بيان صحفي | الثانوية التراكمية.. مازال التسريب مستمر
27 يناير 2019
تعرب المفوضية المصرية للحقوق والحريات عن بالغ قلقها إزاء تسريبات الامتحانات التجريبية للصف الأول الثانوي. ففي أول تطبيق لتجربة سياسة القبول بمؤسسات التعليم العالي الجديدة المعروفة بـ “الثانوية التراكمية”، والتي انطلقت العام الدراسي الحالي 2018/2019 بدأ ما يقرب من 700 ألف طالب وطالبة بالصف الأول الثانوي أول امتحان تجريبي لهم في 13 يناير الجاري. استهدفت الوزارة عمل الامتحانين الأول والثاني بشكل تجريبي من أصل 4 امتحانات سيؤديهم الطلاب خلال العام الدراسي الحالي لتدريب الطلاب على نظام الامتحانات الجديد وتدريب ونقل الطلاب من ثقافة الحفظ والتلقين إلى الفهم والمهارات. وقد تم الامتحان الأول باستخدام نظام “الأوبن بوك” أو الكتاب المفتوح، حيث سمحت الوزارة للطلاب بدخول الامتحان بكتاب الوزارة فقط.
وقد شهدت الامتحانات التجريبية والتي لا تدخل ضمن مجموع الطالب أو النجاح والرسوب تسريبات كالتي شهدتها امتحانات الثانوية العامة في العام الدراسي 2015/2016. وعلى الرغم من نجاح الوزارة في العامين الدراسيين السابقين في تأمين امتحانات الثانوية العامة ومنع حالات التسريب من خلال الاعتماد على القوات المسلحة ووزارة الداخلية وشركات التأمين بتكلفة تقترب من مليار ونصف حسب تصريح وزير التربية والتعليم والتعليم الفني د. طارق شوقي عقب التسريبات الأخيرة. إلا أنه تم تسريب عدد من الامتحانات للصف الأول الثانوي على مدار الأسبوع الماضي. كما أضاف الوزير أن الوزارة في استطاعتها إيقاف التسريبات، لكن لن يتم اتخاذ أي أجراء وتبديد مليار ونصف مرة أخرى وأنه مع توزيع أجهزة الكمبيوتر اللوحية “التابلت” والامتحانات النهائية لن نشاهد تسريبات أخرى.
يكمن قلق المفوضية المصرية للحقوق والحريات حول إجراءات تطبيق النظام التعليمي الجديد لسياسة القبول بمؤسسات التعليم العالي، حيث يجب أن تضمن السياسة الجديدة المبادئ التي اعتمدتها اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها العام رقم 13 بشأن الحق في التعليم. والتي تتمثل في أولاً الجدارة: فيجب أن تعتمد إتاحة التعليم العالي على ما يثبته الطالب من جدارة وأحقية بفرصة للتعليم العالي. وذلك بحسب ما يشير إليه أدائه في الاختبارات المؤهلة للقبول بمؤسسات التعليم العالي. وذلك بدلاً من الاعتماد على القدرة على دفع الأموال. ثانيا العدالة: ينبغي أن تكون القرارات الخاصة بالإتاحة محايدة وخالية من أي تحيز أو ظلم. ثالثا المساواة (الأفقية): يجب أن تكون فرص القبول بمؤسسات التعليم العالي متاحة لجميع الطلاب، كما يجب ألا يُمارس التمييز بشكل منهجي ضد طلاب معينين على أساس ظروفهم الاجتماعية أو موقعهم الجغرافي أو كافة المعايير الأخرى التي أشارت إليها اتفاقية اليونسكو لمكافحة التمييز في مجال التعليم.
فوجود تسريبات لأولى الامتحانات التجريبية مؤشر هام على عدم جاهزية الوزارة أو استعدادها الكافي لتطبيق سياسة الثانوية التراكمية الجديدة دون الإخلال بالمبادئ الثلاث السابقة. كما أن هذه التسريبات برهنت على عدم قضاء الوزارة على تسريب الامتحانات كما صرحت مسبقًا، فعلى مدار ثلاثة أعوم ورغم الإنفاق المالي الكبير لم تتوصل الوزارة للسبب الرئيسي للمشكلة ومنع عملية التسريب. وقد اتخذت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني عدة إجراءات صارمة للتصدي للغش، تتمثل في فتح تحقيقات بشكل فوري وعاجلة للكشف عن المتطورين في عملية تسريب الامتحانات على مدارس الأسبوع، وتقديمه للتحقيقات واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم. لكن لا يتوقع أولياء الأمور والطلاب وقف هذه التسريبات فقد تم تنفيذها مسبقًا وما زالت التسريبات مستمرة.
وتؤكد المفوضية المصرية للحقوق والحريات على الحكومة المصرية ضرورة التزامها الكامل بتشريع الدستور المصري والقانون الدولي حول الحق في التعليم، والإعمال الكلي للمادة (19) من الدستور المصري والتي تنص على أن التعليم حق لكل مواطن، هدفه تأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية. كما تنص المادة على تكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون وتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها. والمادة (13) من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بأن يكون النظام التعليمي يضمن مجانية التعليم، وأن توجد بنية تحتية كافية ومعلمين مؤهلين قادرين على دعم تقديم الخدمات التعليمة. وأن يكون النظام التعليمي غير متحيز ومتاح للجميع، وأن تتخذ خطوات إيجابية لتضمين أكثر الفئات تهميشا. وأن يكون محتوى التعليم وثيق الصلة بالموضوع وغير متحيز ومناسب ثقافيا، وذو جودة عالية، وأن تكون المدارس آمنة والمعلمين مهنيين. وأن يتطور التعليم مع احتياجات المجتمع المتغيرة وأن يتصدى لعدم المساواة، مثل التمييز بين الجنسين؛ وأن يتكيف التعليم ليناسب احتياجات وسياقات محددة محليا.
لذلك تتوجه المفوضية المصرية للحقوق والحريات لوزارة التربية والتعليم بعدد من التوصيات لضمان سلامة إجراءات امتحانات سياسة القبول بمؤسسات التعليم العالي الجديدة “الثانوية التجريبية”. أولا: على وزارة التربية والتعليم الإفصاح عن نتيجة التحقيقات التي تجريها بعد الانتهاء منها للتأكد ومشاركة الجمهور جاهزية الوزارة لمنع التسريبات. ثانيًا: على الوزارة بذل أقصى جهد لديها لمنع التسريبات في الامتحان التجريبي الثاني والذي من المقرر عقده في شهر مارس القادم. وثالثا: بما يخص تطبيق منظومة التعليم الجديدة والتي يبدوا أن الوزارة ليست بالاستعداد الكافي لتنفيذها يجب على الوزارة مشاركة المعلومات والإجراءات والخطة الزمنية التي تلتزم بها الوزارة مع الجهات المختصة من نقابات ومؤسسات مجتمع مدني ومنظمات دولية وعرض النظام بشكل وافي على أولياء الأمور حتى يكتب لهذه التجربة النجاح.