حذرت اليوم المفوضية المصرية للحقوق والحريات نساء مصر من أن الحديث علانية عن وقائع التحرش التي تتعرضن لها قد يؤدي إلى اتهامهن بنشر أخبار كاذبة وحبسهن. فقد أصدرت محكمة جنح المعادي في 29 سبتمبر 2018 حكما بحبس ضحية التحرش الجنسي أمل فتحي سنتين وغرامة 10 آلاف جنيه وكفالة 20 ألف جنيه لوقف التنفيذ مؤقتا لحين نظر القضية أمام محكمة جنح مستأنف المعادي في القضية رقم 7991 لسنة 2018 جنح المعادي.
أدانت المحكمة أمل فتحي في جميع التهم الموجهة إليها وحكمت بحبسها سنة عن تهمة اذاعة “أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام” (مادة 102 مكرر قانون العقوبات) وسنة حبس عن تهمة حيازة فيديو خادش للحياء (مادة 178 قانون العقوبات) وغرامة 10 آلاف جنيه عن تهمة السب الذي يتضمن خدشا للشرف (مادة 306 قانون العقوبات). وتم دفع الكفالة والغرامة وتحددت جلسة 25 نوفمبر لنظر الاستئناف أمام محكمة جنح مستأنف المعادي الا أنها مازالت محبوسة احتياطيا على ذمة قضية أخرى ملفقة.
كانت أمل فتحي، زوجة محمد لطفي المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، قد ألقي القبض عليها فجر يوم الجمعة 11 مايو 2018 من منزلها وذلك على خلفية قيامها بتسجيل مقطع فيديو على فيسبوك قبلها ببضعة أيام تحكي فيه عن تعرضها للتحرش الجنسي في ذات اليوم وعن انتشار التحرش في مصر بصورة كبيرة فتم سرقة الفيديو وتحمليه ثم إعادة رفعه لنشره بشكل واسع من قبل صفحات فيسبوك وحسابات يوتيوب لجهات تابعة للحكومة أو مؤيدة لها وصحف صفراء في إطار حملة اليكترونية الغرض منها الاغتيال المعنوي والتشهير بأمل فتحي. ورغم تقديم هيئة الدفاع ما يدل على ذلك وشهادة الطبيبة النفسية لأمل فتحي عن معاناتها من الاكتئاب المزمن وأعراض الكرب ما بعد الصدمة نتيجة وقائع تحرش سابقة في حياتها والشهادة بما يفيد أن تسجيلها للفيديو ما كان الا صرخة ألم من شخص تعرض للتحرش الجنسي ويعالج نفسيا. وقد افادت تقارير طبية أعدها أطباء بسجن القناطر – محل حبسها – بمعاناة أمل فتحي من الاكتئاب المزمن والشخصية الحدية وأن استمرار حبسها فاقم من حالتها النفسية حيث تعرضت لشلل مؤقت بساقها اليسرى لمدة أسبوعين وتتعرض لنوبات فزع متكررة.
كانت نيابة المعادي قد أحالت أمل فتحي للمحاكمة أمام محكمة جنح المعادي، وتم تحديد السبت 11 أغسطس أولى جلسات المحاكمة. وفي 22 سبتمبر الماضي تم حجز القضية للنطق بالحكم يوم 29 سبتمبر.
مازالت أمل فتحي محبوسة احتياطيا منذ 19 يونيو 2018 على ذمة قضية ثانية (القضية رقم 621 لسنة 2018 حصر أمن الدولة العليا) بعد قرار اخلاء سبيلها في قضية المعادي حيث يتم تجديد حبسها لمدة 15 منذ ذلك الحين وعدم تمكين محاميها من الاستئناف على قرارات الحبس من قبل نيابة أمن الدولة وهو انتهاك شائع ضد المتهمين ترتكبه نيابة أمن الدولة.
تواجه أمل فتحي في تلك القضية الاتهام بالانضمام لجماعة “إرهابية مع العلم بأغراضها”، استخدام موقع على شبكة المعلومات الدولية لنشر أفكار تدعو لارتكاب “أعمال إرهابية،” وإذاعة أخبار وإشاعات “كاذبة عمدا من شأنها تكدير الأمن العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة”. وأمل فتحي ليست الوحيدة المتهمة في تلك القضية، بل هناك العديد من النشطاء المتهمين أيضا في ذات القضية مثل شادي الغزالي حرب وشادي أبو زيد وشريف الروبي ومحمد إبراهيم (أوكسجين) غيرهم. وكانت آخر جلسة تجديد حبس في تلك القضية يوم 26 سبتمبر، وقررت نيابة أمن الدولة تجديد حبس أمل 15 يوما على ذمة التحقيقات للمرة التاسعة، على أن يكون موعد جلسة التجديد القادمة يوم 14 أكتوبر 2018.
إن ما تتعرض له أمل فتحي هو تنكيل مقصود وواضح بغرض التخويف وقمع أي أصوات تحاول التعبير عن رأيها، وكذلك انتقام من عمل المفوضية المصرية للحقوق والحريات والتي يعمل زوجها مديرا تنفيذيا لها. وهي ليست أولى الانتهاكات التي يتعرضون لها. كما تتزامن تلك الانتهاكات بحزمة من الانتهاكات الأخرى التي يتعرض لها المجتمع المدني في مصر والنشاط السياسي بشكل عام من قمع وترهيب واختفاء قسري واحتجازات تعسفية وتلفيق قضايا ضد العديد من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وتطالب المفوضية المصرية للحقوق والحريات بالإفراج الفوري غير المشروط عن أمل فتحي وإسقاط كافة التهم عنها. كما تطالب بالإفراج عن جميع معتقلي الرأي في السجون المصرية احترام لحرية الرأي والتعبير التي يكفلها الدستور.