المفوضية المصرية للحقوق و الحريات
جماعة 25 يناير؛ حركةُ ليس لها وجود و تربص وتلفيق للنشطاء السلميين
15 مارس 2016
تطالب المفوضية المصرية للحقوق والحريات بالإفراج الفوري عن ثمانية نشطاء سياسيين بتهمة الانضمام إلى جماعة تصفها نيابة أمن الدولة العليا بالمحظورة والمؤسسة على خلاف القانون وهي “حركة شباب 25 يناير” (قضية رقم 796 حصر أمن الدولة العليا)، والمعروفة إعلامياً بقضية حركة 25 يناير. ويعرض المتهمين أحمد المصري و محب دوس أمام نيابة أمن الدولة غدا 16 مارس 2016.
كان المتهمون بالقضية، وعددهم عشرة، قد قبض عليهم من أماكن متفرقة قبيل حلول الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، في الفترة ما بين 29 ديسمبر 2015 و6 يناير 2016. وذلك بالتزامن مع الإجراءات الأمنية غير المسبوقة تحسباً لاندلاع احتجاجات معارضة للأوضاع في البلاد. مما دفع للاعتقاد بأن تلفيق تلك القضية لم يكن سوى وسيلة لترهيب وتخويف نشطاء الثورة والمتظاهرين المحتملين في يناير 2016.
مضت ذكرى ثورة 25 يناير وأثبتت مجريات الأحداث أن الأمر أكثر خطورة من ذلك. فقد ظل ثمانية متهمين قيد الحبس الاحتياطي بناءً على قرار النيابة. ورغم اخلاء سبيل اثنين من المتهمين (شريف محمود وأحمد السقا) إلا أن السلطات تباطأت في اطلاق سراحهم لبضعة أيام حتى خرج شريف محمود في 9 مارس و محمود السقا في 10 مارس.
تفاصيل القضية تضع الكثير من علامات الاستفهام، بل وعلامات التعجب، حول الطريقة التي تعمل بها الأجهزة الأمنية. فبدلاً من انفاذ القانون وحماية المجتمع وتأمين افراده، تتربص بشكلٍ غير قانوني ضد شباباً لا ترى فيهم سوى أعداءً يجب سحقهم واذلالهم والتنكيل بهم.
المتهمون العشرة هم: شريف محمود، أحمد المصري، محب دوس، مصطفى الفقير، خالد الأنصاري، محمد فياض، سيد فتح الله، محمود السقا، أحمد حسن، وأحمد كمال، قد قٌبض عليهم دون أي أسباب مفهومة.
فأحمد المصري، الذي يبلغ من العمر 35 عاماً ويعمل مديراً للمواد البشرية بإحدى الشركات، كمثال كان قد توقف تماماً، بحسب شهادة خطيبته، عن ممارسة أي نشاط سياسي في العامين الماضيين منذ أن كان ناشطاً بحملة تمرد. إلا أن الأجهزة الأمنية قد ألقت القبض عليه من مسجد الشرطة ظهر يوم 6 يناير 2016 اثناء قيامه بحجز قاعة أفراح استعداداً لزفافه والذي كان مقرراً حينها أن يكون بعد شهر. كان برفقة أحمد المصري صديق في تلك الاثناء و كان قد أٌمر من قبل رجال أمن بزي مدني بمغادرة المكان. وعندما سأل عن مصير أحمد المصري، أخبره رجال الأمن أنه سيظل معهم لفترة. قُبض على أحمد المصري ولم يعرف ذووه مكانه سوى في اليوم التالي حينما علموا أنه بقسم الجمالية وأنه تم التحقيق معه منفردا بدون محام.
تطورات القضية ومسارات العدالة المعطلة تجاوزت تجديد حبس أحمد المصري 15 يوماً بشكلٍ متواصل رغم وعود النيابة، المرة تلو الأخرى، بإخلاء سبيله هو وزملائه في تلك القضية التي لا أساس لها، بشكل يشير إلى أن احتجاز المصري ورفاقه ليس إلا قراراً أمنياً. فقبيل الجلسة قبل الأخيرة للقضية، في 17 فبراير 2016، تم تقسيم المتهمين العشرة، بدون أسباب مفهومة، على عدة جلسات متفرقة في الأسبوع الأول من شهر مارس. ففي 2 مارس الجاري، قررت النيابة تجديد حبس كلٍ من أحمد المصري ومحب دوس 15 يوماً على ذمة التحقيق. فيما قررت النيابة، في اليوم التالي 3 مارس، اخلاء سبيل شريف محمود وتجديد حبس كل من أحمد حسن وسيد فتح الله (الشهير بإياد المصري) ومحمد فياض 15 يوماً لحين ورود التقارير الفنية الخاصة بأحرازهم.
أما الصحفي محمود السقا، والذي كان قد ألقي القبض عليه منذ فجر 31 ديسمبر 2015 أثناء مغادرته مقر عمله بالمهندسين، وتعرض للإخفاء لمدة 72 ساعة تعرض فيها للضرب والتعذيب في قسم الدقي وفي مقر الأمن الوطني في مدينة 6 أكتوبر. ثم أمرت النيابة بإخلاء سبيله في جلسة 5 مارس، إلا انه قد تم التعنت في الافراج عنه أيضا. حيث أنه حضر جلسة تجديد أخرى يوم 9 مارس رغم صدور قرار اخلاء السبيل، وقد قررت النيابة انتظار جواب صحة الافراج ليتم ارساله إلى السجن. وقد تم انهاء اجراءات خروجه وأخلى سبيله فعلياً مساء 10 مارس من قسم الدقي.
في 7 مارس، تم تجديد حبس كل من مصطفى الفقير واحمد كمال 15 يوما. كما تم تجديد حبس خالد الأنصاري أيضا في جلسة الأربعاء 9 مارس.
إن سلوك الأجهزة الأمنية تجاه المتهمين والذي يشي بالتربص والرغبة في التنكيل لم يكن ممكناً بغير تعطيل العدالة واستخدام الإجراءات القانونية بشكل تعسفي كأدوات لمصادرة حرية الأفراد، و هو ما يُفضي إلى المزيد من اليأس والاحتقان والغضب في نفوس الشباب.
وتلك هي الأزمة التي تناشد المفوضية المصرية للحقوق والحريات الجميع من أجل العمل على نزع فتيل اشتعالها عن طريق انفاذ الدستور والقانون والتصدي لكل الممارسات اللا إنسانية وغير القانونية لأي فرد أو جهاز أمن وبالأخص تلفيق القضايا والاتهامات للأبرياء. كما تطالب المفوضية بسرعة الافراج، دون تباطؤ أو تأجيل، عن كل المعتقلين والمحتجزين في قضية تتعلق بحرية الرأي والتعبير أو حرية التنظيم و لإشتراك في الحياة العامة أو الدفاع عن حقوق الانسان في مصر.