تطالب المفوضية المصرية للحقوق والحريات السلطات المصرية بإيقاف أعمال الإخلاء القسري فوراً لأهالي منطقة “نزلة السمان” وإيقاف عمليات هدم منازلهم بالقوة الجبرية، وسحب قوات الأمن من المنطقة وإطلاق سراح المحتجزين من الأهالي المدافعين عن منازلهم والرافضين تركها.
فمنذ يوم الخميس الماضي 17 يناير 2019 بدأت قوات تابعة لمديرية أمن الجيزة بالتدخل لهدم عقارات قائمة بمنطقة نزلة السمان وطرد سكانها منها، الأمر الذي أدي لتجمع الأهالي بالأمس الأحد الموافق 21 يناير 2019 في تظاهرات ووقفات أمام منازلهم رافضين عمليات الإخلاء القسرية التي تقوم بها السلطات المصرية بحقهم. وقد حظر الدستور المصري الإخلاء القسري في الفتنص ها السلطات المصرية بحقهم،مادة :63 “يحظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم. كما يعد أيضا ما حدث انتهاكا للحق في توفير حياة آمنة بحسب نص الدستور المصري في مادته :59 ” الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها وفي مستوي معيشي كاف للفرد ولأسرته”. كما يعد أيضا انتهاكا لحق الإنسان في الحياة وحقه في توفير حياة آمنة والحق في المسكن الملائم بحسب المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والملزمة للحكومة المصرية, وخاصة العهد الدولي الخص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كما قامت أيضا قوات الأمن باعتقال 12 مواطنا من المتجمعين وهم ” حسن الزمر فايد، محمد حسن الزمر، عمرو جمال الدين صلاح، حسن جمال فايد، أمير فؤاد فايد، فؤاد أمير فايد، محمد صوابي الجابري، طارق الميموني، محمد عادل فايد، اشرف ياسين الجابري، هاني ياسين الجابري، إسلام عبد الكريم الجابري”.
وتتولي المفوضية المصرية للحقوق والحريات حاليا تقديم الدعم القانوني للمحتجزين من الأهالي.
نزلة السمان هي أحد النطاقات الواقعة داخل الحيز الجغرافي لمحافظة الجيزة وهي المنطقة المجاورة مباشرة لأهرامات الجيزة، ومعظم سكانها يعملون في الخدمات السياحية وهي مصدر دخلهم الوحيد. وترجع عمليات تطوير منطقة نزلة السمان إلى أواخر عهد مبارك. ففي عام 2002 أقيم سور بحوالي طول 18 كيلومتر لعزل نزلة السمان عن هضبة الأهرامات. وفي عام 2009 ومع تقديم مخطط القاهرة 2050 من جانب الهيئة العامة للتخطيط العمراني والذي كان يتولى رئاستها آنذاك المهندس مصطفي مدبولي, رئيس مجلس الوزراء الحالي, قامت الهيئة بعرض مخطط تنمية نزلة السمان والتخطيط لإزالة جميع العقارات العشوائية المحيطة بمنطقة الأهرامات، حيث شملت خطة التطوير تحويل نزلة السمان إلى مزار سياحي كبير نظرا لموقعها الاستراتيجي الواقع بين الأهرامات والمتحف المصري الكبير. وعليه تم التخطيط لنقل 53392 مواطنا من سكان نزلة السمان على مدى 6 سنوات إلى نطاقات أخرى، بتكلفة 1.5 مليار جنيه، ولم يتم تحديد تلك الأماكن التي بالطبع يجب أن يراعي فيها معايير السكن الملائم خاصة توفير فرص العمل خاصة العمل في الخدمات السياحية نظرا لطبيعة عمل سكان المنطقة. وبدا أنه من الملحوظ هو عدم أخذ رأي السكان في الاعتبار على الرغم من أنهم العامل الرئيسي في عملية التطوير. ففي يونيو 2014 تم عقد اجتماع من قبل مجموعة البيئة والتنمية لمناقشة تطوير لمناقشة نتائج الخطة التنموية وشارك في الجلسة ممثلين عن الهيئة العامة للتخطيط العمراني وممثلين حكوميين وعاملين بالآثار والسياحية واقتصرت دعوة الأهالي على كبار العائلات أصحاب النفوذ والذين قاطعوا الاجتماع وانسحبوا بعد علمهم بأن الحكومة تخطط لإزالة جميع المباني بنزلة السمان.
كما تطالب المفوضية المصرية للحقوق والحريات السلطات المصرية بالالتزام الكامل بمعاهدات مصر الدولية بشأن الحق في السكن الملائم و الحماية من الإخلاء القسري كجزء من “الحق في مستوى معيشي كاف” كما جاء في المادة 11(1) من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966. ويذكر التعليق العام رقم 7 لسنة 1997 الصادر من لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و المنبثقة عن العهد أنه:
– قبل القيام بأية عمليات إخلاء يجب على الدول الأطراف أن تضمن أنه قد تم بحث جميع البدائل المتاحة بالتشاور مع المتضررين، بغية تجنب، أو على الأقل الحد من الحاجة إلى استخدام القوة.
– ينبغي توفير سبل الانتصاف أو الإجراءات القانونية للمتضررين من أوامر الإخلاء.
– يتعين على الدول الأطراف أيضا ضمان أن جميع الأشخاص المعنيين لهم الحق في التعويض الكافي عن أية ممتلكات قد تضررت.
-ينبغي ألا تسفر عمليات الإخلاء عن تشريد الأفراد أو تعرضهم لانتهاك حقوق الإنسان الأخرى. وفى الحالات التي يكون فيها المتضررون غير قادرين على إعالة أنفسهم، يجب على الدولة الطرف أن تتخذ جميع التدابير المناسبة، وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، لضمان إتاحة السكن البديل اللائق، و/أو إعادة التوطين أو الوصول إلى الأراضي المنتجة، حسب ما تكون الحالة.
– في الحالات التي يعتبر فيها للإخلاء ما يبرره، ينبغي تنفيذه في امتثال صارم للأحكام ذات الصلة من القانون الدولي لحقوق الإنسان وفقا للمبادئ العامة للمعقولية والتناسب.
كذلك تبنى التعليق العام رقم 7 مجموعة من إجراءات الحماية التي ينبغي تطبيقها فيما يتعلق بعمليات الإخلاء كما يلي:
1-فرصة التشاور الحقيقي مع المتضررين.
2-منح مهلة كافية ومعقولة لجميع المتضررين قبل التاريخ المقرر للإخلاء
3-عندما يتعلق الأمر بجماعات من الناس، يجب حضور مسئولين حكوميين أو ممثلين عنهم أثناء عمليات الإخلاء.
4-توفير، حيثما أمكن، المساعدة القانونية للأشخاص الذين هم في حاجة إليها من أجل التظلم أمام المحاكم.
والمفوضية المصرية للحقوق والحريات إذ تقف بجانب عمليات التطوير والتنمية, إلا أننا نرفض تماما انتهاك السلطات المصرية للقانون الداخلي والمعاهدات الدولية. كما نرفض استخدام العنف والقوة بديلا عن التشاور وتوفير سبل الانتصاف القانونية العادلة، الأمر الذي مازال يتكرر في طريقة ونهج السلطات التنفيذية في التعامل مع المناطق العشوائية، والذي يتم دائما مقابلته بالقوة من طرف الأهالي المتضررين كما حدث من قبل في جزيرة الوراق واستخدام القوة وسقوط أحد المواطنين قتيلا.