قلقه تجاه عدم اتخاذ السلطات المصرية أي إجراءات تجاه كشف مصير البرلماني السابق، وطالبت وزارة الداخلية بضرورة فتح تحقيق في واقعة اختفاء الدكتور مصطفي النجار. كما أعلن المجلس نفسه خلال دورته المنعقدة خلال شهر مايو 2021 استمرار قلقه تجاه عدم رغبة السلطات المصرية في الإفصاح عن مكان مصطفى النجار، كما جدد المجلس مطالبته لوزارة الداخلية بضرورة أخذ أمر التحقيق في اختفائه على محمل الجد، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحديد مكانه.
الاختفاء القسري معنى ” كأن لم تكن”
بينما يكبر الأطفال ويضحوا مراهقين، لا يمر يوم دون سؤالها عن والدهم “بنتان وولد”، كانت أكبرهم في الابتدائي أصبحت ثانوية عامة وكذلك أختها الأصغر بعام، أما الطفل الأصغر الذي كان يبلغ أربع سنوات حين اختفى مصطفى أصبح ابن العشر سنوات.
تقول شيماء: ” كثيرا ما حاولت أن أشرح لهم الوضع، خصوصا ابني الأصغر سهيل، ولكنهم غير مستوعبين لماهية الاختفاء، كيف يختفي شخصا كان يعيش بيننا”.
تستطرد شيماء “عندهم حق انا شخصيا غير مستوعبة فما بالك بالأطفال”
أما عن سهيل فتتذكر شيماء أيامه القليلة التي قضاها مع والده والتي أثرت فيه كثيرا، فتحكي كيف أن الابن الصغير ذو الأربع سنوات لازال يستذكر والده، فخورا بأنه من علمه ركوب الدراجات، ويوما ما أجبرها على المشي بجانبه بالسيارة بينما هو يرتجل الدراجة، ليعيد مشهد عاشه مع والده يوما ما
تقول شيماء: “لم أرى سعادة في عيني سهيل مثل هذا اليوم، الذي ظل يردد هكذا كان يفعل معي بابا، إنه شديد الافتقاد له”
“الأولاد جميعا يفتقدون مصطفى لدرجة أنهم كرهوا السياسة، لا يتابعون شيئا، ولا يأبهون بها فهي عوامل تسببت في نظرهم في اختفاء والدهم، وغيابه عنهم”
تتنهد شيماء طويلا وتقول: “مفيش كلمات ممكن تعبر عن معنى الاختفاء القسري، ألم في القلب، مختلط بصعوبة الإدراك والتخيل، لحال حبيب، وقريب، أعجز عن الشرح، لكني أستطيع أن أؤكد أن الحياة بلا طعم خالية من أي معنى مليئة بالتساؤلات أين هو، كيف حاله، هل يأكل جيدا وهكذا، تساؤلات لا تتوقف حتى يغلبني النوم كل ليلة”.
منشور سابق لمصطفى وصورة نجله سهيل – المصدر “الفيسبوك”
هكذا حاولت شيماء أن تقترب من معنى ألا تكون موجود، أو “كأن لم تكن” في عين محبينك، حتى أنها صرحت بأن ما واجهته من إرهاق وضغط عنيف في فترة التسعة أشهر التي كان يسكن فيها مصطفى بعيدا عنها و بالإسكندرية “كان أرحم من عدم وجوده” الغير مفسر بالنسبة لها، معبرة عن ذلك بالقول: “ياريتها كانت دامت”.
عن مصطفى وأحوالها التي انقلبت بين ليلة وضحاها، تقول شيماء تزوجت مصطفى عام 2005؛ ومنذ اليوم الأول، ونحن شركاء، ولكن لكل دوره؛ فدوري خلافا لوظيفتي كمعلمة، متركز في المنزل، وتربية الأبناء، بعيدة تماما عن السياسة وبناءا على طلبه، حيث كان يحاول حماية الأسرة، ويحافظ على خصوصيتها.
تتذكر شيماء قائلة: “كان يدير كل شيء خارج المنزل، الأمور المالية، والمادية خصوصا، حتى سيارتي لا أعلم تفاصيل صيانتها، فهو المتكفل بها، عند اختفاؤه بدأت تتكشف لي حجم المسؤولية داخل وخارج المنزل، كان الأمر شديد الثقل والصعوبة، خصوصا في ظل ضبابية المعلومات المتاحة عنه، وانهياري من فكرة اختفائه” تردف قائلة: “لكن الأولاد يحتاجونني لا حيلة لي غير الصبر والمثابرة”، فحتى أهل مصطفى لا يسكنون قريبا لمساعدتي على تحمل تلك الأعباء.
الطريق كان طويلا، على شيماء ولايزال، كذلك على والدته التي لا تكف عن السؤال عنه، التي بحسب شيماء أيضا” تدهورت صحتها جدا بسبب غياب مصطفى”.
والدة مصطفى النجار – المصدر ” الفيسبوك”
“مصطفى الي كان بيدلعها ويفرحها” هكذا تصف شيماء علاقة مصطفى بوالدته، خصوصا في السنة الأخيرة التي قضاها معاها في المنزل، وتقول: “عموما مصطفى شخص مرح نشيط محبوب من جميع أطفال العائلة قبل كبارها، الجميع في المنزل يفتقده من أبناء إخوته”.
عن مصطفى والسياسة خلال سنوات زواجهما الطويلة، تروي شيماء كان مصطفى قبل الثورة ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، حتى انفصل عنها لاحقا، وفي كل الأحوال فحبه وولائه كان لمصر قبل كل شيء، فقد كان شديد الإخلاص لكل ما يفعله، يقضي فيه جل وقته، حتى لا أكاد أن أراه في بعض الأحيان.
تقول شيماء “هو وأصحابه كانوا عاوزين البلد أحسن مش أكتر”، أما عن رأيها في عمله السياسي فكانت شديدة التخوف من عواقبه خصوصا بعد الثورة، حيث كانت لا تراه لأيام، كما عبرت عن خوفها من ترشحه لمجلس الشعب بعد الثورة، ولكنه طلب منها الدعم، والقوة.
في أعقاب مذبحة رابعة واستيلاء النظام العسكري على الحكم، شعر مصطفى بالهزيمة، واعتزل الحياة السياسية تماما، واكتفى بممارسة الطب كما يحب، وكما تحب أن تكونا نجلتيه حاليا، لما في هذه المهنة من رسالة إنسانية كما علمهما، وبحسب شيماء، التي تختم بالقول : “تعبت من الكلام ومش عارفه إذا منه فايدة ولا لا بس الأكيد إني مش هفقد الامل في البحث عن مصطفى، الي بشوفه في عياله كل يوم من كتر ماهم شبهه”.
وأخيرا إذا لم تكن الدولة متورطة في اختفائه كما تدعي، فهي مسؤولة عن اختفاء آلاف غيره، سبق وأن ظهر معظمهم بالفعل، وما زال المئات مجهولي المصير، فسمعة الدولة المصرية في هذا الصدر معروفة دوليا، وبحسب العديد من المنظمات المحلية والدولية، والتي منها المفوضية المصرية وحملتها لوقف الإخفاء القسري، هذا من جهة، من جهة أخرى فإن الدولة التي طاردت مصطفى بالأحكام والغرامات الضخمة، يجب عليها البحث عنه وحمايته من أي خطر، فهو مواطن مصري له كل الحقوق، وعليه كل الواجبات.