المفوضية المصرية للحقوق والحريات: على السلطات المصرية وقف الفحوص الشرجية القسرية والإفراج الفوري غير المشروط عن ملك الكاشف
القاهرة 3/11/2019
تدين المفوضية المصرية للحقوق والحريات تعرض ملك الكاشف للفحص الشرجي القسري والتحرش الجنسي من قبل بعض العاملين بوزارة الصحة، وتحمل وزارة الداخلية المسؤولية كاملة عن السلامة الجسدية والنفسية لملك وضمانة عدم تعرضها لأية ممارسات أو إجراءات من شأنها الحط من كرامتها الإنسانية والجسدية.
حيث وثقت المفوضية شهادة ملك بأنها تعرضت للفحص الشرجي القسري والتحرش الجنسي أمس بأحدي المستشفيات الحكومية، وهو الأمر الذي يعد شكلا من أشكال المعاملة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة، والتي ترتقي للتعذيب، ويتوجب على السلطات المصرية التوقف الفوري عن هذه الممارسات المهينة والإفراج غير المشروط عن ملك الكاشف كونها سجينة رأي ينبغي صون حقها في التعبير عن رأيها لا الزج بها في غياهب السجون وانتهاك كرامة جسدها.
ملك الكاشف هي عابرة جنسيًا، تعاني من اضطراب الهوية الجنسية وتخضع لمراحل متقدمة من عملية تصحيح الجنس، وتمتلك التقارير الطبية اللازمة لإثبات حالتها الصحية الصادرة عن مستشفى الحسين الجامعي، والتي كانت بحوزتها أثناء إلقاء القبض عليها. ورغم قيد نوعها الاجتماعي بالأوراق الثبوتية على أنها “ذكر”، وهو ما يكشف عن معاناة العابرين جنسيا في مصر، إلا أنه يجب معاملتها على أنها أنثي، وتوفير ظروف الاحتجاز الملائمة لها كأنثى، لا تعريضها للتحرش الجنسي وإخضاعها لفحوصٍ حاطة بالكرامة الإنسانية ومن شانها تعريضها للإيذاء الجسدي والمعنوي. وتعتبر المفوضية المصرية للحقوق والحريات تعريض ملك الكاشف لهذا النوع من الفحوصات انتهاكا صارخا للخصوصية والكرامة الإنسانية، ونمطًا من أنماط التمييز والعنف ضد جماعات الأقليات الجنسية بمصر، وكذلك دربا من دروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والتي ترتقي للتعذيب.
وقد اعتبر فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي بالأمم المتحدة عام 2009، أن الفحوصات الشرجية القسرية التي تجريها السلطات المصرية، بعديمة القيمة الطبية في تحديد ما إن كان الشخص قد انخرط في ممارسة من الممارسات الجنسية المثلية، وبأنها تمثل انتهاكًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان وتمثل مخالفة للحظر المفروض على التعذيب بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984. كذلك أوصت لجنة مناهضة التعذيب مصر، في تقريرها لعام 2002، باتخاذ الخطوات الضرورية لإنهاء كافة أشكال المعاملة المهينة أثناء الفحوصات الجسدية. أيضًا وجه المفوض السامي لحقوق الإنسان توصيات بحظر الإجراءات الطبية القسرية التي تفرضها بعض الدول على العابرين جنسيًا، وكذلك ضمانة حقهم في الحصول على أوراق ثبوتية تعكس هويتهم الجندرية المحددة ذاتيًا.
كانت ملك في زيارة لدى إحدى صديقاتها يوم 5 مارس 2019، وفي فجر 6 مارس تلقت اتصالا هاتفيًا من والدتها تخبرها بأنها في حالة إعياء شديدة وطلبت منها الحضور إلى المنزل. فسارعت ملك إلى المنزل فوجدت انه ” كمين ” قد تم إعداده بواسطة ضباط الشرطة وأنهم أجبروا والدتها على إجراء هذه المكالمة وتم إلقاء القبض عليها. وظلت ملك مختفية وغير معلوم مكان وظروف احتجازها حتى عُرضت على نيابة أمن الدولة يوم السابع من مارس.
وقد تم التحقيق مع ملك في القضية رقم 1739 حصر أمن دولة، حيث توجه اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية، وفقًأ للمادة 12 من قانون مكافحة الإرهاب لعام 2015، مما يعرضها لعقوبات جسيمة قد تصل للسجن المشدد، وأيضا تواجه اتهامات باستخدام حساب على شبكة المعلومات الدولية، الفيسبوك، لارتكاب جريمة معاقب عليها قانونًا وفقًأ للمادة 27 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لعام 2018، مما يعرضها لعقوبة إضافية قد تصل للسجن لمدة لا تقل عن عامين وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنه. وذلك على خلفية تعربيها عن آراءها عبر حسابها الشخصي على موقع الفيسبوك عن حادثة قطار محطة مصر والذي قتل فيه عشرات المواطنين.
وتحذر المفوضية المصرية للحقوق والحريات من الهجمة الشرسة التي يتعرض لها المواطنين المصريين نتيجة التعبير عن آراءهم واستخدام ترسانة القوانين والتشريعات، شديدة السوء، على نحوٍ يعصف بجوهر الحقوق والحريات الأصيلة للمواطنين المصريين المحمية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وكذلك الدستور المصري. وقد حملت المفوضية المصرية للحقوق والحريات المسؤولية المباشرة لوزارة الداخلية عن سلامتها الجسدية وضمانة عدم تعرضها لأية لأفعال أو تصرفات من شأنها المساس بكرامتها الإنسانية، وكذلك ضمانة توفير ظروف الاحتجاز المناسبة لحالتها الصحية.
وتعيد المفوضية المصرية للحقوق والحريات التذكير بالتزامات مصر الدولية والدستورية تجاه مناهضة التعذيب وغيره من دروب المعاملة غير الإنسانية، وفقًا للمادة 2 والمادة 16 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984، والمادة السابعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، وكذلك المواد 51، 52، 55،60 من الدستور المصري لعام 2014. وكذلك تشدد المفوضية على التزام مصر بضمانة حظر التمييز على أي أساس، واتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على التمييز، لا سيما ضد الأقليات الجنسية، وفقًأ للمادة 53 من الدستور المصري.
وعليه إذ تطالب المفوضية المصرية للحقوق والحريات السلطات المصرية بالتوقف فورا عن مثل تلك الممارسات المهينة ضد ملك وغيرها من عابري الجنس, والإفراج عن ملك الكاشف دون قيد أو شرط وإسقاط جميع التهم الموجهة ضدها.