الحمامات المدرسية، صحة وسلامة للطلاب .. أم مخاطر وتأثيرات سلبية .. !
يعد اليوم العالمي لدورات المياه احتفال سنوي للأمم المتحدة منذ عام 2013. وقد احتفلت المنظمة العالمية لدورات المياه بهذا اليوم لأول مرة في عام 2001.
ويُقام اليوم العالمي لدورات المياه كل عام في 19 نوفمبر للاحتفال بدورات المياه وزيادة الوعي بالأشخاص الذين يعيشون دون الوصول إلى خدمات الصرف الصحي المدارة بأمان.
طبقا لمنظمة الصحة العالمية، حالات الوفاة الناجمة عن الإسهال تقدر بنحو 505000 كل عام، و تعد دورات المياة المدرسية غير النظيفة أحد التهديدات الصحية التى تؤثر على سلامة الطلاب في المدارس بعدة طرق، فعلى الرغم من كون الحمامات المدرسية مكان للحفاظ على النظافة الشخصية إلا أنه في حالة عدم نظافة هذه الأماكن بالشكل الكافي يمكن أن تصبح مصدرا للعديد من المشاكل التي يمكن أن يتعرض لها الطلاب، سواء مشاكل صحية عن طريق انتقال الأمراض المعدية للطلاب، أو مشاكل نفسية بسبب عدم إمكانية استخدام الحمام بشكل سليم.
مصدر الصورة: موقع الامم المتحدة
مشاكل الحمامات المدرسية ببعض المدارس
رصدت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، على بعض وسائل التواصل الاجتماعي، شكاوى من أولياء الأمور بخصوص عدم نظافة الحمامات، ومخاوف من أولياء الأمور ومن الطلاب بشأن دخول الحمام والإصابة بعدوى منه بسبب عدم نظافته.
حيث تراوحت الشكاوى بين: عدم رغبة الطلاب دخول الحمام بسبب عدم نظافته ورائحته الكريهة، بسبب عدم نظافة الأرضيات وجدران المرحاض، وفي حالة دخول الطلاب مضطرين إلى الحمام فإن ذلك يحدث حالة من الاستياء وعدم الراحة، أما في المدارس الحكومية بشكل خاص تزايدت شكاوى الطلاب من عدم امكانية غلق كل أبواب الحمامات بقفل (ترباس، كما يطلق عليه بعض أولياء الأمور)، مما يتسبب في تكدس الطلاب على عدد أقل من الحمامات، ومخاوفهم من دخول أشخاص فجأة في حالة اضطرارهم لاستخدام حمام بدون قفل.
أما بالنسبة للمياه، فبعض المدارس لا يتوفر بها خزان مياه لاستخدامه في حالة انقطاع المياه، مما يتسبب في عدم قدرة الطلاب على استخدام المياه لغسل الأيادي، أو استخدام الحمام والحفاظ على نظافته، كم تكررت الشكاوى بخصوص الانقطاع المتكرر للمياه بدورات المياه.
وكانت من ضمن الشكاوى، شكوى متعلقة بقلة عدد الحمامات مقارنة بأعداد الطلاب، مما يتسبب في
تكدس عدد كبير من الطلاب على الحمامات في أوقات الراحة، و الاضطرار لاستخدام الحمام لأكثر من طالب بدون إتاحة تنظيفه بينهم.
وبخصوص عدم توفر الصابون في المدارس، جاءت شكاوى من أولياء الأمور بسبب عدم توفر الصابون بحمامات المدارس ليتمكن الطلاب من غسل أيديهم بعد استخدام الحمام، وبعض المدارس تطالب أولياء الأمور بأن يوفرا بأنفسهم الصابون والمطهرات للطلاب.
وتوصلت بعض مناقشات أولياء الأمور بخصوص عدم نظافة الحمامات إلى أن هناك مشكلة أخرى تكمن في قلة عدد العاملين والعاملات المسؤولين والمسؤولات عن تنظيف الحمامات، ومع وجود ضغط على الحمامات بسبب أعداد الطلاب المرتفعة يصبح تنظيف الحمامات بشكل دوري بين كل طالب والآخر صعب بسبب عدم توفر العمالة الكافية لذلك.
الأضرار الصحية الناتجة عن تلوث حمامات المدارس
تتمثل الأضرار الصحية التي يمكن أن تتسبب بها الحمامات غير نظيفة في انتشار العدوى وانتقال الأمراض للطلاب، فبعض الأمراض يمكن أن تنتقل بسبب استخدام حمام غير نظيف، مثل عدوى القناة الهضمية، وهي الأكثر شيوعا بين أنواع العدوى التي يمكن أن تنتقل بسبب الحمامات غير النظيفة، وهي عدوى تسببها بكتريا منقولة عن طريق البراز، مثل البكتريا القولونية، حيث يمكن لأنواع من البكتريا الانتقال عن طريق الأسطح والتسبب في حدوث أعراض خطيرة مثل الإسهال والمغص وغيره.
