وترى المنظمات أن مثل تلك الخطوات، تنتهك بشكل أساسي الحق في حرية التعبير المكفولة بموجب الدستور، وتتعارض مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي كان قد أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال العام الماضي، والتي تضمنت عددًا من النقاط من أبرزها، مواصلة جهود الدولة لحماية الإعلاميين والصحفيين أثناء تأديتهم لعملهم، في إطار الدستور والقوانين المنظمة لذلك.
وكان الإعلامي إبراهيم عيسى قد أدلى بتصريحات، خلال برنامجه حديث القاهرة والذي يذاع على قناة “القاهرة والناس”، ينتقد فيها رجال الدين والمشايخ، مؤكدًا على عدم حاجة الناس لهم في هذا الزمان، واستطرد عيسى عن كونهم يروجون قصص وهمية وبها نقصان، ودلل على ذلك برواية الإسراء والمعراج حيث أكد عيسى على عدم وجود ما يؤكد حدوث المعراج في كتب التاريخ والسيرة، في حين ينتقي رجال الدين الكتب التي تؤكد على حدوث المعراج، على حد وصفه.
وهو الأمر الذي تسبب في حالة من الجدل الواسع، حيث قوبلت تصريحات عيسى بهجوم شديد من قبل بعض وسائل الإعلام، بالإضافة إلى تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي والتي حملت مطالبات واسعة بمنع ظهور ابراهيم عيسى، كما اشتبكت مؤسسة الأزهر الشريف مع تلك الحالة الجدلية بإصدار بيان من خلال المركز العالمي للفتوى الإلكترونية عبرت به عن صحة رواية الإسراء والمعراج وأنها ثابتة في القرآن والسنة النبوية، مؤكدة على أنها “مسلمات لا نقبل الخوض بها”.
وهذه الردود تأتي في إطار عرض الرأي والرأي الآخر، وهو حق مكفول للجميع، ولكن تدخلت النيابة العامة بقرار فتح التحقيق في بلاغات قدمها البعض إليها، تتهم ابراهيم عيسى بازدراء الدين الإسلامي.
وتؤكد المنظمات أن ما قام به عيسى هو ممارسة طبيعية لحقوقه المشروعة في التعبير عن رأيه، والتي كفلها كل من الدستور والقانون، حيث نصت المادة (65) من الدستور على “حرية الفكر والرأي مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر.” بالاضافة إلى حق عيسى في ممارسة عمله كإعلامي بحرية دون تضييق فيما يعرضه حيث نصت المادة 71 من الدستور على “يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون.”
ولذلك ذهبت المحكمة الدستورية العليا في حكم جلي لها في القضية رقم 37 لسنة 11 قضائية إلى ” أن الدستور حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما ارتآه كفيلاً بصون الحقوق والحريات العامة على اختلافها كى لا تقتحم إحداها المنطقة التى يحميها الحق أو الحرية أو تتداخل معها بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة ، ولقد كان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنمائها من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة، مطلباً أساسياً توكيداً لقيمتها الاجتماعية، وتقديراً لدورها فى مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها، لردع كل محاولة للعدوان عليها. وفي هذا الإطار تزايد الاهتمام بالشؤون العامة فى مجالاتها المختلفة”.
وتطالب المنظمات النيابة العامة بحفظ كافة البلاغات المقدمة ضد الإعلامي إبراهيم عيسى لعدم وجود جريمة من الأساس، كون ما قام به وما أدلى به من تصريحات هي آراء قام بالتعبير عنها واجب حمايتها لا حجبها أو عقاب مبديها.
المنظمات الموقعة:
مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
المفوضية المصرية للحقوق والحريات.
الجبهة المصرية لحقوق الإنسان.