–
احتجاج سلمي يسلكه السجناء وذويهم، تنديدًا بانتهاكات تواجههم عندما يتم التضييق عليهم من خلال التحقيق معهم أو حبسهم على ذمة قضايا ليست لهم علاقة بها. ومن طرق الاحتجاجات التي يلجأ إليها السجناء هي الإضراب عن الطعام، بسبب الظلم الواقع عليهم، أو طول فترة حبسهم، أو تلفيق قضايا لهم، بحسب وصفهم. وخلال الفترة الماضية لجأ عدد من المسجونين إلى الإضراب عن الطعام اعتراضًا على وضعهم داخل السجن.
جلال البحيري
في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر الجاري، أعلن الشاعر جلال البحيري الدخول في إضراب عن الطعام، بسبب طول مدة حبسه.
وتعد هذه المرة الثانية التي يدخل البحيري في الإضراب عن الطعام، بسبب أوضاعه داخل السجن. وكان قد قرر، الدخول في إضراب كلي عن الطعام والعصائر، في مطلع يونيو الماضي، للمطالبة بالإفراج عنه.
جاء قرار إضرابه عن الطعام بالتزامن مع بدء عامه السادس في السجن، حيث بدأ الإضراب بشكل جزئي، منذ يوم 5 مارس الماضي، داخل محبسه بسجن بدر 1، حتى أعلن الدخول في إضراب كلي.
وأوضح في رسالة له من داخل الحبس، أنه قرر الدخول في إضراب كلي عن الطعام، بسبب الأوضاع السيئة في السجن، ومنع دخول الأقلام والورق داخل محبسه، فضلا عن استمرار إضاءة الزنزانة طوال 24 ساعة وقصر مدة الزيارة التي تستغرق 20 دقيقة.
يذكر أنه ألقي القبض على الشاعر جلال البحيري، في 3 مارس 2018، من مطار القاهرة بناء على بلاغ مقدم ضده يتهمه بإهانة رئيس الجمهورية.
وفي يوليو 2018، حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ، وغرامة 10 آلاف جنيه، بسبب ديوان شعر ألفه اعتبرته المحكمة العسكرية إساءة للمؤسسة العسكرية وقياداتها.
أنهى البحيري حبسه في الحكم الصادر ضده في القضية رقم 4 لسنة 2018 جنح المدعي العام العسكري، لكن ظل محتجزًا بقسم شرطة كفر شكر، من يوم 5 أغسطس 2021 إلى 16 من نفس الشهر، ثم تم نقله إلى مقر الأمن الوطني ببنها ، حتى ظهر في 5 سبتمبر 2021 متهمًا في القضية رقم 2000 لسنة 2021.
ووجهت نيابة أمن الدولة العليا له اتهامات: الانضمام لجماعة إرهابية، ونشر وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن العام.
هشام قاسم
أيضًا قرر الكاتب والناشر هشام قاسم، رئيس مجلس أمناء التيار الحر، الدخول في إضراب عن الطعام، معلنًا عن إضرابه خلال انعقاد أولى جلسات محاكماته. وبذلك يكون قد مضى على إضرابه 20 يوما.
ومن جهتها، حملت المنظمات الحوقيقية في بيان مشترك لها، السلطات المصرية المسؤولية الكاملة عن سلامة وصحة السيد هشام قاسم، المضرب عن الطعام في محبسه منذ نقله إلى سجن العاشر من رمضان في 22 أغسطس 2023.
وتطالب المنظمات بالإفراج الفوري عنه والكف عن ممارسات الاستهداف والتنكيل بالمعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
ومن المنظمات الموقعة بجانب المفوضية المصرية للحقوق والحريات: ” مؤسسة دعم العدالة، المنبر المصري لحقوق الإنسان، هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، مؤسسة دعم القانون والديمقراطية، المركز العربي لدراسات القانون والمجتمع، مركز النديم، مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، المركز الدولي للإعلام وحرية الرأي والتعبير، إيجيبت وايد لحقوق الإنسان (EgyptWide)”.
وكان هشام قد أخطر محاميه أنه بدأ إضرابا عن الطعام يوم 22 أغسطس 2023، احتجاجا على ممارسات السلطات المصرية تجاهه والتي تهدف إلى التنكيل به واغتياله معنويا منذ أعلن تأسيس التيار الحر في مطلع يونيو السابق.
يذكر أنه تم استدعاء هشام للتحقيق معه بقسم السيدة زينب، على خلفية بلاغ مقدم ضده من وزير لقوى العاملة الأسبق كمال أبو عيطة، يتهمه فيه بالسب والقذف. انتهى التحقيق مع قاسم بإخلاء سبيل وكفالة قدرها 5 آلالاف جنيه.
وفي اليوم التالي، تم استدعاؤه والتحقيق معه على خلفية بلاغ مقدم من ضابط شرطة واثنين من أمناء الشرطة، وتم حبسه بتهمة سب وقذف والاعتداء على مواطن عام. ألقي القبض عليه ونقله إلى سجن العاشر من رمضان وإحالته إلى المحكمة الاقتصادية.
