رسالة حقوقية للقمة العربية: أطلقوا سراح حقوقنا
للمشاركة في تبني وتوقيع هذا الخطاب يُرجى زيارة الرابط
رسالة من مدافعين عن حقوق الإنسان في العالم العربي الى القمة العربية
بتاريخ 21 مارس/آذار 2017 ميلادي الموافق لـ 22 جمادة الثانية 1438 هجري
أصحاب المعالي والفخامة؛
زعماء وقادة الدول العربية المُشاركين في الدورة الثامنة والعشرين للقمة العربية المُنعقدة في الأردن؛
تحية احترام وتقدير؛
نحن مجموعة من المدافعين عن حقوق الانسان في منطقتنا العربية، يُقلقنا ويُفزعنا، الانحسار الهائل في احترام وحماية الحقوق الإنسانية في بلدان منطقتنا العربية. ونرى أن السياسات التي اتبعتها حكومات الدول العربية بشكل عام، وأساسي، قد أفضت في السنوات القليلة الماضية الى إهدار جملة واسعة من الحقوق التي وإن كانت مكفولةً بموجب القوانين والدساتير الوطنية في تلك البلدان وبموجب تعاقد هذه الدول في إطار عدد من المعاهدات الدولية التي تكفل هذه الحقوق؛ فإن تعرضها إلى سياق غير مسبوق من التعديات والانتهاكات، جعل من “كفالتها” و “احترامها” غير حقيقياً ومُضللاً الى أبعد الحدود.
وإذ تنظرون في قمتكم لمجمل الأوضاع في دول المنطقة العربية، وما يعتريها من تحديات على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ فإننا ندعوكم لقراءة هذه الأوضاع على ضوء عدد من المعايير والمُحددات التي من شأنها إعادة الاعتبار الى حقوق وكرامة وسلامة الانسان في عالمنا العربي؛ أو على الأقل تكريس حالة من الإقرار بما جلبته الممارسات والسياسات الحكومية في أرجاء منطقتنا العربية من ويلات وكوارث.
وأبرز المعايير التي نتوجه لكم بالدعوة لقراءة المشهد على ضوئها هي حماية الحق الإنساني في الحياة. ويُشكلُ التوجه واسع النطاق في دول منطقتنا الى استخدام عقوبة الإعدام، تفريطاً مُقلقاً بحماية هذا الحق. ويوازيه في ذلك الإهدار واسع النطاق للمبادئ التي تنص على وجوب تجنيب المدنيين ويلات الحروب والنزاعات المسلحة، وبالتحديد على حُرمة استهدافهم وقتلهم أو تعريض سلامتهم للأذى بأي شكل من الأشكال. وقد أخفقت كل الأطراف المشتركة في نزاعات مسلحة وحروب في عالمنا العربي في تكريس أدنى احترام لهذه المبادئ، وتوسعت هذه الأطراف، سواء من الحكومات أو المجموعات المسلحة، في استهداف المدنيين أو شن هجمات غير تمييزية نالت منهم، في جميع مناطق الاشتباك، من اليمن مروراً بالعراق وسوريا، وصولاً الى ليبيا.
ومن تلك المعايير كذلك اتاحة المشاركة السياسية والمجتمعية وضمان حرية التجمع وتأسيس الجمعيات وحرية التعبير. ولا يُمكن القول على الاطلاق أن تلك الحقوق مُصانةٌ في دول منطقتنا، بل لربما راحت ضحيةً لسلاسل متواصلة من الإجراءات التعسفية (المُخالفة للقانون)، وتجلت على نحو بارز في المزيد من التقييد لحرية مؤسسات المجتمع المدني، واغلاقها، وعدم السماح لها بالتاسيس أو العمل، وتزايد أعداد المعتقلين السياسيين بسبب التعبير عن آرائهم السلمية على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.
ومن المعايير التي ندعوكم، على أساسها، مراجعة الوضع القائم في بلداننا العربية، المعيار المتعلق بـ سيادة القانون على نحو يُلبي ضمانات احترام كرامة وحقوق الناس. ويرتبط ذلك بشكل جوهري مع غياب شبه منهجي للمُساءلة والمحاسبة. ونتوجه بالدعوة لكم الى محاسبة المسؤولين والمتورطين في انتهاكات حقوق البشر في بلداننا بما في ذلك حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وندعوكم كذلك الى اعتبار العدالة الاجتماعية والاقتصادية، معياراً لمراجعة الأوضاع القائمة في بلداننا. ويرتبط بذلك ما يتعلق بضمان أن الإجراءات الاقتصادية يجب أن تُلبي حاجات الناس بشكل متساو، وعلى أن تقوم على مبدأ عدم الحاق الضرر بأي من فئات المجتمع، من منطلق أن الدولة يقع على عاتقها تأمين الحاجات الإنسانية الأساسية وكفالة تمتع الناس بها من دون فوارق بسبب الدخل أو الوظيفة أو المنشأ أو مكان السكن أو درجة التعليم؛ وعلى قاعدة اعتبار أن الفقر وما يلحقه من تبعات هو “نتيجةٌ وليس سبباً، تتحمل الدولة ومن هم في مقامها المسؤولية الأساسية عنه.
