المفوضية المصرية للحقوق و الحريات
بيان صحفي
القاهرة، 24 أكتوبر 2015
تدين المفوضية المصرية للحقوق والحريات قرار مديرية أوقاف القاهرة التابعة لوزارة الاوقاف بغلق ضريح الإمام الحسين لمدة 3 أيام لمنع المصريين المنتمين إلى المذهب الشيعي من ممارسة شعائرهم الدينية بمناسبة عاشوراء و تعده إنتهاكاً صريحأً للحق في حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية المنصوص عليها بالمادة 64 من الدستور المصري. وترفض المفوضية المصرية للحقوق والحريات ما جاء ببيان الوزارة بتاريخ 22 أكتوبر 2015 حول وصف شعائر المصريين الشيعة بـ “الأباطيل الشيعية التي تحدث يوم عاشوراء” لتنافي التصريح مع ضرورة وقوف وزارة الأوقاف على مسافة واحدة من جميع المذاهب كمؤسسة تنفيذية تابعة للدولة؛ وأنه ليس من دورها التدخل في حرية إعتقاد المواطنين وتصنيف معتقداتهم بين صحيح وباطل.
وترى المفوضية أن الأقليات الدينية في مصر تتعرض إلى تمييز مستمر ضدها منذ عقود فيما يخص الحق في حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية و ذلك بذريعة الحفاظ على الأمن و الوحدة الوطنية بجانب تنامي التيارات المتطرفة علي الساحة الرافضة للتعددية الدينية وفشل الدولة في توفير الحماية الازمة للأقليات الدينية. و في هذا الإطار نقلت صحيفة اليوم السابع أن جماعة سلفية مصرية قد أعلنت عن تشكيل للجنة لرصد الشيعة أمام مسجد الحسين يوم عاشوراء لمنعهم من دخول المسجد و هو ما يقوض دولة القانون و واجب الحكومة في حماية أمن المواطنين و حماية حقهم في إقامة شعائرهم الدينية دون اعتراض آخرين له. و تحمل المفوضية السلطات المعنية مسئولية حماية أمن و سلامة المواطنين الشيعة في ذكرى عاشوراء.
كما تشدد المفوضية المصرية للحقوق والحريات علي ضرورة إعادة النظر في القانون رقم 272 لسنة 1959 بشأن تنظيم وزارة الأوقاف المعدل بقانون رقم 17 لسنة 1966؛ حيث أن المادة الأولي التي أقرت إختصاصات الوزارة لتتضمن “….إدارة المساجد – سواء صدر بوقفها إشهاد أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشرة سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون. ويكون للوزارة الإشراف على إدارة هذه المساجد إلى أن يتم تسليمها، وتتولى أيضا الإشراف على إدارة الزوايا التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الأوقاف وتوجيه القائمين عليها لتؤدي رسالتها الدينية على الوجه الصحيح.” فقد أعطاها القانون الحق المطلق في إدارة المساجد وغاب عنه وضع حدود لهذا الحق أوسبلاً للتظلم من قرارات الوزارة، بل وأنه نص علي أن للوزارة حق توجية القائمين علي إدارة المساجد والزوايا؛ وهو الأمر الذي يمثل إنتهاكاً مقنناً للحق في حرية الإعتقاد. وتطالب المفوضية مجلس النواب القادم بضرورة تنقيح التشريعات المخالفة لدستور مصر 2014 ومنها قانون تنظيم وزارة الاوقاف.
فطبقا للمادة 18 من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية ليس للدولة أن تقيد معتقادات مواطنيها، بل يتمحور دور الدولة في حماية وتنظيم الحق في حرية الإعتقاد حول حماية حق الأفراد في الإعراب عن معتقداتهم وحريتهم في إظهار دينهم أو معتقدهم بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، سواء كان ذالك بشكلٍ فردي أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة، بل وتوفير البيئة الملائمة دون تمييز لضمانة التمتع الكامل بهذا الحق.
إن إغلاق ضريح الإمام الحسين في ذكرى عاشوراء هذا العام ليس السابقة الأولى لإنتهاك حرية الاعتقاد في مصر بل هو أمر معتاد منذ عقود. و بين جملة الإنتهاكات ضد الشيعة في مصر رصدت المفوضية المصرية للحقوق والحريات تعرض مواطنين شيعة، في يونيو 2013، إلى أحداث عنف نتج عنها مقتل 4 مواطنين، من بينهم الداعية الشيعي حسن شحاتة، وإصابة العشرات.
و من أشكال التمييز الديني الأخرى ضد الأقليات الدينية، القيود المفروضة على بناء وترميم الكنائس وما ينتج عنها من أعمال عنف وقتل وإتلاف لممتلكات خاصة ومنشأت ذات طابع ديني. وكانت المفوضية المصرية قد وثقت تلك الأحداث، في حينها، في تقارير سابقة صادرة عنها. بالإضافة إلى استمرار غلق المحافل البهائية ومنع البهائيين من الإعراب عن معتقدهم وممارسة شعائره؛، وتعرض عدداً من المصريين اللادينيين إلى ملاحقات أمنية وخطابات تحريضية باستمرار. المسلمون السنة، أيضاً، لم يسلموا من الانتهاكات التي تنال من حرية عقيدتهم والتي تتمثل في ملاحقات قضائية وأمنية لبعض أصحاب الرأي والكتاب والباحثين إزاء محاولتهم التعبير عن أرائهم الخاصة فى مسائل دينية كإسلام البحيري.
إن المفوضية المصرية للحقوق والحريات تعيد التذكير بإلتزامات مصر الدستورية تجاه الحق في حرية العقيدة بموجب المادة 64 من الدستور الحالي. كما تذكر السلطات المصرية بإلتزماتها الدولية تجاه الحق في حرية العقيدة بموجب المادة 18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966. وتؤكد على وجوب التزام الدولة والعمل على حماية حقوق مواطنيها في إختيار معتقداتهم الخاصة وحرية الإعراب عنها وممارستها بدون تمييز أو إنحياز لدين أو معتقد على حساب الآخر.