23 أكتوبر 2018
تُعرب المفوضية المصرية للحقوق والحريات عن قلها إزاء الإجراءات التي تتخذها وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في تطبيق منظومة التعليم الجديدة بمراحل التعليم قبل الجامعي خلال الشهر الأول من العام الدراسي 2018/2019. فبداية من اليوم الأول في 22 سبتمبر 2018 توفي الطالب بالصف الثالث الابتدائي “إبراهيم حسن عبد ربه” دهسًا تحت أقدام زملائه بمدرسة الزهراء الابتدائية ببلقاس بمحافظة الدقهلية، وأصيب عدد من التلاميذ جراء التدافع لحجز المقاعد بالفصول الدراسية. كانت هذه الحوادث نتيجة لارتفاع الكثافة الطلابية بالفصول المدرسية حيث تصل الكثافة الطلابية إلى 120 طالب بالفصل الواحد، وتتعدد الفترات الدراسية بالمدرسة الواحدة، وهي الظاهرة التي مازالت مستمرة منذ ما يقرب من خمسة عشر عامًا ولم تنجح وزارة التربية والتعليم في إيجاد حلول فعالة لها. فمع انتهاء الشهر الأول من الدراسة بمراحل التعليم ما قبل الجامعي لم تتخذ وزارة التربية والتعليم خطوات جدية بتطبيق منظومة التعليم الجديدة التي لم تنشر المخطط التنفيذي لتطبيقها أو الجدول الزمني لها. مع وجود تضارب وتأجيل للمواعيد التي أعلنتها الوزارة لتطوير المناهج وتوزيع أجهزة التابلت على الطلاب وتدريب المعلمين على التعامل مع منظومة التعليم الجديدة.
تستهدف منظومة التعليم الجديدة رقمنة العملية التعليمية للارتقاء بجودتها، لكن واقع منظومة التعليم في مصر يُظهر أن تطبيق عملية الرقمنة على منظومة تعاني بنيتها التحتية من التهالك هو أمر مشكوك في فاعليته ويصعب تحقيقه على أرض الواقع. فالمشكلات الرئيسية التي يعاني منها نظام التعليم المصري المتعلقة بارتفاع الكثافة في الفصول الدراسية، وتهالك البنية التحتية لبعض المدارس وعدم وجود مدارس ببعض قرى مصر، بجانب ضعف التمويل الحكومي للتعليم، وضعف مستوى المعلمين ومشاكلهم المادية والإدارية، ومشاكل الجهاز الإداري والوزارة، تمنع أي خطوة حقيقية في الارتقاء بجودة المنظومة التعليمية. كما أن القرار الوزاري رقم 10 والذي أصدره وزير التربية والتعليم بتاريخ 10 أكتوبر 2018، والذي نص على عدم السماح لأي وسيلة من وسائل الإعلام سواء المرئية أو المسموعة، بدخول المدارس التابعة للمديريات التعليمية على مستوى الجمهورية وإجراء أي أحاديث أو لقاءات خلالها إلا بعد العرض على مكتب الوزير، يثير الشكوك حول مدى مصداقية وزارة التربية والتعليم حيث أن الارتقاء بجودة التعليم في مصر تتطلب مشاركة فعالة من المجتمع وأولياء الأمور والطلاب ذاتهم وكذلك ممارسة الإعلام لدوره في رصد العملية التعليمية ونقل المعلومات ومناقشة التحديات وطرح الحلول.
كما أن توجه الوزارة للعمل على تحفيز القطاع الخاص في الاستثمار في التعليم لسد العجز في البنية التحتية لمنظومة التعليم يجب أن يتم تحت رقابة وإشراف كامل من وزارة التربية والتعليم وإشراك المجتمع المدني في عملية الرقابة بما يضمن تحقيق المصلحة العامة وليس الخاصة – وتوفير التعليم للتلاميذ الغير قادرين على تحمل مصاريف المدارس الحكومية -وحتى لا تتجه هذه التجربة في مسعى يهدد فرص الارتقاء بمنظومة التعليم في مصر ومخالفتها للاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها الحكومة المصرية، حيث يثير هذا التوجه مخاوف جدية بشأن الآثار السلبية على التمتع بالحق في التعليم، ولا سيما فيما يتعلق بتوافر وسهولة الحصول على التعليم المجاني، والمساواة في الفرص التعليمية وجودة التعليم. وعلى وزارة التربية والتعليم الالتزام بدورها في العمل على توفير تعليم عالي الجودة ومجاني كما نص عليه الدستور المصري.
وتوصي المفوضية المصرية للحقوق والحريات صانعي القرار بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني الالتزام بمشاركة المعلومات مع الجهات المختصة من نقابات ومؤسسات مجتمع مدني ومنظمات دولية وعرض النظام بشكل وافي على أولياء الأمور حتى يكتب لهذه التجربة النجاح. وتؤكد المفوضية المصرية للحقوق والحريات على الحكومة المصرية ضرورة التزامها الكامل بتشريع الدستور المصري والقانون الدولي حول الحق في التعليم، والإعمال الكلي للمادة (19) من الدستور المصري والتي تنص على أن التعليم حق لكل مواطن، هدفه تأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية. كما تنص المادة على تكفل الدولة مجانتيه بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون وتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها. والمادة (13) من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بأن يكون النظام التعليمي يضمن مجانية التعليم، وأن توجد بنية تحتية كافية ومعلمين مؤهلين قادرين على دعم تقديم الخدمات التعليمة. وأن يكون النظام التعليمي غير متحيز ومتاح للجميع، وأن تتخذ خطوات إيجابية لتضمين أكثر الفئات تهميشا. وأن يكون محتوى التعليم وثيق الصلة بالموضوع وغير متحيز ومناسب ثقافيا، وذو جودة عالية، وأن تكون المدارس آمنة والمعلمين مهنيين. وأن يتطور التعليم مع احتياجات المجتمع المتغيرة وأن يتصدى لعدم المساواة، مثل التمييز بين الجنسين؛ وأن يتكيف التعليم ليناسب احتياجات وسياقات محددة محليا.