أما الاتصال بالأسطح الملوثة في الحمامات كالحائط أو الحمام نفسه يمكن أن ينقل بعض الأمراض عند ملامستها دون غسل اليدين، حيث يمكن أن تنتقل السالمونيلا عن طريق لمس أسطح ملوثة بالبكتريا المسببة للمرض ثم استخدام اليد في الأكل بدون غسلها.
كما أن عدم الاهتمام بنظافة الحمامات وعدم توفر المياه بها بشكل كافي يمكن أن يعرض الطلاب للإصابة بأمراض طفيلية كالدودة الدبوسية، ففي حالة ملامسة أسطح ملوثة ببراز يحتوي على بيض هذا النوع من الديدان وتناول الطعام بعدها بدون غسل الأيدي، ينتقل المرض للشخص السليم.
التأثير النفسي على الطلاب بسبب الامتناع عن دخول حمامات المدارس
بعض الأطفال لا يستطيعون استخدام الحمامات المدرسية مما يؤثر عليهم بشكل سلبي، فبعض الأطفال يقومون بالامتناع عن استخدام حمام المدرسة بسبب عدم نظافته خوفا من انتقال الأمراض لهم، وعلى المدى الطويل يمكن أن يتسبب الامتناع عن دخول الحمام في الإصابة بالإمساك أو التهابات المثانة.
كما أن غياب وسيلة مهمة من وسائل الراحة والنظافة مثل الحمامات النظيفة، يمكن أن تتسبب زيادة التغيب من عن المدرسة، وعدم رغبة الطلاب في الذهاب لها بسبب عدم تمكنهم من استخدام الحمام وقت الحاجة.
مرضى السكري الأكثر تأثرا بسبب الحاجة إلى دخول الحمام بشكل منتظم
طبقا لمنظمة الصحة العالمية فقد وصل عدد الأشخاص المصابين بداء السكري إلى 422 مليون في عام 2014، وبحسب المنظمة فإن داء السكري ينتشر في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بشكل أسرع من انتشاره في البلدان مرتفعة الدخل.
وفي عام 2019 تسبب داء السكري في حدوث 1.6 مليون حالة وفاة، وفي الفترة بين عامي 2000 و 2019 ارتفعت معدلات الوفيات الناتجة عن داء السكري في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا بنسبة 13%.
ووفقا لمنظمة الاتحاد الدولي للسكري، فإن مصر تحتل المركز العاشر من حيث أعداد الإصابات في الأعمال بين (20 – 79 ) عاما، بواقع 10.9 مليون شخص مصاب، وهو أعلى رقم للإصابات في الدول العربية.
أما بالنسبة لأعداد الإصابات تحت العشرين عاما فقد بلغ عددها في جمهورية مصر العربية 14.029.
ووفقا لما سبق فإننا نجد أن عدم نظافة الحمامات المدرسية يعرض الطلاب المصابين بداء السكري للخطر، وذلك لأن الدخول المنتظم للحمام أمر مهم للغاية لمرضى داء السكري، حيث تزداد الحاجة للتبول إذا كانت مستويات السكر في الدم غير مستقرة، وعدم دخول الحمام بشكل منتظم يمكن أن يتسبب في زيادة نسبة السكر في الدم، وهو ما يعرضهم لحدوث مضاعفات.
كما أن عدم نظافة الحمامات المدرسية يعرض الأطفال من مرضى السكري إلى الضغط النفسي، حيث أن الامتناع عن دخول الحمام يمكن أن يزيد من التوتر لدى الطلاب مما يؤثر على عملية تنظيم مستويات السكر في الدم.
محاولات لحل المشكلة
من جانب آخر، نحاول توعية الطلاب وأولياء الأمور بشأن تعليمات الشروط الصحية لكل من المدارس الخاصة ورياض الأطفال فيما يخص مياه الشرب والمرافق الصحية، والمطالبة بتعميم الشروط على كافة المدارس الحكومية وخصوصا في الأرياف والمدارس التي تعد كثافتها الطلابية كبيرة.
بخصوص المرافق الصحية، أوضحت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني ضرورة وجود الحمامات في موقع بعيد عن الفصول، وأن تكون أرضيتها مائلة بشكل كافي ليسهل تنظيفها، على أن يتم فصل المرافق الصحية للطلاب الكبار (سبع سنوات فيما فوق ذلك) عن المرافق الصحية للطلاب الأصغر.