وكانت أولى جلسات محاكمته، يوم 2 سبتمبر2023، حيث تم التأجيل ليوم 9 سبتمبر 2023، وانتهت الجلسة بحجز القضية للحكم يوم 16 سبتمبر الجاري.
وذلك على ذمة القضية رقم ٢٠٢١لسنة ٢٠٢٣ جنح مالية المتهم فيها بسب وقذف كمال أبو عيطة وزير القوى العاملة الأسبق، وتعمد إزعاج أبو عيطة، وإهانة موظف عام بالقول لمباحث السيدة زينب، إضافة إلى تعمد إزعاج قوة مباحث السيدة عبر تدوينة مسيئة على موقع التدوينات المصغر إكس.
واعتبرت منظمات المجتمع المدني أن مايحدث مع قاسم يمثل انتهاك صارخ للحق في المشاركة في الحياة العامة المقر بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الموقع من الدولة المصرية، والذي يعد جزء لا يتجزأ من القانون المصري.
هاني سليمان
وفي السياق ذاته، قرر الدكتور هاني سليمان الدخول في إضراب عن الطعام من داخل السجن، بسبب حبسه وضمه على ذمة قضية واتهامات ملفقة.
دكتور هانى سليمان -67 عامًا- طبيب متخصص فى الأمراض الجلدية لم يعمل به نهائي، سبق له أن ترأس قسم الشرق الأوسط للتسويق فى شركة فايزر للأدوية لمدة 25 سنه.
عمل بوزارة الصحة سنه كخبير تطوير للمستشفيات على مستوى الجمهورية، ثم تركها ويعمل الآن مستشار تسويق لعدة شركات أدوية. بجانب عمله بالتدريس في مجال التنمية البشرية.
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض عليه من منزله، يوم 27 مارس 2023، وتم التحقيق معه في اليوم التالي وإيداعه بسجن (أبي زعبل). وخلال التحقيق معه، أنكر جميع الاتهامات الموجهة إليه. يأتي ذلك على ذمة القضية رقم 508 لسنة 2023. يواجه اتهامات نشر أخبار كاذبة، الانضمام لجماعة إرهابية وتمويلها.
وبحسب متابعون على موقع التواصل الاجتماعي ” فيس بوك”، جاء اعتقال الدكتور هاني سليمان على خلفية منشورات له، كتبها على صفحته الخاصة ” فيس بوك”، ينتقد فيها الوضع السياسي والاقتصادي للبلاد.
علاء الدين العادلي
وبالتوازي مع أسرته، قرر الكيميائي علاء الدين سعد محمد العدلي، يوم 10 سبتمبر 2023، الدخول في إضراب عن الطعام والشراب اعتراضًا على حبسه، والتضييق على أسرته أثناء زيارتهم.
وكانت الناشطة المصرية الألمانية فجر علاء، قد أعلنت في مطلع سبتمبر الجاري، عن الدخول في إضراب عن الطعام، بعد تجديد حبس والدها وحبسه دون وجود دليل إدانة ضده.
وبحسب فجر علاء: “انتظرنا أكثر من 6 ساعات! وبعد رؤيته لبضع دقائق، للأسف تم الاعتداء علينا!.. على كل حال أعلن والدي اليومَ عن إضرابٍ جاف بالامتناع عن الطعام والشراب، وقال إنه شيء لا يطاق أن يُسجَنَ المعاقون، والعاجزون، وكبار السن، تعسفياً، وكذلك الأشخاصُ الذين يعانون من مشاكل نفسية. اعتقلوا بدون سبب. الأشخاص الذين لا يستطيعون التحدث عن أنفسهم”.
وأوضحت أن الحالة الصحية لوالدها سيئة، وأنه يعاني من ألم في ذراعه اليسرى وألم بالصدر، لافته إلى أنها من الضابط المسئول إجراء فحوصات لوالدها، للتأكد من عدم وجود أي مرض خطير في القلب.
يذكر أن علاء الدين سعد محمد مقيم في ألمانيا، ألقي القبض عليه عندما وصل إلى مصر يوم 18 اغسطس على متن رحلة مصر للطيران رقم MS786 – الدرجة الاقتصادية، قادمًا من ألمانيا.
تم احتجازه في المطار لمدة تزيد عن ٢٤ ساعة، حيث تم تقديمه أمام نيابة أمن الدولة يوم 20 أغسطس الماضي، متهما على ذمة القضية رقم 716 لسنة 2023 حصر أمن دولة. ويواجه اتهامات الانضمام إلى جماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة.
وأثناء نظر جلسة أمر حبسه، سأل علاء عن سبب حبسه لكنه لم يجد إجابة من المسؤولين.
التوقف عن الانتهاكات
ومن جهتها، ترفض المفوضية المصرية للحقوق والحريات أي محاولات للتضييق على المساجين داخل حبسهم، وتحمل الجهات المعنية المسؤولية الكاملة تجاه السجناء.
وترى أن الإضراب عن الطعام نوع من أنواع الاحتجاج السلمي المشروعة. وتطالب المفوضية بالإفراج الفوري عنهم، خاصة وأنهم لم يرتكبوا أي جريمة سوى أنهم عبروا عن رأيهم، وهي من الحقوق التي يكفلها الدستور والقانون المصري والممثلة في الحق في التعبير.