كما وندعوكم إلى العمل بمعيار العلاقة المتكافئة بين السلطة والناس، وهي علاقةٌ تقوم في المقام الأول على تكريس السلطة ومن هم فيها لخدمة مجمل الأغراض الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي نشأ المجتمع من أجلها، وبما ينطوي على منافع تقدمها الدولة لمن ينضوي في كنفها، في ظل عقد اجتماعي يقوم على قانون فاعل ومكتوب، وبما يُتيح لجموع الناس مُساءلة حكامها واخضاعهم للرقابة، بما يُحقق التكافؤ المطلوب.
وأخيراً فإننا ندعوكم للاسترشاد بمعيار أن الأمن حاجةٌ مجتمعيةٌ وليس ضرورةً مُطلقةً تُبيحُ اهدار الحقوق الأساسية التي تكفلها جميع الشرائع والقوانين الإنسانية المتحضرة. وندعوكم الى تبني توافق يقوم على أساس تفسير الحاجة الى الأمن، والإجراءات التي تترتب على ذلك، في أضيق الاعتبارات، وبما يمنع من استخدام الإجراءات الاستثنائية لحماية أمن بلداننا، كمبرر لتقييد حرية الأفراد أو التغول على حقوقهم بشكل تعسفي لا مُبرر له على الاطلاق.
وفي الوقت الذي نأمل لقمتكم النجاح في تحقيق التوافق المطلوب حول القضايا الواردة فيما سبق، فإننا نتوجه بالدعوة لكم للأخذ بعين الاعتبار التوصيات التالية:
- في مجال حماية المدنيين في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة: صدور قرار من قمتكم الكريمة يُلزم الأطراف المتورطة في انتهاكات جرائم حرب وما يُعادلها بتقديم المتورطين عن هذه الجرائم للمُساءلة والتحقيق تمهيداً لمحاكتهم ضمن الأُطر الدولية عن ما ارتكبوه.
- دعوة الدول الأعضاء في الجامعة العربية بشكل عاجل الى التوقيع والمصادقة على نظام روما الأساسي للمحكمة الدولية لجرائم الحرب.
- دعم الجهود الفلسطينية الرامية الى تحقيق العدالة والانصاف في وجه الممارسات العنصرية والجرائم الإسرائيلية المُرتكبة، والتي ارتكبت، بحق الشعب الفلسطيني، من خلال رفع قضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد المتورطين في ارتكاب هذه الجرائم.
- دعوة الدول الأعضاء في الجامعة العربية الى اطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي من دون إبطاء بما يحمل من تأكيد على رغبة القادة العرب في كفالة وضمان الحق في الرأي والتعبير.
- في مجال حماية الحق الإنساني في الحياة: التعليق الفوري للعمل بعقوبة الإعدام.
- دعوة الدول الأعضاء في الجامعة العربية إلى انشاء آليات وطنية تقوم حصراً بالنظر والتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في بلدانها، بما في ذلك التعذيب والاخفاء القسري وغيرهما، وتقديم المتورطين (أياً كانوا) لمحاكمات علنية وعادلة.
- إبطال مفعول كافة الإجراءات الاستثنائية المعمول بها لغايات حفظ الأمن، وانصاف من لحق بهم الضرر والأذى من جراء تلك الإجراءات.
الموقعون :
- فادي القاضي/الأردن
- أحمد منصور/الامارات
- جواد فيروز/البحرين
- يحيى العسيري/السعودية
- د. الهام المانع/اليمن
- محمد لطفي/مصر
- أمين سيدهم/الجزائر
- عبد المنعم الحر/ليبيا
- سيد عثمان الشيخ طالب أخيار/موريتانيا
- غاندي أمين/فلسطين
- خالد إبراهيم/العراق
- أنور الرشيد/الكويت
- نبهان الحنشي/عُمان
- محمد الحبيب مرسيط/تونس