وبخصوص حمامات المدرسة، يتضح في شروط الوزارة أن يتم توفير مرحاض واحد لكل 40 طالبا، ومرحاض لكل 30 طالبة، وأن تكون أبعاد المرحاض لا تقل عن 70 سم فى 100 سم، وأن تكون أرضية المرحاض وجدرانه مبطنة من البورسلين، وبالنسبة للجدار يجب أن يكون مبطن بما لا يقل عن متر.
كما يجب أن تكون الحمامات بالمدارس جيدة التهوية، وبها إنارة جيدة وكافية للطلاب، ووجوب وجود باب يمكن إغلاقه لتوفير خصوصية للطلاب، مع ضرورة وجود سلة مهملات داخل كل مرحاض، وتوفير مصدر مياه داخل كل مرحاض.
أما بخصوص شروط مياه الشرب، فقد جاءت الشروط بتزويد المدرسة بمياه من الشبكة العامة أو من
مصدر آمن موافق عليه من وزارة الصحة، ووجوب تخزين المياه ضمن خزانات موافق عليها صحيا وبعيدة عن مصادر التلوث، وتوفير كمية كافية للطلاب والعاملين والعاملات في المدرسة بمعدل (1م3/50 شخص ).
كما وضحت الشروط ضرورة توفير صنابير مياة للشرب بمعدل صنبور واحد لكل 30 شخص، على أن تكون هذه الصنابير بعيدة عن المرافق الصحية، وأن تكون درجة حرارة المياه المخصصة للشرب مقبولة.
مصدر الصورة: موقع الأمم المتحدة
توصيات
لضمان نظافة حمامات المدارس وتقليل مخاطر انتقال الأمراض بين الطلاب، يمكننا اتباع مجموعة من التوصيات التي تؤدي لتوفير بيئة صحية آمنة للطلاب، ومن هذه التوصيات:
– تنظيف الحمامات بانتظام: يجب تنظيف الحمامات عدة مرات في اليوم حسب الحاجة، باستخدام مواد مطهرة ومعقمات قوية لضمان القضاء على الجراثيم والفيروسات، كما يجب الاهتمام بتنظيف الأسطح الأكثر إستخداما مثل مقابض الأبواب وأزرار تدفق المياه ومقاعد المراحيض.
– توفير أدوات النظافة: يجب توفير صابون الأيدي في جميع الحمامات لضمان غسل الأيدي بعد استخدام الحمام، كما من المهم توفير بخاخات معقمة للحمام في كل حمام ليتمكن كل طالب من رش المعقم على مقعد الحمام قبل الجلوس عليه.
– إشراف ومراقبة على نظافة الحمامات بشكل دوري: يجب عمل زيارات للمدارس بشكل دوري للتفتيش على نظافة الحمامات والتأكد من تطبيق معايير النظافة بها، كما يجب تعيين عدد كافي من العاملين المدربين لضمان نظافة الحمامات في كل الأوقات، والتأكد من فصل حمامات الذكور عن حمامات الإناث.
– توفير تهوية جيدة في الحمامات: التأكد من أن الحمامات بها نوافذ تسمح بتهوية الحمام بشكل كافي لتقليل الرطوبة ومنع نمو الفطريات والبكتريا.
– توعية الطلاب بحقوقهم وبالعادات الصحية السليمة: يجب توعية الطلاب بحقهم في وجود حمامات مناسبة ولائقة في المدرسة، مع توعيتهم بالشروط الواجب توافرها في الحمامات، وبجانب ذلك يجب عمل حملات توعية بأهمية غسل اليدين جيدا بعد استخدام الحمام، وتشجيع الطلاب على الإبلاغ عن أي مشكلات تخص نظافة الحمامات.
– صيانة دورية للحمامات في المدارس: يجب عمل صيانة دورية للحمامات لضمان انها تعمل بشكل سليم، والتأكد من سلامة الأبواب والمقابض والأقفال لضمان الخصوصية للطلاب، والاهتمام بعمل صيانة دورية للصنابير ووحدات تدفق المياه بالحمامات.
– التحكم في عدد المستخدمين: يجب التحكم في عدد المستخدمين للحمامات خصوصا في المدارس الحكومية ووضع شروط واضحة لذلك، فعلى سبيل المثال يمكن تقسيم أوقات الراحة بين الصفوف لضمان عدم تكدس الطلاب في الحمامات، وخلق مساحة كافية من الوقت لتنظيف الحمامات بين كل صف والآخر.
– إزالة القمامة بانتظام من الحمامات: يجب إزالة القمامة من الحمامات بشكل منتظم بجانب تنظيفها بشكل دوري، لمنع تراكم القمامة التي تحتوي على بقايا ملوثة يمكن أن تسبب في أمراض للطلاب.